الكزان: مقاطعة البارصا والريال دليل يقظة جديدة لجزء من الشعب المغربي

الكزان: مقاطعة البارصا والريال دليل يقظة جديدة لجزء من الشعب المغربي مشدعو الريال (يمينا) ومشجعو البارصا وفي الإطار عبد المنعم الكزان

على خلفية الغدر الذي تعرض له المغرب على يد إسبانيا بخصوص الطعن في قضية صحرائه؛ واستقبالها للجلاد إبراهيم غالي بتواطؤ مع الجزائر، راجت صيحات بمواقع التواصل الاجتماعي تدعو الجمهور المغربي إلى مقاطعة تشجيع أندية إسبانية (خاصة البارصا وريال مدريد)؛ "أنفاس بريس" اتصلت بعبد المنعم الكزان، باحث في السوسيولوجيا السياسية، واستقت رأيه بخصوص هذا الموضوع، فأمدها بهذه الورقة:

 

"لطالما كانت الرياضة أداة للسلم بين المجتمعات، وهنا أستحضر مقتطفا من خطاب المديرة العامة لليونسكو، السيدة أودري أزولاي، بمناسبة اليوم الدولي للرياضة من أجل التنمية والسلام في بحر السنة الفارطة، تقول بأن "الرياضة نشاط في متناول الجميع بصرف النظر عن السن أو الجنس أو الانتماء الإثني، وما من جمال يضاهي الرياضة في انفتاحها على الجميع. والأهم من ذلك هو أن الرياضة تروج قيما عالمية تتجاوز اللغة والثقافة، ومن أبرزها الإدماج الاجتماعي"...

 

لكن السياق العولمي حول الرياضة إلى قطاعات تذر ملايين الدولارات، بل قطاعا اقتصاديا مستقلا بذاته، وما يرتبط به بصفقات اللاعبين، الموضة، صفقات الإشهار، النقل التلفزي، الألبسة الرياضية، السياحة الرياضية، صفقات رجال الأعمال، صفقات التأمين، صفقات الانتقالات، الاستثمار الكروي... إذن في عالمنا المعاصر تم تشييء الرياضة، بل تحول معها بعض الرياضيين إلى وسيلة للإنتاج خالية من أي بعد إنساني، ما يفسر حتى التدخل الطبي على مستوى جينات بعض الرياضيين لصناعة متخصصين في مجال رياضي معين، وأصبحت أيضا أداة لإظهار قوة دولة معينة، إنها لا تختلف عن الدور الذي لعبته السينما في مرحلة معينة في بدايات القرن الماضي.

 

وهذا الأمر مع ذلك لا يلغي المتعة الفرجة ليتحول معها تشييع الفرق من الاحتفاء بالفرق المحلية للدول، إلى تقاطب بين مشجعين في جميع أنحاء العالم، وهو ما تم تكريسه في السنوات الأخيرة في زمن العولمة السائلة، و"التشجيع الكروي السائل" عن طريق والسوشيال ميديا، بحيث أصبحنا نرى تحولات كبيرة على مستوى الثقافة الكروية، وأصبحنا نرى مشجعين مغاربة يحمسون ويشجعون بالدرجة فرقا لا تنتمي إلى وطنهم الأم كنوع من الاغتراب الكروي، ومن بينهم في المغرب "مشجعو البارصا والريال"، إذ لا يمكن تفسير هذا الأمر في دولة مثل المغرب عانى شعبها من حرب الغازات السامة، بل وتهجير شعبها ليستعمل الآلاف منه في زمن فرانكو في الحرب الأهلية الإسبانية، وعانى لعقود من الاستغلال الجارف آلاف الأطنان والكلومترات من ثروات أراضيه، بل وفرضت عليه قسرا لعقود شراء البضائع عبر الوساطة الإسبانية، مما كلف الدولة خسائر تقدر بملايير الدولارات، وما زال جزء من أراضيه محتلا، إلا من خلال انفصال عن الواقع والدهشة التي تخلفها الأدلجة المرتبطة "الإيمجولوجيا" وتأثير الصورة، السوشيال ميديا، والإعلام، باعتبارها وسائل طغت على مستوى التنشئة على وسائط أخرى كـ "المدرسة والأسرة".

 

وطبعا مقاطعة البارصا والريال لا يمكن إلا أن تكون خطوة هامة ودليلا على نوع من التفطن واليقظة الجديدة لجزء من الشعب المغربي، نتمنى أن يمتد إلى مقاطعة البضائع القادمة، وأيضا الخدمات الإسبانية، بل ومطالبة إسبانيا بجبر الضرر الاقتصادي والاجتماعي، وذلك بتنمية أقاليم الشمال، كتعويض عن النهب والقتل والابتزاز الذي قامت به الدولة الإسبانية تجاه الشعب المغربي والأرض المغربية"...