عبد العالي بلقايد يرصد تأثير الفن السوسي على غناء أهل الحوز

عبد العالي بلقايد يرصد تأثير الفن السوسي على غناء أهل الحوز عبد العالي بلقايد مع فرقة موسيقية حوزية

لون حمادة هو من الألوان الغنائية التي تفاعلت بشكل كبير مع لون اَلْأَحْوَاشَاتْ الموجودة بسوس (فن أَحْوَاشْ). فجاءت متماهية معها على الأقل بكونها تؤدى بمجموعة رجالية تصطف وقوفا لإبداع إيقاعات بآلات  تنحصر في "اَلْبَنْدِيرْ" و"اَلطًعْرِيجَةْ" وألة إما حديدية دائرية كما في حمادة أولاد مطاع، وأولاد بن السبع وباقي المجموعات التي تقطن تحديدا دير جبال المتوسط، أو "اَلصِينِيَةْ" كما عند قبائل الرحامنة والغاية منها (أي الآلة الحديدية) هو أن يكون رنين صدى الحديد ضمن التوليفة الإيقاعية التي تؤديها هذه المجموعات .

 

وهو أمر قد يكون قريبا من لون ( أَﯖَنَاوْ) أو ﯖْنَاوَةْ حيث حضور "اَلْقَرْقَابَاتْ" الحديدية الذي يعطي للإيقاع صدى جلجلة تكون حافزا على الجدب كتيمة حاضرة بكل قوة في كل الألوان الجنوبية.

 

الجميل أن هذا اللون تؤديه كذلك بعض القبائل الأمازيغية الموجودة بأمزميز أو إقليم الحوز بنفس الصيغة والآلات الموسيقية ذات الطبيعة الإيقاعية الموجودة في لون حمادة الذي تتعاطاه القبائل العربية .

 

حين نضع فرضية تَعَالُقْ فن حمادة مع أَحْوَاشَاتْ سوس فلأن هذه الفرضية تدعمها المعطيات التالية:

 

ـ كانت سوس موطن قبائل بني معقل عندما استقدمهم الموحدين مع قبائل بني هلال .

ـ كانت هذه القبائل على علاقة مع الدولة وكان منها جُبَاةْ الضرائب وتسجيلها في كَنَانِيشْ أعدت لذلك؛ وهذه المهمة قام بها رجال هذه القبائل بسوس .

ـ مقامها لم يبق محصورا في سوس بل شمل الجنوب كله إلى العمق الإفريقي وخاصة مع البرابيش.

 

سيظهر دور هذه القبائل بشكل كبير إبان فترة الشرفاء السعديين حيث سيشكلون قطب الرحى لحركتهم الجهادية، أو لجيشهم الذي سعوا لتطويره وفك الارتباط بينه وبين النزعة القبلية سعيا منهم لبناء مركزية الدولة، ولكن هذا الطموح تم صده من هوى القبائل الميالة للحرية والمتأفف من دولة مركزية.

 

إن الحركة الجهادية التي انخرطت فيه هذه القبائل بقوة كان تأثير الزوايا فيه أساسي، وهو ما سيعطي لها دورا أساسيا في جميع مناحي الحياة ومنها الفنية تحديدا.. فكانت حمادة في التسمية عملية انزياح نحو نفحات الزوايا التي غايتها  تحميد الذات الإلهية والصلاة على النبي محمد صلوات الله عليه .

 

تأثير سوس على قبائل الحوز لا ينحصر فقط في الجوانب الفنية، بل امتد إلى جوانب الحضارة بكل أشكالها سواء تعلق الأمر بالملبس، أو الكوافير، أو الأكسسوارات، أو الرقص، وهو أمر طبيعي لأن السوس والحوز شكلا منطقة إدارية واحدة عند سائر الدول التي حكمت المغرب، بل يمكن المجازفة والقول بأنهما شكلا مجالا ثقافيا واحدا.