خولة فرحات: حكاية الأندلس.. الإمارة الأموية (الجزء السادس)

خولة فرحات: حكاية الأندلس.. الإمارة الأموية (الجزء السادس) خولة فرحات

توقفنا عند عبد الرحمن الداخل ورأينا كيف استطاع هذا القائد السيطرة على الوضع وكيف ضم إليه جميع القبائل، وكيف نجح في قمع الثورات وأعاد مُلك بني أميّة في الأندلس بعد صراع كبير مع العباسيين والخوارج...

 

بالرغم من النجاح الكبير لهذا القائد إلا أنه دفع الثمن غاليا، فقد سقطت كل مدن المسلمين في فرنسا بعد أن حُكمت بالإسلام 47 سنة منذ موسى بن نصير وطارق بن زياد حتى دخول صقر قريش..

 

أول ما بدأ به صقر قريش عندما استرجع الأندلس هو حسن تدبير وتنظيم الإدارة الداخلية وأنشأ جيشاً قوياً بالاعتماد على ولاد لبلاد الملقّبين بـ "المولّدين" (سبق و شرحت لكم شكون هاد الطائفة) الأندلسيين الأصليين -اعتمد على كل الفصائل والقبائل الموجودة على أرض الأندلس من بني أمية والأمازيغ واليمنيين...إلخ، وبذكاء منه كان يضمّ رؤوس القوم حتى يؤثروا في أقوامهم- اعتمد على الصّقالبة: شكون هاد الصقالبة تاني: هادو أطفال نصارى اشتراهم من أوروبا ودخلهم للعسكر وعلمهم القتال والإسلام (كانتخيّل المنظر ديال هاد لوليدات كيفاش حيدوهم لواليديهم) فوصل تعداد جيش صقر قريش إلى 100 ألف فارس جيش ضخم..

 

شنو دار عاود تاني السي عبد الرّحمن: اهتم بالعلم والقضاء والحسبة هو من بنى مسجد قرطبة ويقال إنه أنفق على بنائه 80 ألف دينار ذهبي، فتنافس الخلفاء بعده في زيادة حجم هذا المسجد العظيم... بنى عبد الرحمن الداخل القلاع والحصون والقناطر التي تربط كل الأندلس ببعضها، هو من أنشأ أول دار لسكّ النقوذ الإسلامية وأنشأ الرّصافة، وهي أكبر الحدائق في ذلك الزّمان.

 

كان يعلم قائدنا أن الخطر الحقيقي هو ليون في الشمال الغربي للأندلس وفرنسا في الشمال الشرقي، فبدأ في تنظيم الثغور في الشمال ووضع جيوشا ثابتة تماما عند حدود بلاده مع الأعداء، مثلا ثغر سرقسطة في الشمال الشرقي في وجه فرنسا، وأنشأ ثغرا في مدينة سالم ويمتد حتى طليطلة، وثغر أمام ليون... وكان يخرج للجهاد في كل عام بهدف الإرباك الدائم للعدو... وتسمى هذه العملية في زمننا هذا "الهجوم الإجهاضي المسبق".

 

كان يقسِم ميزانية الدولة إلى ثلاثة أقسام: الأول كله للجيش والثاني للمؤن والأمور العامة والمشاريع، والقسم الثالث لنوائب الزمان غير المتوقّعة. وأنشأ مصانعاً للسيوف والمنجنيق في طليطلة وأنشأ العديد من الموانئ منها: طرطوشة - ألمرية - اشبيلية- برشلونة... إلخ.

 

قال فيه ابن حيان: كان راجح العقل راسخ الحِلم واسع العلم ثاقب الفهم كثير الحزم نافذ العزم بريئا من العجز سريع النهضة متّصل الحركة لا يخلد الى راحة ولا يسكن إلى بعيد الغوْرِ شديد الحدة قليل الطُمأنينة بليغا مفوّها شاعرا محسنا سمحا سخيا طلقَ اللسان، كان يحضر الجنائز وأُعطيَ هيبة من وليّه وعدوّه، يصلي بالناس يخطب على المنبر يعود المرضى، هذه بعض صفات صقر قريش والعهدة على ابن حيان...

 

ها علاش قلت لكم في الجزء السابق هو معجزة شوفو كيفاش هذا الذي خرج فارّاً من العراق وكانت كل جنود الأرض تريد رأسه من نصارى وخوارج وعباسيين.. وصار بعد رحلة شاقة حاكما على الأندلس!! ولنا في تدبّرِ سِيَر العظماء حكمٌ و آمال...

 

عبد الرحمن الداخل الذي حكم البلاد من 138هـ حتى 172هـ واحد لوقيتة بدا كايفكر شكون غادي يدير ولي العهد: واش سليمان البكر أو هشام الصغير وبعد اختبارات كثيرة واستشارات استقرّ رأيه على الصغير هشام بن عبد الرّحمن الدّاخل، ولاّه العهد و من هنا بدأ تأسيس الإمارة الأموية في الأندلس التي استمرت من 138ه إلى 316هـ. دابا باش نفهمو مزيان هذه الفترة الطويلة من الحكم غادي نقسموها إلى ثلاثة أقسام:

 

- الفترة الأولى استمرت مائة عام 138هـ حتى 238ه: فترة قوة ومجد وحضارة وهيمنة، بدأها عبد الرحمن الدّاخل وخلفه بعدها ثلاث أمراء الاول هو هشام (172هـ - 180هـ) كان عالما وأحاط نفسه بالفقهاء والعلماء وكان له أثر عظيم في بلاد الأندلس، بذل مجهودا وافرا في نشر اللغة العربية في كل الأندلس حتى أصبحت تُدرّس في معاهد اليهود والنّصارى ونشر المذهب المالكي بدلا من الأوزاعي. وعسكريا صدّ الكثير من الهجمات النصرانية على الأندلس. بعد هشام تولى ابنه الحكم بن هشام بن عبد الرحمن الداخل (180هـ - 206هـ) لم يكن الحَكم يشبه أباه ولا جدّه، فقد كان قاسيا وظالما، فرض الكثير من الضرائب واهتم بالصيد وقاوم الثورات بأسلوب غير معهود على الأمويين، فقد كان يحرق بيوت الثائرين ويطردهم خارج الأندلس، ومن أشهر الثورات التي قامت عليه ثورة قوم "الرّبض" تقع بجوار قرطبة، عندما طردهم الحكم توجّهوا بسفنهم إلى جزيرة تدعى "كريت" في البحر الأبيض المتوسط، فأسسوا بها مملكة إسلامية دامت لمائة سنة. الحَكَم هذا لم يوقف حركة الجهاد في الشمال، فكانت له انتصارات وكانت له هزائم وبه سقطت في عهده بعض البلاد الإسلامية في يد النصارى، سقطت برشلونة وصارت إمارة نصرانية صغيرة عُرفت في التاريخ باسم "أراگون" كانت على الحدود الفرنسية. فولّى بعده ابنه عبد الرحمن الثاني المعروف في التاريخ بعبد الرحمن الأوسط حكم من (206هـ - 238هـ)، هذا الاخير ألحق بجيوش النصارى هزائم عدّة وكان حسن السيرة بين الناس وكان مثل جده محبّا للعلم والعلماء وصنع مجدا كبيرا، فازدهرت الحضارة العلمية، ظهر في عهده عباس بن فرناس المخترع العظيم. استقدم هذا الحاكم الجديد العلماء من كل بقاع الأرض؛ أسس مكتبة قرطبة العظيمة؛ اهتم بالحضارة المادية والاقتصادية، فأصبحت في عهده أرض الأندلس من أغنى البلاد على الإطلاق. تخيلوا أن في الأندلس لم تكن هناك ظاهرة التّسول وتقدمت وسائل الرّي، وفي هذا الزمن القديم تم رصفُ الشوارع وكانت حينها أوروبا في جهل وظلام عميقين، وأقام القصور والحدائق الغنّاء ووسّع في المعمار؛ عرف عهده أيضا غزوات "الڤايكينغ" أهل النورمان الأسكنديناڤيين وكانوا يعيشون على حرب العصابات؛ ويعتمدون على غزوات الإغارة.. عاتا كيهجمو عليك على غفلة وماقريت حسابو هدفهم المال ماشي الأرض؛ كانوا أغاروا عل اشبيلية في عهد عبد الرحمن الأوسط سنة 230هـ بـ 54 سفينة دخلوا فأفسدوا في البلاد ونهبوا المال واغتصبوا النساء فدمّروا اشبيلية تدميرا وزادو تاني لشادونة وألمريا ومرسية وغيرها من البلاد وأشاعوا الرعب في كل مكان.. هاد عبد الرحمن الثاني جهز جيوشه ودارت بينه وبينهم معارك ضارية استمرت مائة يوم كاملة، فانتصر عبد الرحمن الثاني وجيشه، دمروا 35 سفينة للڤايكينغ، انتصر على الڤايكينغ لأنه تدارك الأخطاء لي وقعات ليه قبل ولي سهلت دخول هاد العفاريت للبلاد. قام بإنشاء سور ضخم حول إشبيلية التي تقع على الوادي الكبير الذي يصب في المحيط الاطلنتي، الشيء الذي سهل دخول سفن العدو يعني دخلو من هاد الفجوة بالضبط، فحصّنها عبد الرحمن الثاني فصارت أحصن حصون الأندلس، وأنشأ أسطولين قويين واحد في الاطلسي والآخر في البحر الأبيض المتوسط حتى يدافع على سواحل الأندلس، فاستطاع بهذا إعادة فتح جزر البليار (عقلتو عليها؟!). مات عبد الرحمن الثاني وبدأ عهد جديد.

 

- الفترة الثانية فترة ضعف ودامت 62 سنة 238هـ حتى سنة 300ه: تولى الحكم محمّد بن عبد الرحمن الأوسط، وبعده اثنين من أولاده المنذر وعبد الله. لكن بعد كل هذه القوة والهيمنة وبسط النفوذ يأتي الهَوان والضعف مرةً أخرى. الناس هنا كيفما كنقولو شبعو خبز ماكينش الفقراء التجارة مزدهرة الأمور مُسيطرٌ عليها في السواحل البحرية والحدود البرية، ضعُفت الإمارة الأموية. هنا في هذه الفترة بالضبط طراتْ شي حاجة زوينة غادي يلمع نجم "زرياب" لي غادي يجي من بغداد للأندلس ويستقر فيها ويؤسس فن الموشحات الأندلسية، وأيضا غادي يحط لأول مرة ما يسمى بالموضة، وبدا كيعلم الناس بانه كاين لباس الصيف وكاين لباس الشتاء وكل مناسبة وشنو نوع اللباس لي نلبسو فيها...الخ، وأيضا علمهم أنواع الطعام وأصنافه تماما، كما تعلم في بغداد زرياب أدخل النور وأحدث نهضة ثقافية عظيمة في بلاد الأندلس. المهم أن هذه الفترة على استقرارها كانت فترة ضعف في الإمارة الأموية وكان سببها قاطع طريق اسمه عمر بن حفصون، وهو من الموَلّدين كانت عندو عصابة وبدا كايدير ثورات خصوصا في منطقة الجنوب وبشويا بشويا بدا كايجمع فالأنصار حتى سيطر في كل الجنوب الأندلسي ويُقال إنه تنصّر، يعني تحول من الإسلام إلى النصرانية، فسمّى نفسه صامويل وأصبح بذلك يستعين ببلاد النصارى في الشمال وأيّدته مملكة ليون. تزامن هذا الحدث مع توقّف الجهاد في بلاد النصارى، وبهذا بدأت مملكة ليون تتجرّأ على بلاد الأندلس من الشمال من (الخارج) وصامويل من الجنوب (من الداخل) فضُعفت بهذا أرض الأندلس.

 

- الفترة الثالثة من سنة 300ه إلى ما بعدها:

دابا هنا عندنا ثورات لا حصر لها الداخل ممزق والخارج بدا كايزعم -صامويل استقلّ بالجنوب وكوّن ما يشبه دُويلة صغيرة وضم إليه كل من أستجّة وجيّان وأيضا غرناطة، واتخذ له عاصمة سماها باباشتر بجوار ألميريا- قامت ثورة أخرى عظيمة في أشبيلية بقيادة واحد السيد اسمه ابن حجاج، وهي ثورة كانت تمد وتساعد صامويل في ثورته ضد قرطبة - ثورة اخرى في شرق الاندلس في ڤلينسيا - ثورة في سرقسطة، واستقلت عن قرطبة - ثورة في غرب الأندلس قادها رجل اسمه عبد الرحمن الجِلّيقي - ثورة أخرى في طليطلة - المهم ناضت تاني والإمارة الأموية لم تعد تحكم الاّ مدينة قرطبة وبقا عا البرد، فانفرط العِقد تماما وتوزعت البلاد بين كثير من القُوّاد، كل واحد يجر لجيهتو وباغي الحكم. أمر خطير آخر أنه تكوّنت مملكة نصارانية أخرى في الشمال من غير مملكة ليون التي تكونت في عهد الوُلاة الثاني (واااش عقلتو؟! وااا زيرو معايا وااا ركزو معايا) المملكة الجديدة اسمها ناڤار، وهي ما يعرف الآن بإقليم الباسك... مملكة ليون مملكة الاراگون ومملكة ناڤار اجتمعوا على القضاء على المسلمين بداو كيهاجمو شي مناطق إسلامية وبداو كايقتلو الناس؛ مأساة الفتنة لم تنته بعد اسمع هادي: ولي العهد للأمير الذي يحكم البلاد في ذلك الوقت لي هو عبد الله بن محمد بن عبد الرحمن الأوسط قُتل.. شكون قتلو؟! قتلو خووووه المطّرِّف ابن عبد الله ياااا ربّي السلامة ولينا الخو يقتل خوه.

 

تخيل انت دابا: ثورات في الداخل والبلاد ممزقة، غارات شرسة للمالك النصارى في الشمال والبلاد ماعندهاش ولي عهد وزيد على هادشي لي قلنا كامل في هذه الفقرة ظهور الدّولة الفاطمية في المغرب، وكانت هذه الدولة أشد خطورة على الأندلس من النصارى. ظهرت هذه الدولة في 296هـ وانتشرت في كل بلاد المغرب من جزائر وتونس ثم إلى مصر والشام والحجاز. ويُسجّل التاريخ بكلّ أسف أن الدولة الفاطمية مدّت المساعدات والمؤونة والسلاح لصامويل هاداك لي كان سميتو عمر بن حفصون عن طريق مضيق جبل طارق باش يعاونوه يضربو الإمارة الأموية.

 

انهيار مزمن لا يوجد أمل في الإصلاح لدى عامّة الشعب.. الناظر إلى أقطار المسلمين بنظرة أوسع في ذلك الوقت غادي يلقى: مصر والشام يحكمها الإخشيديّون - الموصل يحكمها ابن حِمدان - القرامطة يحكمون البحرين - أصبهان يحكمها بنو بوَيْه - خرسان يحكمها نصر الساماني - الدولة العبّاسية لم تعد تحكم الاّ بغداد... بهذا لم يكن هناك أي أمل في طلب المدد والعون من الإخوة في الدين كلشي مفرّق وكلشي مشتّت وكلشي كيضرب على راسو، يعني ما هو إلا وقت قصير وسينتهي حكم المسلمين في الأندلس ويا خسارة العذاب الذي ذاقه صقر قريش اللي كان بحال المعجزة وأنقذ الأندلس. ولكن هيهااااات ثم هيهاااات... غادي ترجع الأمور إلى نصابها وغادي يرجعو المسلمين لوحدة الصف على يد بطل آخر من الابطال، بل وغادي يرجعّها أقوى مملكة في المنطقة أكثر قوّة، ممَا كانت عليه... شكون هاد القائد؟! كيفاش دار ليها؟! هادشي لي غادي نشوفوه في الجزء القادم.. بقاو على بال.

 

بالمناسبة شكرا على رسائل التشجيع بارك الله فيكم...