زوبعة خمسة محامين في فنجان سلسلة "قهوة نص نص"!! 

زوبعة خمسة محامين في فنجان سلسلة "قهوة نص نص"!!  أبطال السلسلة الفكاهية "قهوة نص نص"
"خمسة محامون يرفعون قضية ضد سلسلة فكاهية"، قد يكون ذلك مقبولا في مصر، مادام أن محاكم القاهرة اعتادت على مثل هذه الملفات، أن يقف الفنانون في المحاكم في مواجهة مناهضي الفن، وهو ما فتح عليها باب "الدعشنة" على مصراعيه، لكن الحقيقة أن هذه الواقعة تمت في الرباط، عاصمة المغرب، والتهمة هي "إفساد الذوق العام والأخلاق العامة والآداب الحميدة"، وهي تهمة "كوبي كولي" لمثل هذه الملفات القضائية في بلد الأهرامات.
23 أبريل 2021، وضع الأساتذة المحامون الداودي وجلال ولطفي والحفيان والطيب من هيئة الرباط، مقالا وهم ينوبون عن زميلهم المحامي محمد الكصي من نفس الهيئة، موجها ضد الشركة الوطنية للإذاعة والتلفزة، الكائن مقرها جاء فيه أن السلسلة الفكاهية "قهوة نص نص" التي تبث على القناة الأولى ضمن برامجها الرمضانية، تضمنت مشاهد مسيئة لسمعة مهنة المحاماة وذلك بإظهار إحدى الممثلات وهي تحمل البدلة بشكل ظاهر في المقهى وتتسول الزبائن والموكلين، كما تعطي استشارات في المقهى، وهو، حسب المشتكي، مس شرف المهنة واعتبارها والانتقاص من دور المحامي في أداء مهنة الدفاع، ملتمسا إيقاف بث السلسة وذلك تحت طائلة غرامة تهديدية قدرها 100 ألف درهم عن كل يوم تأخير، وأرفق مقاله بمحضر معاينة وقرص مدمج ضمن وثائق الملف.
بالمقابل أكدت الشركة الوطنية للإذاعة والتلفزة من خلال دفاعها ممثلا في المحامي مراد بكوري، أن مهمتها هي تسيير هذا المرفق العام، وأن المجلس الأعلى للاتصال السمعي البصري "هاكا" هو الذي يخول له حق التقرير في بث أي إنتاج تلفزي، وأن المحاكم الإدارية هي المختصة في مثل هذه النزاعات، مضيفا أن المشتكي لم يمسه أي ضرر مباشر حتى يتسنى له تقديم الدعوى بصفة شخصية سيما أن مهنة المحاماة منظمة بموجب القانون وتبقى للهيئات والنقباء الصلاحية لرفع الدعاوي متى تبين لها أن هناك إساءة أو مساس بالمهنة، وزاد دفاع القناة الأولى، أن الدفاع عن مهنة المحاماة يكون أولا بالدفاع عن قيم الحرية والإبداع مهما كان الاختلاف معه، وبأن السلسلة المراد توقيف بثها تدخل في إطار الأعمال التخييلية ولا تستهدف بأي حال من الأحوال الإساءة لمهنة المحاماة ولا لمكانتها الاعتبارية ولا للمنتسبين لها، وأن "الهاكا" أكدت على أن حرية الإبداع الفني كما هي مضمونة دستوريا جزء لايتجزأ من حرية الاتصال السمعي البصري، وأن التمثيل النقدي لايشكل قذفا ولا إساءة مقصودين، ملتمسا التصريح بعدم الاختصاص.
بجلسة 5 ماي 2021، وبعد تقديم كل الدفوعات والملتمسات، تم حجز القضية للتأمل، حيث قررت المحكمة أن الدعوى الاستعجالية شأنها شأن سائر الدعاوي يشترط لقبولها بالإضافة إلى شرطي المصلحة والأهلية شرط الصفة الذي يقصد به ادعاء المرء لنفسه حقا يخصه بصفة شخصية ومباشرة دون غيره، أي أن يكون رافع الدعوى هو نفسه صاحب الحق المراد حمايته، وهو ما استقرت عليه محكمة النقض، والحال أن السلسلة المراد توقيفها لم تمس المصالح الشخصية للمشتكي، ويبقى حق الذود عن مهنة المحاماة حكرا على هيئاتها، وهو ما استندت عليه المحكمة التي قررت عدم قيام صفة المشتكي في الدعوى القضائية مما يتعين معه التصريح بعدم قبول دعواه، دون حاجة لمناقشة باقي الدفوع المثارة.