مولاي احمد الدريدي يراسل الحبيب كمال: الحوار!! وقصة الممثل الشرعي لأبناء الريف "العظيم" المقدس!؟

مولاي احمد الدريدي يراسل الحبيب كمال: الحوار!! وقصة الممثل الشرعي لأبناء الريف "العظيم" المقدس!؟

تعرفت على الرفيق الحبيب كمال صيف 1984 مع أحد الرفاق الذي اختطفته منا الموت وهو في ريعان شبابه؛ الرفيق جمال الورزازي أحد المناضلين الحقوقيين الذين لعبوا دورا مهما وكبير في تأطير ومصاحبة نضالات عائلات المعتقلين السياسيين من أجل كرامة المعتقلين والمطالبة بإطلاق سراحهم. ومنذ ذلك الحين وهو دائما في قلب المبادرات النبيلة التي تبتغي الانتصار لقيم حقوق الإنسان الكونية.

آنذاك لم نكن نناقش أبدا مشاريع ومطالب المعتقلين التي اعتقلوا من أجلها، كانت سجون الحسن الثاني السرية والعلنية تظم المئات من المعتقلين السياسيين والمختطفين؛ كان همنا هو الاعتراف لهم بحقوقهم داخل السجون والكشف عن مصير المختطفين منهم؛ ولم نلعب ولم يلعب أي من المناضلين الحقوقيين أي دور "للوساطة" ما بينهم والدولة؛ لأن ببساطة كان أغلب هؤلاء المعتقلين السياسيين والمختطفين منخرطون في مشاريع تغيير ويحملون بدائل هي عبارة عن مشاريع مجتمعية. لم نسمع من أحد يطالب بأن تفتح الدولة حوارا معهم كي يرفعوا رهنهم للوطن والمجتمع، لأنه ببساطة لم يكونوا يدعون ولا يتوهمون أنهم هم الممثلون الشرعيون للمغاربة فهم كانوا يناضلون من أجل الديمقراطية وحقوق الإنسان،  وبعد ذلك سيقرر الشعب مصيره بنفسه؛  لن يقرره مكانه رافعو شعارات من قبيل "رضي الله عنه وأرضاه". كان المعتقلون مند خروجهم من المعتقلات السرية درب مولاي الشريف وغيره والتحاقهم بالسجون، يخوضون معارك من أجل حقوقهم كمعتقلين سياسيين. والمكتسبات التي حققوها داخل السجون جعلت من نضالاتهم داخل السجون سند لنضالات الطبقات الفقيرة ولنضالات الجماهير المغربية المطالبة بالتغيير لأوضاعها أو المناضلة من أجل قضايا عادلة مثل حقوق النساء وحقوق الإنسان وحقوق  الشغيلة وغيرها.....

لقد حولت جل مجموعات المعتقلين السياسيين من التوجهات الوطنية، الديمقراطية واليسارية محاكمتهم إلى محاكمات لسياسات النظام اللاشعبية واللاديمقراطية. جعلوا محاكمتهم  منابر للترافع من أجل مغرب الحرية والديمقراطية. لقد ساهمت نضالاتهم في إطلاق سيرورات الانتقال الديمقراطي التي مكنت متظاهري الريف والمحتجين في بداية هذا الاحتجاجات من التعبير عن مطالب لا يجادل أحد في شرعيتها وضرورة الاستجابة لها مع الحرص على عدم استعمالها في اتجاهات شوفينية متعصبة لمنطقة أو لمكون من مكونات الهوية المغربية المتعددة.

اليوم رفيقي العزيز كمال إن المصلحة الوطنية تتطلب منا جميعا تحصين المكتسبات الديمقراطية على قلتها وهزالتها، فهي التي ستضمن لنا المراكمة لتحقيق انتقال إلى مرحلة الديمقراطية والحرية. هناك خطأ في مبادرة/ وساطتكم؛ ما دمتم لم تحددوا أنكم ستتوسطون في ماذا؟! هل في تحقيق مطالب الجماهير الريفية التي طالبوا بها من خلال التظاهرات التي تلث الوفاة المأساوية لمحسن فكري؛ إن كان ذلك، فوساطتكم يجب أن تتم ما بيننا نحن عموم المغاربة والدولة (حكومة، أجهزة ومؤسسات التنفيذ).. فمعتقلو الاحداث الأخيرة بالريف، سواء الذين في سجن البيضاء أو في  السجون الأخرى، لا يمثلون إلا أنفسهم، فلم نفرزهم ولم نفوضهم للتفاوض باسمنا ولا باسم الريف، فالقضية قضيتنا جميعا وتتطلب مساهمة الكل، فهم ليسوا ممثلين شرعيين لنا. والمطالب هي مطالبنا جميعا.

إن أجيال المناضلين من الاطارات والتعبيرات الوطنية، الديمقراطية واليسارية، العاملين طيلة العقود الخمسة الأخيرة في مناطق الريف، مشهود لهم بما راكموه في الفعل السياسي والمدني، وهذه الأجيال من المناضلين لهم شرعية أقوى في التفاوض ومتابعة المطالب الاجتماعية في الريف.. وعلى معتقلي الأحداث الأخيرة الالتحاق بصفوف الإطارات الموجودة والمناضلة إن اقتنعوا بتصوراتها، أو عليهم أن يتبلوروا داخل شكل تنظيمي ويساهموا من مكانهم، هذا إلى جانب الآخرين في التفاوض إذا لم يقتنعوا بوجهات نظر الاطارات، الوطنية، الديمقراطية واليسارية الموجودة، والتي اغلبها راكمت العديد من المكتسبات.. وهوياتهم وعقيدتهم  السياسية معروفة، ولا تتناقض مع القوانين ولا مع الحق في الاختلاف.

أما إذا كنتم رفيقي تريدون وساطة من أجل رفع طلبات العفو وإطلاق السراح، فهذا من حقكم ومن حق المعتقلين إن كانوا مقتنعين بذلك.

إن ما عرفه المغرب طيلة هذه 10 أشهر بعلاقة مع أحداث الريف تجعلنا أكثر ملحاحية على ضرورة إجراء محاكمة عادلة لهؤلاء المعتقلين، نتمنى أن تنتهي بإطلاق سراحهم ومعاقبة كل من خرق حقوقهم، وجبر أضرار من خرقت  حقوقهم والاعتذار  للشعب المغربي عن الزج به في متاهات وحسابات هو لا يرغب فيها.

لقد استعمل المشترك فيما بيننا نحن المغاربة من طرف بعض المتظاهرين في غير محله. فراية  ثورة أنوال ملك تاريخي لنا جميعا؛ وراية الهوية الأمازيغية نشترك فيها كلنا مغاربة، كما نشترك في علم البلد الذي يعتبر موحدا لنا جميعا. فيجب أن تكون المحاكمة العادلة التي أظن أنها المطلب الوحيد الذي يجب أن نطالب به جميعا، فرصة لتصحيح الجرح الذي أحدثته بعض هذه الممارسات أثناء التظاهر، والتي يجب الاعتذار عنها؛ كاستعمال هذا المشترك في غير محله.. كما أرى أن من الصواب ومن شيم الشجاعة أن يعتذر خطيب تظاهرات الريف طيلة العشر أشهر الأخيرة السيد الزفزافي عن ما قام به داخل أحد مساجد الحسيمة، والذي كان وراء جر التظاهر إلى دوامة العنف، بعد أن كانت سمة هذه الاحتجاجات  اللاعنف (وليس وصفها  بالسلمية لأننا لسنا في حرب).

صديقي ورفيقي مع تحياتي وتقديري واحترامي أنا موقن بأنك تقوم بمجهود كبير دائما من أجل القضايا العادلة..