مع تغير الزمن شهد العالم تطورا تقنيا مهما بفضل الوسائل التكنولوجية الحديثة التي ساهمت في تقريب المسافات بين الشعوب بحيث أصبح العالم عبارة عن قرية صغيرة، وتعتبر البطاقة البنكية إحدى أبرز الوسائل الحديثة التي تم ابتكارها من أجل سداد الديون فهي تقوم مقام الأوراق النقدية بين البائع والمشتري، وقد عمد المشرع المغربي إلى تنظيمها في المادة 6 من القانون 103.12 المتعلق بمؤسسات الائتمان والهيئات المعتبرة في حكمها وتتجلى أهمية الموضوع الذي بين أيدينا في إطار التصدي لفيروس كورونا الذي بدئ ظهوره في مدينة ووهان بالصين في سنة 2019 وشمل مختلف دول العالم باستثناء فئة قليلة، ومع كل هذه التداعيات توقفت عجلة الاقتصاد وتم فرض حالة الطوارئ الصحية مخافة من انتشار فيروس كوفيد19 بحيث عمدة مجموعة من الشركات التجارية العالمية إلى العمل بواسطة الدفع الإلكتروني بدل الأوراق النقدية عند اقتناء الزبناء للمنتوجات الضرورية للعيش بعد هذا التمهيد نكون أمام طرح إشكالية محورية : إلى أي مدى ساهم الدفع الإلكتروني في الحد من انتشار جائحة كوفيد19؟
وللإجابة عن هذه الإشكالية محل الدراسة ارتأينا تقسيم الموضوع إلى فقرتين:
الفقرة الأولى: مفهوم الدفع الإلكتروني (البطاقة البنكية نموذجا)
يمكن تعريف البطاقة البنكية من الناحية القانونية على أنها وسيلة من وسائل الدفع الالكتروني تقوم مقام النقود وهي ورقة تتضمن أمرا أو التزاما بالوفاء غير قابل للرجوع فيه من طرف الزبون صاحب البطاقة إلى المؤسسة المصدرة لها قصد القيام بتحويل مبلغ معين من حسابه إلى حساب التاجر المنخرط في نظام البطاقة البنكية أو أنها تعهد بمقتضاه يقوم مصدر البطاقة بفتح اعتماد معين لمصلحة شخص أخر، وقد عرف بعض الفقه أيضا البطاقة البنكية بأنها تعهد بمقتضاه يقوم مصدر البطاقة البنكية بفتح اعتماد معين لمصلحة شخص أخر هو حامل البطاقة الذي يستطيع بواسطتها الوفاء بمشترياته لدى المحلات التجارية التي ترتبط مع مصدر البطاقة بعقد تتعهد فيه بقبولها الوفاء لمشتريات حاملي البطائق الصادرة من الطرف الأول على أن تتم التسوية النهائية بعد كل مدة محددة .
أما من الناحية التقنية فيمكن تعريف البطاقة الالكترونية بأنها بطاقة صغيرة من البلاستيك تحمل بيانات خاصة بصاحبها وبالمؤسسة المصدرة، بالإضافة إلى البيانات غير الظاهرة التي توجد في الشريط المغناطيسي وذاكرة اصطناعية تضم جميع المعطيات التي تسمح بإجراء عمليات الأداء للتجار المنخرطين في نظام البطاقة أو القيام بسحب الأوراق النقدية من الشبابيك الأوتوماتيكية التابعة للمؤسسات المصدرة للبطاقة .
وتجدر الإشارة إلى أن مصدر البطاقة البنكية هو المركز العالمي للبطاقة وهو المنظمة أو المؤسسة العالميّة المسؤولة عن إصدار بطاقات الائتمان والموافقة على عضوية المصارف في كافة أنحاء العالم، من أجل المشاركة في إصدار بطاقات الائتمان، ومن أشهر المراكز العالميّة المسؤولة عن إصدار بطاقات الائتمان منظمة فيزا Visa ومنظّمة ماستر كاردMaster Card
الفقرة الثانية: دور الدفع الإلكتروني في كبح انتشار وباء كورونا
ساهمت وسائل الدفع الإلكتروني "البطاقة البنكية نموذجا" بشكل فعال في الحد من انتشار وباء كورونا المستجد كوفيد19، حيث جاءت لتقدم حلا سريعا للأشخاص الذين يقطنون في مناطق ينتشر فيها الفيروس ودالك على اعتبار أن الناس لن يضطروا إلى التعامل مع بعضهم البعض بالأوراق النقدية، التي قد تكون موبوءة بالفايروس، فمخاوف انتشار الأوراق النقدية الموبوءة جعلت البنوك الصينية على سبيل المثال تشرع في تعقيمها من خلال استخدام الأشعة فوق البنفسجية أو درجات الحرارة المرتفعة ثم تخزينها لفترة معينة قبل تعميمها للحرص على عدم احتوائها على أي من مخلفات الفيروس فمعظم الفئات العمرية الكبيرة في السن التي يتعذر عليها الخروج بسبب المرض كاستثناء في حالة الطوارئ يلجؤون إلى اقتناء حاجياتهم الضرورية ودفع ثمنها بطريقة الكترونية عبر الأنترنيت عن طريق وضع القن السري الموجود في البطاقة المصرفية أو البنكية لإنجاز معاملاتهم المالية دون الحاجة إلى الأوراق النقدية ودون الحاجة إلى التنقل لجلبها بل تتيح لهم هذه المواقع الالكترونية خاصية التوصيل إلى العنوان المطلوب وشهدت شركة أمازون الأمريكية إقبالا كبيرا على شراء المنتوجات الضرورية المعروضة للبيع في متجرها حيث أكدت ذلك صحيفة arabic.cnn في مقال لها على أن تفشي فيروس كورونا تسبب في زيادة كبيرة على شركة أمازون في عمليات التسوق عبر الإنترنت، ما أثر على إمكانية الشركة العملاقة لمواكبة الطلب، ودفعها لإضافة 100 ألف وظيفة جديدة بدوام كامل وجزئي في الولايات المتحدة الأمريكية.
وتكمن أهمية الدفع الإلكتروني في كون أن الناس لن تضطر إلى مغادرة مقر سكناهم بل سيقومون بعمليات شراء كل ما يحتاجونه إلكترونيا مثل الخدمات التي توفرها البطاقة البنكية بايبال لتسهيل عمليات الدفع الإلكتروني، وقد عمدت أيضا بعض الأسواق التجارية في المغرب إلى العمل بالدفع الالكتروني عن طريق البطاقة البنكية بدل النقود للوقاية من انتقال فيروس كوفيد19 .
خاتمة
ختاما يمكن القول على أنه في ظل كل هذه الإكراهات والتداعيات التي يعرفها العالم بسبب فيروس كورونا ظهرت وسائل الدفع الالكتروني والتكنولوجيا بصفة عامة، للتخفيف والحد من الأخطار الصحية التي خلفها انتشار وباء كوفيد19 حيث شكلت البطاقة البنكية قنطرة عبور للبشرية جمعاء من أجل اقتناء حاجياتهم الأساسية عبر الأنترنيت دون مغادرة منزلهم وتعريض حياتهم لخطر فيروس كورونا المستجد
لائحة المراجع
الكتب:
- محمد مومن: "أحكام وسائل الأداء والائتمان في القانون المغربي"، المطبعة والوراقة الوطنية، مراكش، الطبعة الأولى، سنة 2013، ص: 462 .
نصوص قانونية:
- ظهير شريف رقم 1.14.193، صادر في فاتح ربيع الأول 1436(24 ديسمبر 2014) بتنفيذ القانون رقم 103.12 الصادر في الجريدة الرسمية عدد 6328، بتاريخ فاتح ربيع الأخر 1436(22 يناير 2015)، والمتعلق بمؤسسات الائتمان والهيئات المعتبرة في حكمها.
مواقع الكترونية:
- مقال منشور في الموقع الالكتروني: www. mawdoo3.com ، حول أنواع بطاقات الائتمان، تم الدخول يوم 19/04/2020، على الساعة: 00:46 .
- مقال حول الدفع الالكتروني في ظل وباء كوفيد 19، منشور في الموقع الالكتروني:www.skynewsarabia.com ، تم الدخول في 19/04/2020 على الساعة 01:20.
- مقال منشور في الموقع الالكتروني: www.arabic.cnn.com ، تم الدخول في 19/04/2020، على الساعة 15:22.