لحسن العسبي: أسئلة حول ما يحدث بسبتة المغربية

لحسن العسبي: أسئلة حول ما يحدث بسبتة المغربية لحسن العسبي
ثمة أسئلة تفرض نفسها، أمام تفاعلات ما يسجل بأرضنا المغربية المحتلة من قبل الإسبان بسبتة ومليلية، نجمل بعضها في الآتي:
- أليست عودة ملف سبتة (ومليلية) إلى الواجهة من جديد، إنما هي عودة متجددة للتذكير (خاصة تذكير الإسبان والإتحاد الأروبي)، أن تلك الأرض مغربية وأنها مستعمرة، وأن حدود أروبا هي عند جبل طارق الإنجليزي وليس في سبتة أو مليلية وباقي الجزر الجعفرية المحتلة؟
- أليس مثيرا بعض الشئ، هذا الصمت السادر حتى الآن للسلطات المغربية، على مختلف مستويات مؤسساتها، مما قد يؤوله البعض سلبا، ومما قد يدفع أيضا إلى تفسير آخر هو أنه صمت لتجميع مدقق للمعطيات قبل عرض الموقف المتكامل؟
- أليس من بعض العبث الإرتكان السهل إلى يقين الحكم المقزز الذي يقول بأن السلطة المغربية خفيفة جدا إلى الحد الذي تقامر بحياة أبنائها من القاصرين ضمن هذا التطور، فقط لتحرج إسبانيا؟. هل من السهل فعلا تخيل أنها ستضرب كل ما راكمته من مسافات إيجابية في صورتها العالمية في مجال حقوق الإنسان ودولة المؤسسات، هكذا بضربة مزاج غير محسوبة العواقب؟
- أليس ذلك التساهل المثير للسلطات الإسبانية الأمنية خلال 24 ساعة الأولى، حين فتحت عمليا الباب لعبور كل تلك الآلاف من أبنائنا، إنما يطرح علامات استفهام كبيرة حول سيناريو مقلق، غايته محاولة خلق أسباب توتر داخل المغرب؟ (خاصة حين يتتبع المرء حرب الصور التي استتبعت ذلك في مختلف وسائل الإعلام الإسبانية، والتي تظهرنا كما لو أننا بلد مجاعة أو بلد حروب أهلية مثل سورية).
- أليس مثيرا ذلك الإنزال العسكري الإسباني، أمام مدنيين عزل، الذي فيه رسائل مركبة إلينا كمغاربة، أن مدريد، لا تزال تفكر بمنطق حرب تطوان لسنة 1860/1859، حين يتعلق الأمر بالمغرب؟
- أليس واضحا، مرة أخرى، أن ورقة المغرب هي التي تغير اتجاهات الريح في الصراع السياسي بالداخل الإسباني، منذ أكثر من 150 سنة؟. منذ عهد الملك ألفونسو السابع، حتى عهد فرانكو والحرب الأهلية الإسبانية، مرورا بملحمة معركة أنوال البطولية؟. فاليمين المتطرف الإسباني اليوم يركب على ذات الملف المغربي للبروز كقوة سياسية جديدة، واليمين الإسباني للحزب الشعبي يستعمل ورقة المغرب لإسقاط الحكومة، والزعيم الإشتراكي الحالي سانشيز أكبر الخاسرين سياسيا اليوم في مدريد (وخاسر حتى أخلاقيا ومؤسساتيا من خلال الصراع بين وزيريه في الداخلية والخارجية بخصوص ملف مجرم حرب مثل إبراهيم غالي).
- أليس في كل نقمة نعمة، حيث قدمت لنا الأحداث المتلاحقة هناك، أن سيناريو وطني مغربي لمسيرة سلمية جديدة في المستقبل، لتحرير أرضنا الإستراتيجية تلك، ممكن جدا (وهنا يجب فهم معنى أن تكتب يومية "إلموندو" الإسبانية عنوانا بارزا يقول ب "المسيرة السوداء" في إحالة على فكرة "المسيرة الخضراء" التي استرجعنا بها صحرائنا المغربية الغربية سنة 1975).
- أليس باب التفاوض الجديد مع مدريد (وبروكسيل أيضا)، سيكون اليوم من منطلقات جديدة، وهنا مفروض أن "يمد أبو حنيفة رجليه" فعلا، لأن عالم ما بعد كورونا ليس هو عالم ما قبلها، والمغرب أبان في محيطه المغاربي والإفريقي والمتوسطي، مؤسساتيا وشعبيا، أنه اليوم ليس هو مغرب الأمس؟.
- أليس ملحا أن تخرج الدولة بموقف الآن، لإعادة توجيه دفة الملف صوب ما يجب أن يكون حقيقة، لا صوب ما خططت وتعمل نخبة مدريد على أخدنا إليه؟. فالمتهم ليس المغرب والمغاربة، بل من لا يزال يتفاعل بمنطق الفكر الإستعماري والوصاية، وليس منطق التعاون والتكامل ورابح رابح. ومن يجعل ورقة الهجرة أصلا تجاريا للإبتزاز السياسي صوب بروكسيل وصوب المغرب أيضا.