محاولة انتحار طفل باليوسفية حدث يدين المؤسسات المعنية بالطفولة والأسرة (مع فيديو)

محاولة انتحار طفل باليوسفية حدث يدين المؤسسات المعنية بالطفولة والأسرة (مع فيديو) الطفل رفقة والدته
كانت جريدة "أنفاس بريس" قد تناولت في مقال سابق توضيحات بخصوص إقدام طفل بمدينة اليوسفية على محاولة الانتحار داخل بيت أسرته بعد آذان المغرب ليلة الجمعة 30 أبريل 2021، وأوضحنا بأن الأمر له علاقة بأوضاع اجتماعية مزرية لعائلة تحت عتبة الفقر تكابد العيش بعد اعتقال رب الأسرة بسبب تهمة معينة، وحسب عدة تصريحات استقيناها من حي السمارة فالأم لم تتوصل بأي دعم من حصص قفة رمضان رغم علم المعنيين بوضعيتها الإجتماعية الضعيفة جدا....إليكم جديد الطفل:
 
الطفل البالغ من العمر إثنى عشرة ربيعا، هو الذي قام بمحاولة لشنق نفسه ليلة الجمعة 30 أبريل 2021، بعد أن ربط "شَالْ" والدته الأسود بخشبة على باب المطبخ ووضع عقدته "المفخخة" في عنقه الضعيف ليخنق أنفاسه محاولا وضع حد لحياته التي كرهها ولم يعد يطيقها جراء الوضعية المتأزمة لأسرته.
إلى حدود الساعة مازال الطفل البريء يصارع التنفس لإنعاش قلبه ورئتيه لتعود الإشارات إلى دماغه الذي لم يتقبل الوضع المأساوي للعائلة الصغيرة التي يقبع رب بيتها وراء القضبان بحكم قضائي في شأن تهمته.
لقد بدأ الطفل يسترجع أنفاسه ويتذكر الأسماء ويجيب عن بعض الأسئلة وهو ممدد فوق سرير بغرفة الإنعاش بمستشفى محمد السادس بمدنية مراكش بعدما تم نقله ليلة الجمعة 30 أبريل الجاري من مستشفى لالة حسناء باليوسفية وهو في حالة خطيرة.
أحد أقرانه من أطفال الحي قال للجريدة عن الطفل:"صَاحْبِي وُعْزِيزْ عْلِيًا بَزًافْ. كَنْت كَنَلْعَبْ مْعَاهْ كَلْ اَلوَقْتْ كُرَةْ اَلْقَدَمْ فِي اَلدًرْبْ خَارِجْ أَوْقَاتْ اَلدِرَاسَةْ، وَنَلْهُو بِالدًرًاجَةْ اَلْهَوَائِيَةْ اَلًتِي نَسْتَعْمِلُهَا لِلسٌخْرَةْ فِي تَلْبِيًةْ طَلَبَاتْ اَلْجِيرَانْ".
وعبر أحد اليافعين عن إعجابه بلطف صديقه المحبوب لدى ساكنة الدرب فقال: "عرفت عز الدين طفلا مرحا، وحيويا ولم يكن يعاني من أي مشكل مع أقرانه خلال ممارسة اللعب بالزقاق، وكل الأطفال كانوا يشاركونه ويتقاسم معهم لحظات اللعب في الدرب".
رغم هذه التطمينات إلا أن الأم كانت قد لاحظت بعض التغييرات المفاجئة في سلوك ابنها والذي لم يعتد عليه ابنها رغم الوضيعة الاجتماعية المزرية وقلة ذات اليد والخصاص المهول على مستوى متطلبات المعيشة، حيث كان يتعامل مع والدته باحترام ولا يرد عليها الكلام، ومقتنع بما قسمه الله للأسرة التي تعاني من مشكل اعتقال الأب وقضائه لمدة سجنية حكم عليه بها، وتحمل الأم مسؤولية إعالة الأطفال الثلاثة. حسب عدة شهادات استقيناها من حي السمارة (العرصة سابقا). "بعض الجيران يطلبون من الأم تقديم خدمة في البيت ويمدونها بما جادت به أريحيتهم من دريهمات ومأكولات وملابس، وتشتغل عند بعض الميسورين في منازلهم" توضح إحدى نساء الحي
من الطبيعي أن يطالب الطفل البريء والدته بتوفير الملابس الجميلة والأحذية الرياضية الباهظة الثمن مثل أقرانه في المدرسة وفي الشارع والحي والمدينة، وعادي أن يتشبث بضرورة امتلاكه هاتف نقال كسائر أطفال الجيران ليلعب ويتواصل ويواكب...، ليشعر بأنه يشبه أطفال الحي، ومن الضروري أن يجد مختلف أطباق الشهر الفضيل على مائدة الإفطار التي تعدها الوالدة بعرق الجبين في زمن جفت فيه الأقلام وشحت فيه الصدقة والإحسان، لكن لا شيء من هذا أو ذاك تحقق، ولم يظفر بمطالبه كطفل بريء له الحق في الترفيه واللعب والتعلم والصحة والحياة...فماذا وقع؟
يحكي أحد المواطنين بأن الطفل قد "صلى معه في مسجد حي السمارة صلاة المغرب، وكان صائما رغم صغر سنه، ولما عاد للبيت وجد المائدة شاحبة اللون يتوسطها صحن به ما يشبه المرق وبعض الخضر (اَلدْوَازْ) مما جعله يصيح في وجه أمه التي لم تستطع تقديم مائدة تشبه موائد الجيران في شهر الصيام، بل أنه انسحب وغادر البيت غاضبا، لكن قلب الأم المجروح لم يطمئن على حاله، حيث تبعته وتوسلت إليه ليعود ويفطر بما جاد به هذا اليوم التعس".
في سياق متصل كشف مواطن من نفس الحي على أن الأم "فاتحته في موضوع قفة رمضان التي مازالت لم تتسلمها واستعطفته بأن يتوسط لها لدى مقدم الحي ويسجلها للاستفادة من الدعم". وهذا ما تم فعلا، إلا أن دار لقمان ظلت على حالها دون أن تتوصل الأسرة الفقيرة بدعم "قفة رمضان" رغم التواصل مع مقدم الحي من طرف ذات المواطن.
لقد عاشت الأسرة أحلك أيامها السوداء منذ أن اعتقل معيلها الوحيد وأودع بالسجن بمدينة الدار البيضاء، ولم تجد الأم من حل سوى الإشتغال ببعض البيوت كخادمة، لتوفير كسرة خبز مخضبة بعرق امرأة شاء القدر أن يخرجها من بين الجدران لمواجهة غول الزمن، كيف لهذه الأم المجروحة أن تضمن الحد الأدنى من شروط العيش الكريم لطفلين وطفلة يتطلعون لكي يكونوا مثل أقرانهم، لهم آبائهم الحريصون على تربيتهم وحمايتهم ومتابعة دراستهم، يأكلون مثل أطباقهم، ويلبسون نفس ملابسهم، وينامون فوق أسرة دافئة ومريحة، ويلعبون بنفس لعبهم ...أليس للطفل حقوق على الوطن؟
بعد وجبة فطور مساء السبت 1 ماي 2021 تواصلت "أنفاس بريس" مع بعض أقرباء الأم وعلمت بأن الطفل يكابد ضيق التنفس وعسر الكلام،فوق سريره بغرفة الإنعاش بمستشفى محمد السادس بمراكش،ويحاول جاهدا أن يستعيد شريط أحلامه و الصورالمتراقصة والمزعجة التي دفعته للانتقام من ذاته وشخصه، والإقدام على محاولة قتل النفس التي حرم الله شرعا، لكن دون جدوى لأنه طفل بريء، فالخلاصة والاستنتاج الغريب الذي تفرضه عليه أزمته النفسية والاجتماعية والذي تؤكده نبضات قلبه الوهن على إيقاع بطيء يحاول أن يسائل واقع حقوق الطفل في المجتمع؟
شباب وأطفال حي السمارة يتوجهون بأكف الضراعة لله لنجاة هذا الطفل من موت محقق، النساء اللواتي يعرفن واقع الأسرة المرير سارعن لجمع ما تيسر من دريهمات لتغطية نفقات سفر الأم لمراكش لتراقب وتتابع حالة ابنها المسكين عن قرب، بل منهن من رافقناها للمستشفى وبقين بصحبتها بمراكش حتى لا تشعر بأنها غريبة عن وطنها.
 
رابط الفيديو هنا