زهرو: انعكاسات خطيرة سيخلفها دخول اتفاقية تبادل المعلومات البنكية بين المغرب وأوروبا

زهرو: انعكاسات خطيرة سيخلفها دخول اتفاقية تبادل المعلومات البنكية بين المغرب وأوروبا رضوان زهرو (يمينا) ووزير المالية بنشعبون

على هامش الغليان الذي يهز مغاربة العالم بسبب قضية تبادل المعلومات البنكية بين المغرب وأوروبا، وما تلا ذلك من رجة في صفوف أبناء الجالية؛ خوفا من مضاعفات قانونية أو ضريبية. اتصلت "أنفاس بريس" بالدكتور رضوان زهرو، أستاذ الاقتصاد، الذي أعد لها الورقة التالية:

 

"انعكاسات خطيرة جدا تلك التي سيخلفها دخول الاتفاقية المبرمة ببن المغرب وعدد من دول الاتحاد الأوروبي بشأن التبادل الأتوماتيكي للمعلومات المالية والضريبية، بداية شتنبر المقبل، على أفراد الجالية المغربية المقيمة بالخارج.. إذا (أقول إذا) أسيئت قراءة الاتفاقية أو تم تأويلها على غير مرادها المتفق عليه أو تم سوء تنفيذها، من طرف كافة الأطراف. فالظاهر من الاتفاقية هو هدف محاربة التهرب الضريبي، لكن ما خفي قد يكون غير ذلك.

 

في اعتقادي قد تكون الأهداف الحقيقية وغير المعلنة، أكبر من ذلك، قد تتعلق بمحاولة التجسس مثلا على الأجانب المقيمين في دول الاتحاد الأوروبي، والتتبع الدقيق لحساباتهم وكذا أصولهم وممتلكاتهم، داخل بلدانهم الأصلية حيث يقيمون، لدواعي اقتصادية واجتماعية قد تؤدي إلى حرمانهم من الكثير من الحقوق والمكتسبات التي ظلوا يتمتعون بها لسنوات طويلة، ولكن وأساسا لدواعي أمنية. لكن المؤسف أن تقوم بهذه المهمة وبالوكالة الدول المصدرة للمهاجرين ومنها المغرب؛ وهو ما لا نريده طبعا ولا يقبله المغاربة المقيمين بالخارج.. هؤلاء المغاربة الذين أبانوا عن حس وطني عالي جدا وقدموا ويقدمون باستمرار، الغالي والنفيس لصالح وطنهم وأحيانا كثيرة، في أحلك الظروف، ورغم أن جلهم لم يتمكنوا من زيارة وطنهم، نظرا للجائحة ولإكراهات الجائحة وتداعياتها، ومنها إغلاق الحدود مثلا، إلا أنهم استمروا في تحويلاتهم المالية السخية نحو بلدهم؛ فهل جزاء الإحسان إلا الإحسان.

 

من حق الدول الأوروبية أن تتخذ من التشريعات ومن القرارات، ما تراه مناسبا، وفي ذلك ممارسة لسيادتها وعملا باستقلال قرارها، على ترابها، أقول فوق ترابها، حفاظا على مصالحها، وحماية لاقتصادها، وزجرا لأي تهرب من طرف من كان، لا يؤدي الضرائب المستحقة عليه، كما تفعل دائما.. وهنا نتذكر جميعا إقحام المغرب وبشكل تعسفي في اللائحة السوداء للدول غير المتعاونة مع الاتحاد الأوروبي، بشأن الملاذات الضريبة، قبل أن يتم مؤخرا حذفه منها والاعتراف له بحسن تنسيقه، رغم كل المجهودات التي بذلها والقوانين التي صادق عليها والإصلاحات التي أدخلها خاصة في قانون المالية الحالي، والتي همت أساسا نظام القطب المالي للدار البيضاء والمناطق الحرة والصناعية الموجه للتصدير، خاصة وأنها ليست في صالح مقاولاتنا وضدا على قوتها التنافسية.

 

يبقى من حق السلطات المغربية كذلك، إدارية كانت أو بنكية أو مالية أو ضريبية، العمل بالمثل على الأجانب المقيمين فوق التراب الوطني، تحقيقا لنفس الأهداف المشار إليها أعلاه.

 

ولا أعتقد، بل أنا متأكد، أن بلدا محترما وذا سيادة كاملة كالمغرب، ومستقل كامل الاستقلالية، في اتخاذ قراراته، وما فتئ يعمل على تجويد الخدمات وتقديم كل التسهيلات الممكنة لجاليتنا، بتعليمات ملكية سامية، سيقبل بأن يكون عينا على هذه الجالية من هنا من المغرب، لصالح الأجنبي مهما يكن هذا الأجنبي ومهما تكن العلاقة التي تربطنا به والمصالح المتبادلة معه.

 

لا شيء يلزم بلادنا على الإقدام على هكذا فعل. فليطمئن أفراد الجالية؛ هذا شأن أوروبي أوروبي، والمغرب سيبقى كما كان دائما في خدمة رعاياه يدافع عن مصالح كل المغاربة أينما كانوا، في البلاد وخارجها.