بشأن القيمين الدينيين..وزير الأوقاف يجعل جند أمير المؤمنين يتامى في لعبة مشيخة الأصولية!

بشأن القيمين الدينيين..وزير الأوقاف يجعل جند أمير المؤمنين يتامى في لعبة مشيخة الأصولية! أحمد التوفيق، وزير الأوقاف
أثارت مسطرة المجلس العلمي الأعلى حول شهادة تأهيل القيمين الدينيين لمهام الإمامة والأذان والخطابة، استياء كبيرا في صفوف المعنيين بالأمر، وصل حد التهديد بالقيام باحتجاجات. مما يعني أن هذه الاحتجاجات لم تعد تطال وزارة الأوقاف فقط، بل حتى "مشيخة العلماء"، وهذا تحول ستفقد معه المؤسسة العلمية وقارها.
كما أن هذه المسطرة، قد حملت في المقابل، على تحرير الأئمة للمطالب النقابية، مما سيخلط كل الحسابات، والانتخابات على الأبواب .إضافة إلى أن أصداء هذه الرجة، ترددت بقوة في وسائط التواصل الاجتماعي، والمنابر الإعلامية، وقد تلقفتها منابر الأصولية منها،بتوظيف خاص. ووصلت أخيرا أروقة البرلمان .وما نظن أنها ستبرحه بسلام..
فكيف كان أداء المسؤول السياسي، عن تدبير الشأن الديني،بشأن هذه النازلة، في المؤسسة التشريعية؟
لقد حاول وزير الأوقاف، قول كلمة الفصل في الموضوع، لكن خانته الحكمة والأمانة فتنكب الصواب فيما نظن.
ففي جوابه عن سؤال شفوي تقدم به الفريق الاستقلالي للوحدة والتعادلية بمجلس المستشارين في البرلمان، يوم الثلاثاء 4 ماي 2021، بشأن الطريقة الجديدة لتأهيل القيمين الدينيين،حاول التحجج بمستويات عديدة لتبرير هذه المسطرة/اللغم. حيث تستوقفنا في هذا الجواب، خمسة أمور:
أولا، لقد أكد الأستاذ التوفيق، على أن " المسطرة الجديدة لا تعني الأئمة العاملين الحاصلين على التزكية من قبل،متى أرادوا الانتقال وتوفرت الشروط لذلك".لكن يبقى هذا الاستثناء/الاستدراك غير مضمن في المسطرة، كما أعلنت عنها الأمانة العامة للمجلس العلمي الأعلى ، في 26 مارس 2021،ولا في مذكرة الوزارة حول "التدابير المواكبة لمسطرة تنظيم اختبارات شهادة التأهيل"،في 8 أبريل 2021.لذلك فهو معني بتضمين هذا الاستثناء/الاستدراك في مذكرة جديدة، حتى يكون لكلامه الأثر القانوني في التدبير. وآنذاك سيبرز سؤال ما العمل في نازلة ترشح صاحب تزكية مع مطالب بالتأهيل؟.كل هذا يبين أن هذه المسطرة تعتورها بياضات كبرى.وبالتالي تتطلب شجاعة أدبية لملئها..
ثانيا، لم يكن وهو يشير إلى الفوائد المتوقعة من هذه المسطرة بضبط حركة تنقل الأئمة ، بالنظر إلى كون “الحالة التي كانت سائدة في الأعوام الماضية لا تتماشى مع المتابعة الضرورية لتأطير المساجد، ولا مع متابعة الحياة المهنية للأئمة”، باعتبار أن "عدد التنقلات كان يبلغ أزيد من 10 آلاف تنقل غير مبرمج في العام الواحد.."،لم يكن في هذا، إلا في موقع الكشف،عن جانب من خلفيات هذه المسطرة(وإن كان سياق هذه المسطرة وخلفيتها الحقيقية تستدعيان وقفة أخرى).
في حين أن هذا الإشكال لا يتحمل فيه الأئمة المسؤولية. ولا يمكن أن يكونوا ضحية لمزاجية جماعة الشرط.وهذا يبين في العمق تقصير المجالس العلمية،في تأطير جماعة الشرط.فليس من العدل حل هذ الإشكال باستهداف الحلقة الأضعف في المنظومة.
ثالثا، لقد حاول إضفاء المسحة القانونية لهذه المسطرة، بدعوى الملاءمة، من وجهين:الأول ، بقوله:"لا مبرر للتخوفات بشأن الطريقة الجديدة لتأهيل القييمين الدينيين، لأنها في جانب منها لا تزيد عن الملاءمة مع القانون، وذلك باستبدال تسمية شهادة التزكية بمصطلح شهادة التأهيل قصد التوافق مع الظهير الشريف في شأن تنظيم مهام القييمين الدينيين".والثاني، وهو يجرد مندوبي الشؤون الاسلامية من صلاحية مسطرة التعيين،على أساس أنه " تم إدماج هذه العملية في الصلاحيات المخولة للمجالس العلمية المحلية بمقتضى الظهير الشريف المتعلق بإعادة تنظيم هذه المجالس."
هذا التبرير لوزير الأوقاف ،حتى يأخذ صبغته القانونية يجب أن يتم التمهيد القانوني له ب"قرار" ،وذلك إعمالا للمادة 43 من ظهير 2014 "في شأن تنظيم مهام القيمين الدينيين وتحديد وضعياتهم"،والتي تنص على:"تحدد بقرارات لوزيرنا في الأوقاف والشؤون الاسلامية،عند الاقتضاء،شروط وكيفيات تطبيق مقتصيات ظهيرنا الشريف هذا".وفي غياب هذا التمهيد ،فإن هذه المسطرة تفتقد إلى السند القانوني.كما أن استبدال اسم شهادة التزكية بشهادة التأهيل ،لا علاقة له بالملاءمة القانونية،ولا يستدعيها بالمرة.
رابعا، كما بين في سياق تبرير المسطرة، الفرق بين الوضعية السابقة، وبين التي يراد ترسيمها بقوله: “قد تبينت ضرورة الربط بين فتح مباراة التأهيل وبين المساجد الشاغرة جديدة كانت أو شاغرة بسبب وفاة الإمام أو عجزه، بينما كانت شهادة التزكية تمنح من قبل محليا وكأنها شهادات مستقلة".وهذا أمر معقول، لأن شهادة التزكية ب" المطلق" ،تلحق ضررا بالمغرب في الخارج، وهي في حوزة الأصوليين. وقد سبق التنبيه لذلك،إلا أن من طبع الوزارة أنها لا تصغي في وقته. لكن هذا، ليس مبررا لتغيير اسم التزكية بالتأهيل.ولا لخضوع القيمين الدينيين لامتحان التأهيل عند كل عملية انتقال.فهذا الإجراء ينطوي على نية تصفية" المغاربة"منهم،في ظل الهيمنة الأصولية على المجالس العلمية،في سياق مشيخة" التهريب الوهابي/ الإخواني العابر للقارات.
خامسا، ولم تفت الأستاذ التوفيق، المناسبة ليختم وبنبرة الانفعال، وهو يعرج على صدى ردود الأفعال حول هذه المسطرة في الوسائط الاجتماعية ،من أن “جسم الأئمة محصن بالقانون ويحميه الأئمة أنفسهم من التشويش الذي لا علاقة له بمصالح القيمين، كما أنه جسم منيع ستيأس معه، مع مرور الأيام، كل أنواع التربص لأن قوامه مرتبط عضويا بصيانة ثوابت الأمة، ولأنه غير مرتبط بنظرة شخص عابر ولا يقبل الاستغلال والوصاية”.وهنا ينبغي التمييز بين التعبير عن إراد الدولة في التأهيل القانوني والمذهبي للحقل الديني، وبين الإصرار على التمكين للمخطط الأصولي،بادعاء الملاءمة مع القانون.خصوصا وقد عهدنا منه الحديث عن الديموقراطية، وهو يمارس الاستبداد. كما عهدنا منه الحديث عن العدل وهو يمارس الظلم.
أما بعد، فإن مرور وزير الأوقاف في البرلمان،وبسحر قلب الأعيان، لم يكن في خدمة قول الحقيقة، وإنصاف مستضعفي الحقل الديني، بل لتبرير الإجهاز،على استقر وضعية جند أمير المؤمنين،بجعلها في كف عفريت الأصولية، من خلال حلقة أخرى من مخطط الحفر تحت الجدار.
وبهذا يكون تدبير المجال المحفوظ لأمير المؤمنين،كما يتولاه أصوليو المجالس العلمية، وتقنوقراط وزارة الأوقاف، وأصوليوها، وبهذا التلاعب حتى بالظهائر الشريفة باسم الملاءمة القانونية، يلحق ضررا كبيرا هذه المرة، بمركز أمير المؤمنين،في حماية جند سلطانه على القلوب."وَعَنَتِ الْوُجُوهُ لِلْحَيِّ الْقَيُّومِ. وَقَدْ خَابَ مَنْ حَمَلَ ظُلْمًا"!