قال محمد نشطاوي، أستاذ القانون الدولي بجامعة القاضي عياض بمراكش؛ إن المغرب ورغم أنه يدخر جهدا كبيرا في حماية البعثات الدبلوماسية المعتمدة لديه ليس فقط بناء على الالتزامات الدبلوماسية التي تقع على عاتقه، بل كذلك حرصا منه على عدم تضرر علاقاته مع الدول الصديقة، فإن ما تتعرض له البعثات الدبلوماسية المغربية ورموزها السيادية مؤخرا في إسبانيا وهولاندا يسائل هاته الدول حول الإجراءات الأمنية التي توفرها للحماية، كما تفتح الباب أمام المغرب بناء على الاجتهادات القضائية الدولية السابقة لطلب التعويض حول ما تعرضت وتتعرض له هاته البعثات من تدنيس للعلم الوطني ومس بحرمة هذه التمثيليات الدبلوماسية.
وأشار نشطاوي أن اتفاقية فيينا للعلاقات الدبلوماسية لسنة 1961 الإجراءات والضوابط الخاصة بالعمل الدبلوماسي بين الدول وتبين الإطار المتعدد الأطراف لحماية الحقوق والواجبات الخاصة بأفراد البعثات الدبلوماسية.
كما مست هذه الاتفاقية الحماية الأمنية التي يجب أن تتمتع بها مقار البعثات الدبلوماسية، بما في ذلك المباني وأجزاء المباني والأراضي الملحقة بها التي تستعملها البعثة، وأيضا مقر إقامة رئيس البعثة.
وقد نصت الاتفاقية ذاتها على أنه ليس لممثلي الحكومة المعتمد لديها الحق في دخول مباني البعثة إلا إذا وافق على ذلك رئيس البعثة. وعلى الدولة المعتمد لديها التزام خاص باتخاذ كل الوسائل اللازمة لمنع اقتحام أو الإضرار بمباني البعثة وبصيانة أمن البعثة من الاضطراب أو من الحطّ من كرامتها.
وأخيرا - يضيف نشطاوي - لا يجوز أن تكون مباني البعثة أو مفروشاتها أو كل ما يوجد فيها من أشياء، أو كل وسائل النقل عرضة للاستيلاء أو التفتيش أو الحجز لأي إجراء تنفيذي.
كما تضمنت اتفاقية فيينا للعلاقات القنصلية لسنة 1963 أحكاما مماثلة بشأن الحماية التي قررتها للتمثيليات القنصلية.
وأضاف أن اضطلاع أعضاء البعثة الدبلوماسية بأداء مهام الوظيفة الدبلوماسية، يتطلب تمتع هؤلاء الأشخاص بمجموعة من الحصانات والامتيازات اللازمة لأداء المهام المنوطة بهم على أكمل وجه . تلك الحصانات التي تتعدد لتشمل تقرير حماية خاصة لشخص المبعوث الدبلوماسي وحرمة مسكنه الخاص وأمتعته الشخصية، وحصانة قضائية، وبعض الإعفاءات المالية، وكذلك تقرير حصانة خاصة لمقر البعثة الدبلوماسية، وما بها من مستندات ووثائق، وكذلك تقرير بعض التسهيلات اللازمة لتيسير أعمال البعثة الدبلوماسية.
كما تطرق نشطاوي في حديثه لـ " أنفاس بريس " إلى ما استقر عليه الفقه الدولي وأحكام المحاكم من ترتيب المسؤولية الدولية في حالة تقصير الدولة المعتمد لديها في توفير الحماية لمقار البعثات الدبلوماسية والقنصلية. مقدما مثال الحكم الشهير الصادر عن محكمة العدل الدولية، في القضية المعروفة باسم قضية الرهائن سنة 1979، والتي صدر بشأنها حكم المحكمة عام 1980 والذي فصل في الدعوى التي أقامتها الولايات المتحدة ضد إيران بعد اعتداء بعض الأشخاص على سفارة الولايات المتحدة في طهران وقنصلياتها في تبريز وشيراز، في أعقاب الثورة الإيرانية، وعجز السلطات الإيرانية، بل تجاهلها توفير الحماية الدولية اللازمة لمقار وأعضاء البعثات الدبلوماسية الأميركية المعتمدة في طهران في ذلك الحين.
وبعد أن فحصت محكمة العدل الدولية كل الوقائع الخاصة بهذه القضية، قررت أن تقاعس السلطات الإيرانية في ذلك الحين في توفير الحماية اللازمة لمقار البعثات الدبلوماسية، بما في ذلك أرشيفها ووثائقها، يشكل انتهاكا جسيما لالتزاماتها الدولية المقررة بموجب أحكام الاتفاقيات الدولية ذات الصلة. علاوة على ذلك، قضت المحكمة بحق الولايات المتحدة في مطالبة إيران بالتعويض عن الخسائر والأضرار التي لحقت بمقار بعثاتها الدبلوماسية والقنصلية، كما يشمل الالتزام بأداء التعويض إخلال إيران بالتزامها باحترام القواعد الدولية المقررة في هذا الشأن.