فريد مشقي: النموذج التنموي الجديد.. استراتيجية تنموية جديدة من أجل مغرب قوي

فريد مشقي: النموذج التنموي الجديد.. استراتيجية تنموية جديدة من أجل مغرب قوي فريد مشقي، رئيس غرفة التجارة المغربية الإفريقية البرازيلية في ساوباولو
حسب ما كنت أتوقعه وأراه وأشاهده بكوني رئيسا لغرفة التجارة المغربية الإفريقية البرازيلية أعيش بين رجال المال والأعمال في ساوباولو والانعكاسات السلبية التي خلفته كورونا في العالم؛ من أزمات نفسية واقتصادية واجتماعية.. قلت :
 
كنت أتوقع بأن هناك متغيرات كبرى إيجابية ومفيدة للإنسانية ستلحق بعالم ما بعد جائحة كورونا، وقد تفضي إلى زعزعة أركان النظام الدولي الرأسمالي، ليفسح المجال واسعا لإرساء نظام دولي عالمي جديد أكثر إنسانية وأكثر عدالة وأكثر تسامحا.. ففيروس كورونا هز وجدان وكيان البشرية كلها من شرقها إلى غربها، ومن جنوبها إلى شمالها مما سيفرض على دول العالم كله القيام بمراجعة حساباتها وسياساتها مع الوقوف على الاختلالات والثغرات التي كشفتها هذه الجائحة، وخصوصا في الأمن الغذائي والصحي والتعليمي والروحي.. ورب ضارة نافعة كما يقال، فمنافع كورنا بحول الله تعالى ستكون كثيرة ومتنوعة ومفيدة للبشرية منها إحياؤها للضمير الإنساني وإيقاظ الشعور بالمواطنة، وهذا سيدفعنا إلى التضامن والتعاون في ما بيننا مع توفير بنيات طبية في مستوى المخاطر والتحديات، وحيوية الاستثمار في مجال البحث العلمي باعتباره البوابة الحقيقية نحو التقدم، وتحقيق الأمن بمفهومه الإنساني الشامل، وفي هذا السياق جاء  تقرير النموذج التنموي الجديد الذي تسلمه الملك محمد السادس يوم الثلاثاء 25 ماي2021، من قبل شكيب بنموسى، رئيس التقرير العام الذي أعدته اللجنة المكلفة، وتم تقديم نسخة منه الملك محمد السادس ، بحيث هذا التقرير تمت صياغته بإحكام ودقة ويلبي متطلبات واشتراطات المرحلة القادمة مابعد جائحة كورونا، فالتقرير مهم جدا وشامل جامع مانع، لكونه يرتكز على خصوصيات المغرب الثقافية والدينية والحضارية، ويعطي تصورا حول مغرب الغد أو المغرب ما بعد الجائحة،  أي مغرب جديد يسوده الأمن والتقدم والازدهار الاقتصادي  مع بناء المواطن الصالح، من أجل انطلاقة مسيرة جديدة  نحو تحقيق الأهداف المنشودة، الذي وضعها هذا التقرير نصب أعين الملك محمد السادس وشعبه الكريم، والتي تتمثل أساسا في تحرير الطاقات واستعادة الثقة للرفع من وتيرة التقدم وتحقيق الرفاه للجميع، في إطار مسؤولية جماعية، وفتح المجال أمام إصلاحات عميقة على مستوى تسيير مرافق الدولة لخلق شعور قوي لدى جميع المغاربة في الداخل والخارج بأن الكل معني ومساهم في بناء مغربي قوي يسوده الرخاء والتعاون على البر والخير والعمل الصالح.. لهذا أعطت لجنة التقرير الذي قامت بصياغته حيزا كبيرا لمغاربة العالم، وفي هذا الإطار أكدت اللجنة التي وضعت التقرير، علـى أهميـة تفعيـل الأحكام الدسـتورية مـن أجـل تمثيـل "أفضـل لجاليتنـا فـي الخـارج" وذلـك بالخصـوص مـن خـلال تعزيـز مجلـس الجاليـة المغربيـة بالخـارج.
 
كما دعت اللجنة أيضـا، إلـى التركيـز علـى تنفيـذ سياسـات متجـددة وملائمة الاحتياجات وانتظارات هــذه الشــريحة المهمــة مــن الشــعب المغربــي والدفــاع عــن مصالحهـا لــدى بلدان الإقامة. ولأجل تعبئــة أكبر لكفاءات مغاربة العالم خدمة لتنميــة بلدنا، مع اعتمــاد مقاربات محفـزة تعـزز جـذب مغاربـة العالم ذوي المؤهلات العالية والعامليـن فـي القطاعـات المتطـورة، مثــل التكنولوجيات الجديدة لإعلام والاتصال، والتكنولوجيا البيولوجية أو الطاقات المتجددة.
 
وتعتبـر اللجنـة أن تعبئـة مغاربة العالم قصد تنمية أنشـطة البحث العلمي والبحث-التطويـر والابتكار "أمـر أساسـي، بالنظـر إلـى الخبرة التـي اكتسـبوها فـي هـذا المجال" ويتطلـب تحقيـق هـذا الهـدف بحسب المصدر نفسه، الشـروع فـي اتخـاذ بعـض التدابيـر القبليـة التي تهـم، علـى الخصـوص، "هيكلـة منظومة البـحث العلمي وربطـه بالأولويات الاستراتيجية للبـلاد، وذلـك مـن خـلال برامـج وطنية محـددة بوضـوح وتعتمـد علـى حكامة شـفافة وتكون موضـوع تتبـع وتقييـم منتظميـن".
 
وبحسب التقرير نفسه فإن مغاربــة العالم، باعتبارهـم حلقة وصــل بيـن المغــرب وباقي بلــدان العالــم، فرصـة ثمينـة يجـب اسـتثمارها. وترى اللجنة أنه بإمكان الجالية المغربيـة بالخارج تعزيـز جهـود الإشعاع الدولي للمملكـة بالاعتماد سـواء علـى البنيـات الموجـودة حاليا أو على الفضاءات القابلة للتعبئة فـي بلدان الإقامة، مـن أجـل نشـر الثقافـة المغربية فـي الخارج.
 
 كما أن التقرير يسلط الضوء على أهمية الجالية اليهودية المغربيـة المتواجدة عبـر العالـم. والتي ظلت بحسبه "مرتبطة ارتباطا وثيقـا ببلدهـا الأصلي المغـرب، وتبـدي اهتماما كبيرا بالعمـل الذي تقـوم بـه المملكـة فيما يخـص الحفـاظ علـى أماكـن الذاكـرة اليهوديـة المقابـر، المعابـد، المتاحـف .. وتثميـن تراثهـا غيـر المـادي" واعتبرت اللجنة أن إقرار الدستور بالرافـد العبـري كأحد مقومات الهوية الوطنية واعتماد "المملكـة لسيادة خارجية مرتـكزة علـى الانفتاح والتـوازن يسـاهمان فـي خلـق ديناميـة مـن شـأنها تعزيز مساهمة هـذه الجالية فـي المسار التنموي بالمغـرب وتعزيـز قيـم السـلام والتسامح والحـوار".
 
علما بإن التقرير الخاص بالنموذج التنموي المقترح يختلف عن التقارير الأخرى السابقة من خلال محاولته إبراز إجراءات لكيفية تحقيق عدد من الأهداف بناءً على انتظارات المواطنين، عبر اقتراحات صالحة للتنفيذ وآليات لضمان لانخراط الجميع وضمان التتبع والتحفيز، إن هذا النموذج التنموي المقترح على الملك محمد السادس يشكل فعلا نقطة انطلاق ومرحلة جديدة يمكن من خلاله أن يدفع بعجلة التنمية إلى الأمام، بحيث يضع تصورا شاملا جامعا لمغرب الغد الذي نحلم به ونطمح الوصول إليه في أفق سنة 2035، وليس ذلك بمستحيل على صمود الشعب المغربي وتجندهم دائما وراء  محمد السادس، فهذا التلاحم بين الشعب والعرش مع الموقع الجغرافي والرصيد الحضاري والثقافي والموارد الطبيعية والروابط المتينة بين الملك والشعب كلها عوامل ستمكن المغرب من الارتقاء إلى مصاف الدول الرائدة، خدمة لرفاهية مواطنيها .
 
وختاما، إن غرفة التجارة المغربية الإفريقية البرازيلية بساوباولو ما أنشئت ووجدت إلا من أجل خدمة قضايانا المغربية الكبرى ، فالمشرفون عليها مغاربة وطنيون ملكيون حتى النخاع، وهم جنود مجندة وراء  الملك محمد السادس، وهم على استعداد تام للتنسيق والتعاون مع السلطات المعنية في مملكتنا المغربية الشريفة، وكذلك مع اللجنة المكلفة بهذا التقرير التنموي الجديد، ولا يمكن لأي جهة أو مؤسسة غير مغربية أن تكون أمينة وصادقة في خدمة ووطننا المغرب أكثر منا، فأبناء الوطن وأبناء البلد هم وحدهم يستطيعون خدمة وطنهم بإخلاص وصدق وحب وأمان . 
 
فريد مشقي /رئيس غرفة التجارة المغربية 
الإفريقية البرازيلية- ساوباولو