الغلوسي: ما الذي منع النيابة العامة من إصدار بلاغ لتنوير الرأي العام بشأن قضية الباكوري؟

الغلوسي: ما الذي منع النيابة العامة من إصدار بلاغ لتنوير الرأي العام بشأن قضية الباكوري؟ محمد الغلوسي، رئيس الجمعية المغربية لحماية المال العام
أعتقد بأن غياب التواصل وضرب نوع من السرية على قضية الباكوري، مع أن المعني الأمر يخضع لبحث قضائي حسب ما يتم تداوله، والرأي العام لا يطالب بتفاصيل الموضوع، لأن تفاصيله مشمولة بالسرية من الناحية القانونية، ولكن كان على الأقل التواصل في حدود هذا الإطار، علما أن النيابة العامة دأبت على إصدار بلاغات في قضايا أخرى، قضايا صحفيين، قضايا حقوقيين، قضايا بعض النشطاء الاجتماعيين. إذاً النيابة العامة كان بإمكانها أن تصدر بلاغا على الأقل في القضية رفعا للغموض واللبس، واحتراما لمبدأ المساواة أمام القانون ودفعا للإشاعة، علما أنه الأمر يتعلق برئيس سابق لحزب سياسي، ومسؤول عن جهة، وعن منشآت عمومية، ومادام أن الأمر يتعلق بتدبير الشأن العمومي، ولا يتعلق بخصوصيات الأفراد، والشخص يمارس مسؤوليات عمومية والخبر الذي يتم تداوله يتعلق به بصفته شخصية عمومية، وبصفته يمارس التدبير العمومي، وما دام أنه يمارس التدبير العمومي، فمن حق الرأي العام أن يعرف الحقيقة.. إن كانت هناك اختلالات في شركة «مازين» لابد أن يعرف طبيعتها، وإن كان هناك بحث قضائي على الرأي العام أن يعرف أن هناك بحثا قضائيا مفتوحا في القضية. نحن لا نطالب بإعطاء تفاصيل مشمولة بالسرية، بل بإعطاء توضيح يتعلق بموضوع القضية وسبب المنع من السفر، كما دأبت النيابة العامة في قضايا أخرى، إذ جرى تقديم البلاغ في ندوة صحفية. وما يجري من حديث حول القضية من طرف بعض وسائل الإعلام، وفي بعض الصالونات السياسية، مضر بالحياة السياسية، ومضر بالمجتمع، ومن شأنه أن يفتح الباب أمام تأويلات واتهامات مبطنة لمؤسسات، وقد يقال إن الهدف من عدم إصدار بلاغ وعدم توضيح القضية هو أن هناك بحثا جاريا لإيجاد تسوية للقضية، وهذا شيء يضر بالمؤسسات، ويضر بجهاز القضاء. وبالتالي من مصلحة القضاء، ومن مصلحة الرأي العام والمجتمع أن يتم كشف ملابسات وظروف هذه القضية، وأنا لا أقصد تفاصيل الملف لأنه مشمول بالسرية، ولكن على الأقل تقديم توضيح للرأي العام كما جرى الأمر في قضايا أخرى.
وفي الأخير، أشير إلى أن سيادة الإفلات من العقاب وضعف حكم القانون جعل مثل هذه المظاهر ومثل هذه الظواهر، تطفو على سطح المجتمع المغربي. وبالتالي لابد من التأكيد أن الفساد والرشوة معضلة حقيقية للمجتمع والدولة، ولابد من الحزم في مواجهتها، وأن تكون هناك إرادة سياسية حقيقية للتصدي لكل مظاهر الفساد، ولا بد من وجود منظومة قانونية تسعف في التصدي للفساد، وأن التعامل مع منظومة الفساد بهذه الطريقة لايمكن أن يخدم القضية في شيء، بل يمكن أن يضرها، ويأتي بعكس النتائج المرجوة.