حميد المرزوقي: الاتحاد الأوروبي ومسألة الصحراء المغربية أو المقاربة الثلاثية الأبعاد...

حميد المرزوقي: الاتحاد الأوروبي ومسألة الصحراء المغربية أو المقاربة الثلاثية الأبعاد... حميد المرزوقي

لطالما أكدت في عدة مقالات على أن سياسة الاتحاد الأوروبي تجاه دول الجنوب بصفة عامة، ودول أفريقيا بشكل خاص، ليست ظرفية ولا تحكمها اعتبارات شخصية، وإنما تحكمها استراتيجية بعيدة المدى، منذ ميلاد الاتحاد في حلته الأولى بمقتضى اتفاقية روما سنة 1957 التي بموجبها تم الإعلان عن تأسيس اتحاد الدول الست للفحم والفولاذ أو المجموعة الاقتصادية الأوروبية CEE الهدف الأساسي كان التكامل الاقتصادي الأوربي، ومع التطورات التي عرفها العالم تحولت إلى مشروع استراتيجي يروم توحيد أوربا لمواجهة التكتلات الاقتصادية العالمية والاقتصاديات الصاعدة..

 

ومن هذا المنطلق، وبالأخص بعد اتفاقية ماخستريش 1992، تحولت المجموعة إلى اتحاد أوروبي أعلن فيه رغبة الدول الأعضاء تحقيق الوحدة السياسية عن طريق دعم العلاقات الاقتصادية بين الدول المنخرطة؛ وهو ما تم تنزيله بإقرار حرية انتقال الأشخاص والأموال وتوحيد العملة اليورو.. ولتحقيق هذه المرامي البعيدة المدى كان لابد للاتحاد من وضع آليات لحماية هذا المولود الجديد منها على سبيل المثال محاربة ووأد التكتلات الاقتصادية بالقارة الإفريقية، وذلك بفضل سياسة بعيدة المدى تنسف اي تقارب بناء بين الدول الإفريقية وبذلك تم تقسيم إفريقيا إلى خمس مناطق، وتم زرع فيها بؤر تؤثر تعمل بقوة دفع ذاتية، كمسألة الصحراء المغربية والقرن الافريقي ومالي والتشاد وغيرها لتسميم العلاقات بين الدول الأفريقية، ومنع أي تقارب حقيقي بينها واعتماد بعض الدول كالجزائر والتنظيمات المشبوهة كبوكو حرام والبوليساريو، كأداة لتنفيذ هذه السياسة الاستعمارية الجديدة إلى جانب رعايتها بشكل مباشر من طرف دول أوربية على وجه التحديد، كإسبانيا وفرنسا وألمانيا وإيطاليا..

 

ولأحكام هذه الخطة تم إسناد بعض الأدوار لبعض التنظيمات التي تنتمي للمجتمع المدني أو السياسي كمنظمة العفو الدولية ومنظمات حقوقية بألمانيا والدنمارك وإسبانيا؛ وفي نهاية المطاف تم توزيع الأدوار بين الاتحاد الأوروبي ودول أوروبية يعهد لها ملف ما على وجه التحديد، كما هو الشأن بالنسبة لإسبانيا بالنسبة لملف الصحراء المغربية يساعدها في ذلك النظام العسكري الجزائري المسلط على دولة الجزائر…

 

وبذلك تتشكل الصورة النهائية لاستراتيجية الاتحاد الأوروبي في إفريقيا الثلاثية الأبعاد (الاتحاد الاوربي، دول أوربية منفردة، والمجتمع المدني والمنظمات الدولية) السياسة الأوربية المحكمة تتحكم خيوطها في مجريات الأحداث في بؤر التوتر؛ وعلى سبيل المثال في ملف الصحراء المغربية يتم تقسيم الأدوار بشكل مثير بين إسبانيا والجزائر والبوليساريو والاتحاد الأوروبي ومنظمة العفو الدولية لإطالة النزاع إلى أبعد مدى لتسميم العلاقات بين الدول المغاربية ومنع إخراج الاتحاد المغاربي إلى حيز الوجود وتحقيق حلم الشعوب المغاربية.

 

هكذا إذن يحاول البرلمان الأوروبي أن يغطي على هذا السيناريو وتحويل الانتباه المسلط على رعونة السياسة الإسبانية بخصوص استقبالها لزعيم المليشيات الانفصالية البوليساريو باتهام المغرب من طرف البرلمان الأوروبي بإغراقه للمدن المغربية المحتلة سبتة ومليلية بالقاصرين.