من خلال الممارسات الحالية وشحنة ألاجراءات المتخدة في حق معتقلي الحراك المعتبرين أساسا في صفوف زعامته، إضافة الى الخطابات والتصريحات الرسمية بالرغم من التناقضات التي تشوبها يبدو أن المخزن من جهته سيصعد لا محال، وبالتالي لن يتنازل او يتراجع ولو مقياس شبر الى الوراء وله في سجن المعتقلين بأحكام تقيلة عدة اهذاف، فيها ماهو أساسي وما هو ثانوي لكن المهم لذيه هو ان كل ذلك يصب في السياسات التي وضعها بناءا على تقديراته وسيسير فيها الى النهاية، وبالرجوع الى هذه الاهداف فأول هدف سيحققه - وهذه مسألة تقليدية و معروفة - هو تحويل المعارك الاحتجاجية من التركيز على مطالبها الحقيقة واستكمال مسارها الذي سطرت من أجله الى معارك موجهةنحو المحاكم.. وهنا يستطيع سيدنا المخزن التحكم في إيقاعها من خلال إجراءاته كما ان المطالب تتغير طبيعتها من مطالب اجتماعية خاصة بجميع فئات الشعب المقهورة الى مطالب ضيقة ومقزم ومحدود متعلق بالمعتقلين ومحاكمتهم وتتسلط الاضواء على وضعيتهم ومسار التحيقيق معهم و صك المتابعة بعد ان كانت مسلطة على الحراك نفسه... لكن يبقى اكبر خطاء يقع فيه الحركين والمناضلين وحتى السياسين والحقوقيين هو المطالبة بالمحاكمة العادلة.. وهل اسلوب الاعتقال اصلا كان عادلا؟ وهل هذه المحاكمات معزولة عن ممارسات ألاجهزة الاخرى؟ من قمع بالشارع وتنكيل بابناء الشعب و حصار العناصر الحركية حتى في قوتها اليومي ؟ هل المحاكمات معزولة عن ذلك؟ام انها في اطار نفس المسلسل وجزء لا يتجزء منه، بل انها الأداة الاكثر فاعلية لتجميد الحراك وكسب الوقت وزرع الرعب في صفوف بعض الحركيين وجعل اخرين يبتعدون عن الساحة وشراء البعض ان أمكن ذلك، وتكريس أزمة ثقة الجماهير في قدراتها وفعلها النضالي، بل ومحاولة زرع عناصر أخرى بديل عن المتزعمين الحقيقن وإعطائهم شرعية ميدانية حتى يتم تفتيت الحراك مع مرور الوقت، وقد تعمد التنظيمات والفئات المشار إليها سالفا الى المطالب باطلاق سراح المعتقل لكن دون ربط ذلك بمسار الحراك وتغيراته ووضع ذلك ضمن السيرورة النضالية مع محاولة تقديم اجبات في هذا الاطار وفي نفس المسار حتى يتم تفادي الانحرافات المذكورة سابقا، طبعا نعلم جيدا ان الحراك الشعبي غير منظم ولا تأثير للتنظيمات فيه.
لكن يبقى هذا هو الحل الاني لهذه الوضعية. نعود الى الواقع و ما وصلت اليه الاحداث فالمخزن عمل على اعتقال متزعمي الحراك وزج ببعضهم في السجون باحكام ثقيلة.. ونفس الشيء ينتضر الاخرين في اجواء لا زالت تعرف احتقان شديد وتبقى المجهودات الجماهيرية مشتة ولن يستحي من استكمال مساره القمعي لكن الاسئلة الكبرى التي تبقى في الافق ماذا بعد سجن زعماء الحراك، وماذا عن وتيرة الحراك، وماذا عن افاقه؟ والاهم من هذا وذاك، ماذا عن معنويات العناصر الحركية وكذا محيط الحراك والذي من المفترض أن يكون منبعا اساسيا لتغديته وتقوية كتلته، فكل الاشكال الإحتجاجية على مستوى البلاد ككل تبقى معزولة عن بعضها البعض.. وهذه نقطة ضعفها الكبرى، وحتى محاولات التجميع عبر الخطابات والبيانات وبعض الاشكال الممركزة في مدن محددة. كل هذا لم يرق الى خلق خيط رابط بين هذه الاحتجاجات بموجبه يتم الدفع في أقل الاحوال بتوحيد هذه النضالات و تجميعها.. وربما يتم تنظيم شكل احتجاجي ممركز طويل الامد ما يخلق قفزة نوعية ذات ثأثير أقوى على مستوى موازين القوى قد تدفع بتحقيق ولو جزء مهم من مطالب الشراع وفي مقدمتها إطلاق سراح المعتقلين، طبعا نحن بعيدين كل البعد عن هذه التخمينات، لأن كل المؤشرات تبين عكس ذلك، لكن بالمقابل فالشروط الموضوعية والمثمثلة أساسا في ازدياد الازمة الاقتصادية مرفقة بفساد مالي وإداري عالي الوتيرة هذه معطيات كلها تزيد من إنحدار الوضع ألاجتماعي ما يخلق ضغوط على مستوى نفسيات الفئات الفقيرة.. وهذه شروط ملائمة لإرتفاع درجة التمردات طبعا. ومن ضمن ذلك ارتفاع نسبة الجريمة الى غير ذلك من إفرازات موضوعية لطبيعة الشروط المحيطة..، في مناخ كهذا لن تجد الطبقات السفلى في الهرم ألاجتماعي امامها خيارا غير الاحتجاج والبحث عن سبل الضغط الملائم لاتنزاع مكاسب لتحسين وضعها بشكل عام، ولكن دائما مع استحضار طرق تعاطي المخزن مع هذه التحركات هذا يفتح الابواب أمام احتمال الزياذة في التطرف أو الوصول الى مسلسل إنفجارات اجتماعية متوالية في تقديراتي المتواضعة ان المخزن قد جهز نفسه جيدا لمواجهتها من خلال بناء قاعدة قوية للاجهزة "الامنية" المتخصصة في ذلك، وطبعا في أسوء الاحتمالات هناك اموال طائلة بالبنوك في دول اجنية وحتى استتمارات خارج البلاد.
وبهذا لن يستحي المخزن من سجن زعماء الحراك ولو بلغ عددهم المئات أو حتى الالاف لانه وفي كل الاحوال فميزان القوى لصالحه وليست هناك أي مؤشرات تبين في المدى القريب ظهور طلائع للبناء الجماهير حتى نتفائل جزافا بتحويل هذه الموازين طبعا في الظرفية الراهنة.