كريم مولاي: انتخابات الجزائر مسرحية سيئة الإخراج

كريم مولاي: انتخابات الجزائر مسرحية سيئة الإخراج كريم مولاي
كما كان متوقعا أصر القائمون على إدارة الحكم في الجزائر على معاندة التاريخ ودفع المياه في اتجاه المزيد من العلو والاحتقان برفض التمهيد لها بحوار وطني حقيقي يستفيد من أخطاء الماضي ودروس الحاضر الذي أحال بلدانا ذات رصيد تاريخي واستراتيجي الى أثر بعد عين..
وعلى الرغم من كل الضجة الاعلامية التي يؤثثها قادة سياسيون أشبه بكارتونات وأبواق إعلامية عاجزة حتى عن ترجمة إجابات شافية لأسئلة الجيل الجزائري الجديد الذي يرى أنه لا يختلف في شيء عن أجيال العالم المعاصر الذين يطمحون لفعل تاريخي يحقق ذواتهم ويتناسب وتاريخ أجدادهم ممن أسهموا بدمائهم الزكية في رسم خارطة هذا الوطن الشامخ.
وبدلا من الانشغال بالحديث عن سبل مواجهة التداعيات المباشرة لسياسات الفساد والاستبداد التي استنزفت خزينة الجزائر وحالت دون ايجاد بنية تحتية صلبة قادرة على مواجهة أوبئة من نوع كورونا التي لا تزال تحصد أرواح الجزائريين، بدلا من ذلك اختار حكام الجزائر وأعوانهم إطلاق التهديدات تجاه المغرب، وقرقعة السلاح في استعراض للقوة لا يستبعد امكانية الدخول في مواجهة عسكرية في أي لحظة..
ولقد راعني كيف اختار رأس النظام قناة الجزيرة لاستعراض قوة زائفة يدرك العارفون بدواخل الأمور أنها أشبه ما يكون بتهديدات صوتية لا غير، وتوجيه التهديد لقوى اقليمية ودولية إذا ما هددت العاصمة الليبية طرابلس، بينما كانت الحقيقة أنه لولا التدخل التركي لكانت العاصمة الليبية اليوم تحت سيطرة الفاغنر وجنجويد حفتر.
وعوض أن يجيب رأس النظام على أسئلة الجزائريين الحقيقية في مواجهة قوافل البطالة التي احالت الجزائر الى واحدة من اهم البلدان الطاردة لطاقاتها، استمر في ترديد ذات الموال القديم عن الدور الإقليمي للجيش الجزائري تمهيدا للدخول في مهمة اخراج الجيش للدفاع عن اجندات دولية لإعادة رسم خارطة المنطقة.. ولعل في اعلان الرئيس الفرنسي عن سحب قوات بلاده من مالي، تاركا المجال لإمكانية دخول الجيش الجزائري لاستكمال المهمة في دول الساحل والصحراء.
وفي كل تجارب الانتقال الديمقراطي يواجه السياسيون مطالب المعارضة بالاحترام الواجب والجواب السياسي المقنع، الا في الجزائر اختار رأس النظام ان يتهم معارضة بلاده الذين يرفعون مطالب التغيير الديمقراطي بالإرهاب، وهو يعرف انه يتكلم في قناة تلفزيونية عربية استضافت العديد من قيادات الحراك الذين يتهمهم بالإرهاب.
ومع أنني أعرف أن الانتخابات التي يعد لها نظام الحكم في الجزائر غدا مسرحية سيئة الاخراج لن تقدم او تؤخر شيئا في حسابات الجزائريين، الا أنني أخشى من أن تكون بحثا عن شرعية سياسية لم تعد قائمة..
اختار النظام الجزائري القائم أعداءه بوضوح وهم المطالبون بالإصلاح الديمقراطي الحقيقي في الداخل والمغرب خارجيا، وهو اختيار زائف يضع الجزائر مرة أخرى في الطريق الخطأ، ويضيع فرصة كان بالإمكان استثمارها في التأسيس لدولة وطنية لا تواجه فقط استحقاقات البناء الديمقراطي المؤجل، وإنما تجهض محاولات استعمارية جديدة لتأبيد تبعية الجزائر والمنطقة لقوى دولية لا تراعي مصالح بلداننا..
 
كريم مولاي، خبير أمني جزائري