أمام ارتفاع العدد.. ما الذي يغري الزواج بالقاصرات؟

أمام ارتفاع العدد.. ما الذي يغري الزواج بالقاصرات؟ الحسن الداكي رئيس النيابة العامة
يعتبر القانون في المغرب أن الزواج المبكر استثناء من الأصل، لكن الإحصائيات والتقارير الرسمية الصادرة عن الجهات المعنية تشير إلى أن المحاكم تعج بطلبات الإذن بزواج القاصر.
وبلغة الأرقام، فإنه يوميا تشرق شمس المغرب على وضع 77 طلبا يوميا للزواج بالقاصرات، وهو رقم كبير، يطرح عدة علامات استفهام حول سبب الرغبة في إقامة هذا الزواج..
وكان الحسن الداكي، رئيس النيابة العامة قد كشف أنه خلال 2019 تلقت مصالحه ما يعادل 27623 طلبا للإذن بزواج القاصر، ونفى الداكي في لقاء تكويني مع وزارة التربية الوطنية بمراكش مؤخرا، مسؤولية القضاة عن الأرقام المهولة من الطلبات الرامية إلى تزويج القاصرات لارتباط ذلك بمجموعة من العوامل السوسيو ثقافية والاقتصادية والتنموية وغيرها، بالمقابل أقر الداكي بمسؤولية القضاة عن عدد الأذونات الممنوحة. "وهو الأمر الذي يسائلنا جميعا، ويدعونا لعدم إفراغ الاستثناء التشريعي من محتواه والحرص الدائم على توخي المصلحة الفضلى للطفل، كما أن الوضع يسائل كافة المتدخلين لحماية الأطفال لتكثيف الجهد للحد من الظاهرة".
وأبرز الداكي أن زواج القاصر من القضايا ذات الراهنية الكبرى في المجتمع لتأثيرها المباشر على حق الطفل في الحياة والنماء والرفاه والسلامة الجسدية والنفسية وغيرها من الحقوق التي تكفلها المواثيق الدولية ذات الصلة.
والمغرب بصفته دولة طرفا في الاتفاقية الدولية لحقوق الطفل واتفاقية الرضا بالزواج والحد الأدنى لسن الزواج وتسجيل عقود الزواج وغيرها وتماشيا مع التزاماته الدولية، لاءم قانونه الوطني وحدد سن الأهلية للزواج في 18 سنة شمسية كاملة كقاعدة عامة، غير أنه وضع استثناء على ذلك كغيره من الدول وسمح بزواج من لم يبلغ السن القانوني، وأخضعه لمجموعة من الشروط وأهمها أنه جعل الإذن بيد القضاء ومنحه سلطة تقديرية في منح الإذن من عدمه، مع إصداره مقررا معللا يبين فيه المصلحة والأسباب المبررة للإذن بعد الاستماع للأبوين والاستعانة بخبرة طبية أو بحث اجتماعي، وذلك توجها من المشرع نحو حماية الطفل ومراعاة مصلحته الفضلى في ذلك.
وأبرز الداكي أن النيابة العامة بصدد مشروع متعلق بإنجاز دراسة تشخيصية حول موضوع زواج القاصر، هذه الدراسة التي تهدف إلى الوقوف على الحجم الحقيقي للظاهرة، فالأرقام الرسمية المعلنة ليست دائما حقيقية ولا تعكس الواقع، فهناك حالات لزواج القاصر لا تظهر للعيان ولا تدخل في الأرقام الرسمية كزواج الفاتحة وزواج الكونترا وغيرها. مما استدعى تخصيص جانب من الدراسة لبحث ميداني للوقوف على الانعكاسات السلبية لهذه الزيجات وكذا مصير الحالات التي منحت الإذن بالزواج.