في فترة زمنية تعرضت إسبانيا لضربات إرهابية بوسائل مختلفة ذهب ضحيتها مواطنون أبرياء في إسبانيا وكذلك الشأن في فنلندا وتبين أن أصحاب هذه الضربات ما هم إلا شبان مغاربة وهذه حقيقة اختارت التلفزة المغربية في العديد من نشراتها ألا تقول في شأنها أي شيء مع أن العديد من المحطات التلفزية الأجنبية ظلت هذه الأيام تخبر في نشراتها بأن أصحاب هذه الجرائم ينحدرون كلهم من المغرب. والسؤال هو ما الفائدة في التستر على هوية الإرهابيين والحال أن مئات الشباب من أبناء الشعب المغربي ساقتهم الأقدار إلى الانخراط في التنظيمات الإرهابية لداعش الدولة الإسلامية في العراق والشام وأن قوات الأمن والمخابرات في المغرب تمكنت من تفكيك العديد من الخلايا والشبكات الإرهابية في مختلف أنحاء المغرب وأبطلت بذلك مخططاتهم الجهنمية وحماية الشعب المغربي من ضرباتهم الإرهابية. كل هذا يدل على أن وجود شباب مغاربة تحولوا إلى إرهابيين في الداخل والخارج وأن هذا واقع لا يحق تجاهله أو التستر على الكثير من تجلياته في النشرات الإخبارية للتلفزة المغربية، كما حصل مؤخرا في شأن الضربات الإرهابية في برشلونة أو فنلندا. كيف وصلت بلادنا إلى هذا المستوى من تفاحش ظاهرة تعدد الخلايا والتنظيمات الإرهابية وسط الشباب المغربي؟ لقد كان المغرب فيما مضى في منأى عن تفاحش هذه الظاهرة إلى أن ابتليت بلادنا بتداول أطروحات ظلامية تخاطب قصارى العقول من الشباب على أساس أنهم ينتمون إلى مجتمع مهدد بالكفر والإلحاد وبسبب الفراغ السياسي المتولد عن حملات القمع طوال سنوات الرصاص وجدت الأطروحات الظلامية مجالات خصبة لدى بعض شرائح الطلبة والشباب. في هذا السياق كان قد تم اغتيال الشهيد عمر بنجلون على يد عصابة قيل آنذاك بأنها تنتمي إلى تنظيم يسمى الشبيبة الإسلامية وكان من أبرز أعضاء هذا التنظيم عبد الإله ابن كيران، أما الدكتور عبد الكريم الخطيب فقد اعترف في مذكراته بأنه هو الذي استقدم من جمهورية مصر العربية محامين ينتمون إلى الإخوان المسلمين للدفاع عن الذين قتلوا عمر بنجلون عندما قدموا للمحاكمة. وبعد سنوات تولى عبد الكريم الخطيب مهمة التكفل بتأسيس حزب العدالة والتنمية والآن وبعد تسلسل هذه الوقائع والأحداث سيكون من الصعب على الإنسان ألا يستحضر ما يربط ما بينها إلى أن وصلنا اليوم إلى هذا العدد الكبير من المنتمين إلى التنظيمات الإرهابية من المغاربة المنتمين إلى داعش، منهم من تتمكن قوات الأمن وأجهزة المخابرات الوطنية من تفكيك خلاياهم الإرهابية وعصاباتهم الإجرامية، ومنهم مع الأسف من يقومون بضربات إرهابية خارج الوطن ما حصل مؤخرا في برشلونة وفنلندا، مما يسيء كثيرا إلى سمعة المغرب وسمعة مغاربة الخارج.