لاشك أن معظم المتتبعين للتطورات الحاصلة في البلاد قد تابعوا بكثير من الأسى والأسف ما حصل في هده الأيام، من هجرة جماعية لشباب في مقتبل العمر، قاصدين مدينة سبتة المحتلة سباحة.
إن السؤال الأول الذي يتردد على ألسنة الناس هو: كيف يخاطر هؤلاء بحياتهم في سبيل الوصول إلى الضفة الأخرى؟؟، لكن السؤال الحقيقي هو: ماهي حجم الظروف القاسية التي جعلت الشباب يضع حياته على المحك.
وقد جاءت هذه الحادثة في الوقت الذي يستعد فيه المغرب لتنزيل مشروع الحماية الاجتماعية، لفائدة جميع المواطنين، هذا المشروع الذي يهدف بالأساس إلى محاولة رفع العجز في مجال الأطر الصحية، وقد تزامن هذا بعدما كشفت نقابة الأطباء المتعلقة بالقطاع الخاص أن حوالي 300 طبيب يغادرون المملكة سنويا.
ففي ظل هذه الهشاشة التي اكتست القطاعات الاجتماعية، أضحت معنويات الشباب المغربي تبعث على التفكير في منافذ بديلة، ولو اقتضى الأمر المراهنة بحياته، أضف إلى ذلك ما خلفته آثار الجائحة نفسيا واجتماعيا على الأسر المغربية عامة والشباب بشكل خاص، مما يعني أن الشروط الذاتية والموضوعية لتفكير الشباب المغربي في النزوح قد اكتملت.
أما إذا نظرنا إلى موضوع الهجرة في بعدها النخبوي، فإننا نجد التقارير الأجنبية صادمة تدق ناقوس الخطر، فهذه على سبيل المثال لا الحصر المجلة الطبية البريطانية [BM] أكدت أن هجرة الأطباء ومهني الصحة المغاربة تنتج عنه آثار اقتصادية وخيمة، حيث تكلف المغرب مابين 0.10 و 0.25 بالمائة من الناتج الداخلي الخام، وهو ما يعادل مابين مليار و 100مليون درهم ومليارين و767 مليون درهم في السنة.
لهذا يبقى الأمل معقودا على مشروع تعميم الحماية الاجتماعية لتخفيف الضغط خصوصا أن المشروع ركز أساسا على القطاع الصحي الذي يعرف نقصا حادا في الموارد البشرية وارتباكا في احترام معايير الخريطة الصحية.