من سمّم لسان «المهندس» محمد حصاد حتى أصبح ناطقا بلسان "ابن تيمية"؟!

من سمّم لسان «المهندس» محمد حصاد حتى أصبح ناطقا بلسان "ابن تيمية"؟!

ماذا حصل للوزير محمد حصاد؟! كيف أصبح يستعير وجه «الدعاة» وفقهاء "التزمّت" و«التشدد»؟ من يسمع خرجات وزير التربية والتعليم الأخيرة يصاب بالحيرة، من يطلع على «مذكرات» محمد حصاد، تتملكه الحسرة على "المهندس" المتنور خريج مدرسة «البوليتيكنيك والقناطر». في الوقت الذي كان يضع الحسابات والمعادلات الرياضية وخطوط الطول والعرض لبناء «القناطر» رضي لنفسه أن يكون «قنطرة» لتمرير المذكرات "الداعشية"!!

بإطلالة سريعة على السيرة «العلمية» لمحمد حصاد، المهندس ابن تافراوت الذي تدرج في عدة مناصب لها صلة وثيقة بميدان التجهيز، قبل أن يختم هذه المسيرة «الناصعة» بتقلده لوزارة الداخلية:

1974: الحصول على دبلوم مهندس من مدرسة بوليتيكنيك بباريس

1976: الحصول على دبلوم مهندس من المدرسة الوطنية للطرق والقناطر بباريس

ما بين 1976 و1981: شغل منصب مدير الأشغال العمومية بأقاليم فاس وتاونات وبولمان

1982: تقلد منصب مكلف بالدراسات لدى وزير التجهيز ثم مدير بالنيابة في التخطيط والدراسات بوزارة التجهيز

ما بين 1983 و1984: تولى منصب المدير العام لوكالة الشحن والتفريغ لميناء الدار البيضاء

ما بين 1985 و1993: عين مديرا عاما لمكتب استغلال الموانئ

1993: نصب وزيرا للأشغال العمومية والتكوين المهني وتكوين الأطر

1995: عين رئيسا مديرا عاما لشركة الخطوط الملكية المغربية

1996: انضم حصاد كعضو إلى مجموعة التفكير التي أسسها الملك الحسن الثاني

1997: تولى منصب رئيس الجمعية الدولية لأرباب النقل الجوي بالبلدان الفرنكفونية في فبراير، ثم رئيس ودادية مهندسي الطرق والقناطر بالمغرب في دجنبر

2012: عينه الملك محمد السادس رئيسا على مجلس الرقابة للوكالة الخاصة طنجة- المتوسط

2013: عينه الملك وزيرا للداخلية

2017: عينه الملك وزيرا للتربية الوطنية والتكوين المهني والتعليم العالي والبحث العلمي...

منذ 1974 وابن تافراوت «يحصد» المناصب السامية، حتى انتهى به المطاف وزيرا للتربية الوطنية قادما إليها من وزارة الداخلية. دخول محمد حصاد إلى «شرنقة» التعليم كان يوازيه أمل وتفاؤل وانتظار وقرارات صارمة لإصلاح منظومة التعليم التي كانت هي «الحصان الأسود» لكل حكومة. حتى خروج ابن تافراوت من حقيبة «الداخلية» ودخوله إلى حقيبة «التعليم» واكبته ضجة إعلامية كبرى، خاصة أن الوافد الجديد من «أم الوزارات» إلى «أفقر الوزارات» مثقل بتجربة ميدانية واسعة، و«جاهز» لجميع التحديات.

ظهرت الملامح الأولى لصرامة محمد حصاد من خلال «التسخينات» الأولية قبل دخول مدرسي ملتهب من خلال الزيارات الميدانية التي كان يقوم بها لبعض المدارس بمدن الهامش... هي بالأحرى لم تكن زيارات تفقدية بقدر ما كانت "رحلات استكشافية" صادمة بالنسبة للوزير الذي انتحل شخصية عالم البحار والمحيطات «جاك إيف كوسطو»، وهو يكتشف مدارس تشبه «مغارات مظلمة» و«جحورا بائدة» في محيطات العالم القروي العميقة، وطاولات تشبه الكراكيب، وحجرات دراسية تشبه منازل العفاريت. ويا له من «اكتشاف» عظيم!! وزير الداخلية السابق صعق من عمق المأساة، وفاجعة واقع التعليم، وحان الوقت ليتحرك وليقوم بعمليات «الإنقاذ» وتنفيذ «المهمة المستحيلة» التي اختاره الملك ليكون هو بطلها... لكن محمد حصاد ليس هو «طوم كروز» ليبهر المغاربة ببهلوانياته وبروح «المغامرة» التي كان على الوزير أن يركبها... وعوض أن يركب دراجة نارية نفاثة امتطى صهوة «دابّة» عجفاء ضامرة البطن تحفها أسراب «الذباب» المتكومة فوق جراحها الغائرة!!

يقولون إن أول الغيث قطرة.. لكن قطرة الوزير محمد حصاد كانت "قطرانا".. وبزلة لسان لا يمكن لمهندس عاش في عاصمة الأنوار، واستنشق هواء الليبرالية، وتنسّم عبق الديمقراطية، أن يخونه خياله، يقوم بتشخيص مشاكل التعليم وأزمة غياب الأساتذة عن حجرات الدرس في "المناضلين اليساريين"، ويصنفها «الفئة الظالمة» التي سيتوعدها بتدابير عقابية و"انتقامية"، وبحسب تعبير محمد حصاد خلال حضوره اجتماع لجنة التعليم والثقافة والاتصال بمجلس النواب يوم 07 غشت 2017 «من يعتبرون أنفسهم مناضلين يساريين عمرهم دارو رجليهم فالقسم». تصريح «شوفيني» ينهل من قاموس أصولي يضع الوزير في قلب العاصفة وموجة الانتقادات من قبل نشطاء مواقع التواصل الاجتماعي، كان من الممكن أن يكون في غنى عنه لو تحلى الوزير بحنكة «المهندس» المتمرّس الذي يقيس كل شيء في حياته بالحساب والمسطرة. هل هي «دهشة البداية»؟ هل هي «زلة اللسان»؟ هل هو فقدان الوعي؟

محمد حصاد المعروف عنه رزانته ودبلوماسيته أصبح يتحدث بلسان «ابن تيمية».. من «سمّم» لسان ابن تافراوت خريج مدرسة «البوليتيكنيك» الذي بدا كأنه خريج كهوف الأصولية؟ من يعرف محمد حصاد عن قرب لا يمكن أن يصدق هذا الرجل الذي أصبح يلبس عباءة الأصوليين، ويقود «الغارات» ضد المناضلين اليساريين، ويقترف قرارات غريبة ويمطط الزمن المدرسي ليوم الجمعة إلى كبد الليل للسماح لرجال التعليم بأداء شعيرة صلاة الجمعة، مستلهما خطاب الأصوليين!!

حصاد الذي نعرفه كأنه يتعرض لأكبر عملية غسل مخّ، المهندس والوالي ووزير الداخلية، الرجل الصارم الذي اكتسب ثقة الملك، لا يمكن أن يكون هو الذي نراه يعتلي منصة البرلمان كأنه يعتلي منبر الجمعة. من نراه ليس هو ابن تافراوت، صاحب المسيرة العلمية الطويلة المشرفة، من نراه ليس سوى وزير من أتباع حزب العدالة والتنمية ينتحل اسم «المهندس» محمد حصاد ليس إلّا!!