منتصر: المصالحة مع الجهاديين سابقة في العالم ودون ضمان لتفادي عودهم

منتصر: المصالحة مع الجهاديين سابقة في العالم ودون ضمان لتفادي عودهم

فتحت مندوبية السجون ومجلس اليزمي والرابطة المحمدية للعلماء مسلسل" المصالحة " مع المعتقلين بجرائم إرهابية مما أثمر عن العفو على بعضهم. هذه العملية خلقت تساؤلات داخل المجتمع بشكل جعل "أنفاس بريس" تحاور منتصر حمادة، مدير مركز المغرب الأقصى للدراسات والأبحاث.

+ هل هذه الأجهزة مؤهلة لفتح المصالحة مع الجهاديين؟

++ علينا أن نأخذ بعين الإعتبار أن هذه المبادرة تعرف مشاركة العديد من الأجهزة والمؤسسات، وأنها مختلفة كلياً عن مبادرات العفو السابقة، بل تعتبر، على حد علمنا، سابقة من نوعها في العالم وليس في المنطقة وحسب، لأنها تتميز باستحضار مجموعة من المُحددات في التفاعل مع حالات المعتقلين الإسلاميين (المعطى الديني والحقوقي والعلمي/ النفسي.. إلخ)، وهذه تجارب لم نعاينها لا في الحالة السعودية، التي ركزت أكثر على البعد الديني والبعد الاجتماعي الخاصة بالإدماج، وأفضت إلى نتائج إيجابية، وسابقة في منطقة المشرق والخليج العربي، فالأحرى في الدول الأوروبية، بسبب غياب الوعي بثقل المسألة الدينية، وصعوبة قراءة الظاهرة من قبل صناع القرار والباحثين.

وبالتالي، حتى حدود اللحظة على الأقل، هذه المؤسسات الدينية والحقوقية والعلمية والسجنية، هي المعنية بشكل مباشر بالتفاعل مع المشروع، في انتظار مرحلة التقييم والتقويم.

+ وعلى أي أساس تمت المصالحة؟

++ على غرار ما جرى في التجارب السابقة، على علاتها، أي الإيمان بثوابت الدولة السياسية والدينية على الخصوص، أما موضوع حرية الرأي بما في ذلك حرية المعتقد، فيبقى ثانوي الأهمية أخذاً بعين الاعتبار طبيعة الملف.

الدولة تطلب من هؤلاء أخذ مسافة نظرية وعملية من خطاب التطرف الديني أو قل خطاب/ مشروع "التطرف العنيف"، لا أقل ولا أكثر، مقابل التسريع بتسوية الوضعية الحقوقية والإنسانية للمعتقلين المعنيين بمشروع المراجعات وبالتالي أفق المصالحة.

+ ما هي الضمانات حتى لا يعود هؤلاء للتحريض على الأعمال الإرهابية والجهادية على غرار حالات سابقة لمعفى عنهم لم يتراجعوا عن فكرهم الجهادي؟

++ لا توجد أي ضمانات، حتى لو تم التوقيع على وثائق في هذا الصدد، والكرة في مرمى المعنيين بالمشروع، أي المعتقلين السلفيين، حتى لا يتكرر سيناريو العود كما جرى في تجارب سابقة، ولو بشكل نسبي.

ولكن الكرة في مرمى الدولة أيضاً، عبر التفكير في سحب البساط عن بعض أم أهم الأسباب التي يمكن أن تغذي خيار حالات العود، ونعتقد أن الاشتغال على إدماج المعتقلين المفرج عنهم، في الحياة المجتمعية بعد مرحلة الإفراج، يُعتبر أهم بوابة تساعدهم على تطليق الخطاب الإسلامي المتشدد، ونعاين آثر عدم تفعيل هذا الإجراء في أغلب حالات العود، بما فيها حالات العود التي طالت معتقلين مغاربة شدوا الرحال نحو سوريا والعراق من أجل الالتحاق بالجهاديين هناك، لعل أشهرهم الراحل أنس الحلوي، الذي كان ينشك بشكل سلمي مع اللجن المشتركة للدفاع عن المعتقلين الإسلاميين، ولكن أمام ضيق الآفاق، وغياب الدعم، كما هو قائم مع الدعم الذي تتوصل به الجمعيات الحقوقية الإخوانية، كان مصيره الالتحاق بالجهاديين قبل أن يقضي حتفه، ونفس الأمر مع حالات أخرى، لا زالت قائمة.

+ هل تم إشراك عائلات الضحايا بدورهم في هذا النقاش حول المصالحة؟

++ المشروع يهم بالدرجة الأولى المعتقلين الإسلاميين، والمحدد العائلي في الظاهرة الجهادية، لا زال متواضع الاشتغال البحثي والمتابعة الأمنية في آن، أي إنه لم يتم التفكير في توظيفه لخدمة مشروع المراجعات، لأن الفاعل الإسلامي "الجهادي" يملك قابلية شيطنة حت الأقرباء، بله الغرباء (نقصد بهم كل ما لا ينتمي إلى الأفق العائلي)، وهذه ميزة الخطاب الإسلامي الحركي بشكل عام، سواء تعلق الأمر بالخطاب الدعوي أو السياسي بله الجهادي، لأنه يُكرس ويؤسس لعقلية ديني طائفية أو شبه طائفية، تجعله معرضاً للاصطدام حتى بالعائلة، في إطار الدفاع عن مشروع، وهناك عدة أعمال بحثية أو إبداعية تطرقت للأمر، ومن يقرأ رواية "كنت إسلامياً" لعمر العمري، وهي سيرة ذاتية في الواقع، سيكتشف الشيء الكثير بخصوص هذا العطب الأخلاقي لدى المشروع الإسلامي الحركي بشكل عام.