"كل مشاكل الجزائر: من أخبار الرئيس المعاق إلى الشاوش المحكور، هي مشاكل سببها "الموغريب"!"، هذه هي الصورة التي تحاول وكالة الأنباء الرسمية الجزائرية ترسيخها في أذهان المتلقي. إذ وأنت تتصفح وكالة الأنباء الجزائرية، لا تعثر على مواكبة إخبارية لهموم الجزائريين، في حين أن الأخبار الطاغية على هذه الوكالة هي: فعل المغرب كذا، وترك المغرب كذا... وهي بذلك تطبق المثل القائل "الجمل يشوف حدبة غيره"، مما يدل على أن الجزائر تشن حربا إعلامية ضد المغرب بعد أن وضعت الحرب التقليدية بين البلدين أوزارها بداية تسعينيات القرن الماضي..
فمن خلال جرد بسيط لأخبار المغرب المنشورة بالوكالة الجزائرية خلال الآونة الأخيرة، نجد أن هذه الأخيرة تجعل من أخبار الأقاليم الجنوبية المغربية مادة رئيسية لها: بدءا من حالات فردية لشطط إداري تقوم الوكالة الجزائرية بالنفخ فيه وتقدمه على انه عنوان انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان بالمغرب!، في ضرب صارخ لكل المفاهيم المتعارف عليها، إلى المواظبة المستمرة للوكالة الجزائرية على نشر واحتضان كل بلاغات جبهة البوليساريو الداعية للحرب، مرورا بأخبار المعطلين والفئات الهشة..
فخلال شهر يوليوز 2017، نشطت الآلة الدعائية لهذه الوكالة، وخصصت قصاصات للمحاكمة التي عرض فيها معتقلو اكديم إزيك كلها كذب وافتراء، والحال أن المحاكمة مرت في ظروف قانونية ضمنت حق المتهمين وراعت حقوق الضحايا بشهادة مراقبين أجانب.. هذا في الوقت الذي تتغاضى فيه وكالة "بلد مليون شهيد"، عن معاناة وأسى عائلات واسر شهداء الواجب وهم يقتلون ويذبحون هناك..
ويبرز سعي الوكالة الجزائرية لإعطاء الطابع الدولي لهذه المحاكمة من خلال تقديم أصوات أجنبية هنا وهنا تطالب بإطلاق سراح معتقلي اكديم إزيك، في محاولة لإحراج الموقف المغربي، والحال أن سجل الحضور في هذه المحاكمات بالرباط مدون فيه أسماء العشرات من الأجانب حقوقيون وإعلاميون تابعوا بشكل ميداني أطوار المحاكمة، ولا تحتاج الوكالة لتضخيم أكثر..
موضوع آخر استرعى باهتمام هذه الوكالة الحربية وهي نشر أخبار المعطلين في الأقاليم الصحراوية، وتغليف مطالبهم في الشغل كزملائهم في الشمال على أنها مطالب سياسية..
وكما أن النظام العسكري الجزائري هو حاضن جبهة البوليساريو، فإن الاحتضان يهم أيضا إعلاميا كل أنشطة الجبهة داخل الأراضي الجزائرية وخارجها، وتقديم ندوات يشارك فيه أشخاص بعدد أصابع اليدين على أنها ندوات دولية.. وندوات تنظم في زقاق من أزقة دول أوروبا أو أمريكا اللاتينية على أنها ذات أهمية عالمية..
ولا يقتصر عمل وكالة قصر المرادية فقط على أخبار الجنوب المغربي، بل حتى الشمال حاضر من خلال الحراك الريفي في الحسيمة، مقدمة إياه على أنه "انتفاضة شعبية" وكذا.. والحال أن انتفاضات حقيقية تعرفها الجزائر العاصمة وغرداية وغيرهما، لا تتم تغطيتها وكأنها تقع في الثلث الخالي..
وتبقى عودة المغرب للاتحاد الافريقي، هي عقدة الجزائر، ويبرز ذلك بشكل واضح في أخبار هذه الوكالة، التي تشن حربا قبل وبعد وأثناء كل لقاء إفريقي مختلف المستويات، يحضره المغرب، وآخره ما وقع في الموزمبيق..
ويخوض النظام الجزائري حربا ضروسا ضد المغرب، محركا من خلال وكالته الإخبارية، دعاية مغرضة، من خلال ما يسمى معركة الثروات والموارد الطبيعية، خصوصا بعد قرار المغرب ترسيم حدوده البحرية..
ولعل أغرب تقرير نشرته الوكالة هو ما قدمته على أنه تحقيق لجريدة بريطانية كشف أن شاطئ صخريا بجزر الكناري تمت تغطيته بـ 70 ألف طن من الرمال المغربية، وبأن "التحاليل" أثبتت أن عينة من الرمال المأخوذة من الصحراء المغربية ورمال تورو لجزر الكناري كلها متشابهة للغاية..
ولن نستغرب غدا أن تنشر وكالة الجزائر تحقيقا مشابها تؤكد فيه أن مافيا الأشجار تصدر شجرة الأركان للمكسيك!!