المصطفى تكاني يرصد "ملامح مسار التعليم بالمغرب" على امتداد قرن ونيف

المصطفى تكاني يرصد "ملامح مسار التعليم بالمغرب" على امتداد قرن ونيف مشهد من داخل قسم ابتدائي مع صورة غلاف الكتاب

صدر عن منشورات "صدى التضامن"، في إطار سلسلة الخدمات التربوية والإدارية - تجديد التكوين للترقي، كتاب تحت عنوان "ملامح مسار التعليم بالمغرب/ مقاربة تأريخية توثيقية/ منذ بداية القرن العشرين إلى الرؤية الاستراتيجية"، من إعداد الأستاذ المصطفى تكاني. وهو كتاب يقع في 232 صفحة من الحجم المتوسط تناول فيه بالدرس والتحليل المسار التعليمي بالمغرب، ثباتا وتحولا في خضم تفاعل الأحداث السياسية والاجتماعية والفكرية بالمغرب، ولا شك أن اختيار العنوان يحدد طموح الكاتب في رصد أهم الأحداث والمراحل التي عرفها التعليم في بلادنا، بما لها من دلالات وانعكاسات سياسية واجتماعية وثقافية على المغرب .

 

يتكون الكتاب من ستة فصول هي :

الفصل الأول: لمحة تاريخية عن التعليم خلال عهد الحماية (1912 – 1955)

الفصل الثاني: المسألة التعليمية مع الفترة الأولى للاستقلال (1956 – 1959)

الفصل الثالث: المخططات الحكومية والحركات الإصلاحية للتعليم (1960 / 1989)

الفصل الرابع: صورة التعليم أواخر القرن العشرين (1990 – 1999)

الفصل الخامس: الميثاق الوطني للتربية والتكوين والبرنامج  الاستعجالي (2000 – 2015)

الفصل السادس: ملامح الإصلاح من خلال الرؤية الاستراتيجية 2015 – 2030 .

 

ويتميز الكتاب بتناوله موضوع التعليم من الفترة الاستعمارية إلى الرؤية الاستراتيجية لإصلاح التعليم (2015-2030)، مستعرضا الأسباب السياسية والثقافية والعسكرية التي مهدت للهزائم التي مني بها المغرب في القرن التاسع عشر، والتي أدت إلى الحماية (الاستعمار)، وفي مقدمتها تشبث المخزن بمنظومة تعليم تقليدية تعادي العقل والتفكير العلمي، بغاية إعادة إنتاج بنى فكرية وثقافية قائمة على القهر والتسلط .

 

وبخصوص أهداف التعليم في عهد الحماية أوضح المؤلف أنها كانت ترمي إلى طمس الهوية المغربية وربط المغاربة بفرنسا وتكوين نخبة من أبناء الأعيان يمكن الاعتماد عليهم في تدبير الحماية بالمغرب، خاصة وأن البورجوازية المغربية كانت تتسابق ليستفيد أبناؤها من التعليم الفرنسي في وقت كانت ترفع فيه أصوات الاحتجاج على لا قومية التعليم في المغرب .

 

وفي عرضه لمراحل تاريخ التعليم بالمغرب تناول الأستاذ تكاني، بكل التواضع المعهود فيه وبالروح الوطنية التي تسكنه، الإصلاحات الرئيسية التي عرفها التعليم انطلاقا من إصلاح 1957 الذي أقر المبادئ الأربعة: التعميم – التوحيد – التعريب – المغربة، وهي المبادئ التي لم يكتب لبعضها النجاح إلى يومنا هذا.

 

ولم يفت الأستاذ تكاني في عرضه التاريخي أن يتناول المنهاج لما له من أهمية كبيرة في تشكيل الوعي الجماعي والفردي وترسيخ القيم، وكذا الكتاب المدرسي مؤكدا على أن دور الأستاذ وتكوينه والنهوض بالإدارة التربوية تشكل عاملا أساسا في نجاح الإصلاح.. مشيرا إلى أن العديد من الدراسات التربوية، وكتب الأدبيات التربوية حرصت على تداول الرأي بكيفية واسعة ومتكاثرة حول ما يرتبط بمسألة إصلاح منظومة التربية والتكوين، وتناولت في تلك الدراسات والكتب مواضيع شتى تتفرع أغلبها عن المسألة الأساس المرتبطة بـ "أزمة التعليم"، التي يشتد إيقاع بروزها حول مسايرة وقع "الأزمات" التي صاحبت النظام التعليمي بالمغرب على مدى خمسين سنة من القرن الماضي، وما بعدها إلى الآن؛ لبحث إيجاد "حــل حقيقي" للعديد من الأسئلة الجوهرية التي همت قضية التعليم باعتبارها قضية شعب ودولـة وحكومات، وحول ما يمكن من خلال تلك الدراسات والكتب أن يساهم به أبناء هذا البلد؛ على اعتبار أن إيمانهم القوي بقضية التربية والتكوين دينُ الوطن في أعناقهم، وكأن الإصلاح التربوي "فريضة على كل مواطن ومواطنة"؛ ليشاركوا في العمل على إحقاق قيم تربوية وطنية في بناء المنهاج التربوي كلا في المدرسة المغربية، ولإقرار حق الأمل معها لتدارك أزمة التربية والتكوين التي أصبحت لازمة مترددة؛ كي لا تصير المدرسة مسارا عاديا لأزمات التعليم، وطرائق متعبة  لبحث تدبير أزمة التعليم، وتوفير وسائل لتدبير تعليم الأزمة. لأن الدولة لا تحصن قيمة الإصلاح إلا إذا حصنت قوة المعلم والمتعلم .

 

وعموما، فإن الهدف المنشود من الكتاب كما أشار المؤلف في مقدمته "ليس الغرض منه الحكم على مدى تقييم مسار عملية الإصلاح التربوي بالمغرب، هل هو إصلاح صالح أو فاشل انطلاقا من تحليل تلك الوضعيات والمحطات تحليلا نقديا سلبيا بقدر ما هو محاولة تاريخية توثيقية تشكل لبنة كباقي لبنات الأبحاث والدراسات المتعلقة بالأدبيات التربوية في بلدنا، ومسحا لسجلات مجال البحث الأكاديمي، ورغبة سليمة القصد تضع الباحث ضمن ما هو موجود، وما هو منتظر، وقد حرصت على تجميعه بكيفية متتالية زمنيا وموضوعاتيا، تحدد له الإطار لإثارة الإشكالات الجديدة والجوهرية للمنظومة التربوية، وتطوير البحث التربوي وتنميته في بلدنا، قصد الوصول لاستخلاص نتائج مسار الإصلاح المنشود منذ بداية القرن العشرين إلى مسار الرؤية الاستراتيجية 2015 – 2030... سعى من خلاله المؤلف إلى تأطير وهيكلة هذا المشروع في كل فصل من فصوله؛ مع تعديلات تفرضها بعض المراحل؛ وفق التقديم التالي :

- هيكلة النظام التعليمي؛

- التوجيهات العامة والمناهج والبرامج الدراسية؛

- الموارد البشرية؛

-  الحصص والكتب المدرسية؛

- المؤسسات التعليمية وأعداد التلاميذ؛

- التقويم والامتحانات المدرسية؛

- ملامح عامة حول التعليم الحر/ الخصوصي، منفردة أو متضمنة خلال بعض الفصول .

وألحقته بالملاحق والمراجع المعتمدة؛ وهي ملاحق تضمنت لوائح ووثائق عامة وخاصة، ونصوصا تشريعية وتنظيمية تهم قطاع التربية الوطنية، مصنفة ومرتبة ترتيبا تاريخيا.

 

هذه محاولة لتوثيق الفعل التربوي عبر مسار مواضيع تهم المدرسة المغربية على امتداد قرن من الزمن ويزيد، سعيا للانتقال بها من عرض حال إلى عرض آراء ومواقف، ولتأريخ مراحل من امتداد هذا الزمن، وتوثيقها. وهي محطات تبدو للبعض آراء ومعارف عادية مألوفة، وتظهر للآخرين أن بها ما يحتاج إلى إعادة التساؤل مجددا".