شفيق: فشل الأحزاب في صناعة النخب أفرز جائحة الترحال السياسي

شفيق: فشل الأحزاب في صناعة النخب أفرز جائحة الترحال السياسي محمد شفيق

مواكبة من جريدة "أنفاس بريس" للمشهد الحزبي مع خروج أباطرة الإنتخابات من جحورهم استعدادا لاستحقاقات 2021، طرحنا على مجموعة من الفعاليات سؤال الترحال السياسي كظاهرة مقلقة يشمئز منها المغاربة وتصدمهم كلما دقت ساعة التمرين الديمقراطي في علاقة بمؤسساتنا التمثيلية، الأغرب من ذلك أن سلوك الإنتقالات وتغيير الأقمصة والتنكر للحزب يقوم به أشخاص يعتبرون أنفسهم قياديين بأجهزة أحزابهم ومن المفروض فيهم تحصين المؤسسة الحزبية والإرتباط بها والعمل على توسيع قاعدتها بالتأطير والاستقطاب والتعبئة. في هذه الورقة نتقاسم مع القراء رأي الفاعل الجمعوي محمد شفيق.

هناك أعطاب عديدة تعاني منها الممارسة السياسية والحزبية ببلادنا، أفضت إلى نتائج كارثية كانت إحدى تمظهراتها ظاهرة العزوف السياسي وفقدان الممارسة السياسية لكل ثقة وفي كثير من الأحيان فقدان الكثير من المصداقية.

ولعل أبرز مظاهر الإفلاس الحزبي في زمن لم تعد للسياسة أية جاذبية أو إغراء هو ظاهرة الترحال والانتقال وتغيير الألوان والانتماءات الحزبية عشية الانتخابات.

قد يبدو في الظاهرة الكثير من الأسباب، قد تسعف في فهمها واستيعابها، منها ماهو تنظيمي، يرتبط بطبيعة الوشائج التي أصبحت تتحكم في الانتماء الحزبي، وتحدد مدلوله السياسي.إذ لم يعد النضال وتملك الخط الحزبي والإختيار الإيديولوجي محددا عاما لهذا الإنتماء، فباسم الانفتاح وتوسيع التنظيم تم فتح الباب مشرعا على قناصي الفرص وعلى جيوش الإنتهازيين حولت العمل الحزبي إلى مرقاة اجتماعية ومناسبة لتحقيق المزيد من المصالح الشخصية. فتم بذلك الإجهاز على ماتبقى من نبل للسياسة وللفعل السياسي كخدمة عمومية .

ومن أسباب الظاهرة أيضا هذا الاستعداد الدائم للأحزاب لملأ الهامش الضيق لممارسة الحكم، مهما كانت كلفة هذه المشاركة وشروط تحققها، حيث لا تمثل البرامج السياسية قاعدة صلبة للتعاقد الاجتماعي وأرضية لتعبئة الناخبين، وإنما يتم الاستعاضة عن كل ذلك بالقدرة على الحصول على المقاعد بمواصفات النفوذ المالي والمركز الاجتماعي الذي تغذيه ثقافة الأعيان. ومنها أيضا السعي إلى استغلال هذا اللاستقرار والنزيف المتواصل داخل الاحزاب لتهديد استقلالية القرار الحزبي من أجل التحكم في نتائج صناديق الاقتراع و تيسير صناعة الخرائط السياسية .

وأمام تواطؤ الاحزاب وصمتها على تفشي هذه الظاهرة يبدو أن دور الناخب والاختيار العقلاني أثناء التصويت سيكون له دور هام في محاصرة الظاهرة ومواجهتها.