يحكى أن الممثل الكبير والقدير محمد حبشي، الذي غاب عن الساحة المسرحية والسينمائية منذ عقود، كان قد تسلم من فقيد المسرح المغربي الطيب الصديقي تعويضا بلغ مليون سنتيم بعد جولة مسرحية، ولأن الرجل، الذي كان يسكن وقتئذ بنزل شعبي بالدار البيضاء، لم يكن قد تسلم مبلغا مماثلا من قبل ولا تصور أنه سيحصل عليه إلى ذلك الحين، فقد أصيب بصدمة وتملكته حيرة كبيرة بشأن كيفية تخزينه في وقت كانت فيه الحسابات البنكية نادرة، وكانت الأبناك لا تهتم بجلب الزبناء، لأنها كانت مطالبة بتعويض كل من يودع أموالا في حسابات جارية إلى حدود 1975.
ويحكى أنه وضع المليون في حقيبة ملا بسه في البداية، لكنه تخوف من أن تمتد لها الأيادي في غيابه، ووزعه بين جيوبه وجواربه، لكنه خاف أن يرتكب خطأ أو أن تسرق منه، وفي النهاية، واختصارا، اتجه إلى زملائه وأصدقائه مشتكيا: واش هذا الصديقي باغي يحمقني اللي عاطيني مليون؟
هكذا كان حال فنانين كبار ومؤسسين ذات زمن يختلف كليا عن زمن العرايشي الذي يمنح المليارات للعفن الذي لا يشرف المتهافتين عليها ولا يخذم تطور الفن ببلادنا ولا يكسبه سمعة حتى بلده الأصل، فأحرى في بلاد الله الأخرى.
في مرحلة التأسيس لم يكن هناك مجال للنصب والاحتيال ولم يكن هناك أصحاب سلطة ونفوذ يقتسمون بواسطة شركاتهم الميزانيات العمومية.