زهير لخيار: حكاية طالب أعزل بجامعة سطات: حكم القانون أم الحكم بالقانون؟

زهير لخيار: حكاية طالب أعزل بجامعة سطات: حكم القانون أم الحكم بالقانون؟ زهير لخيار

لعل قارئ هذا المقال سيتبادر إلى ذهنه سؤال التأخر في صياغته، وكذا سبب نزوله، ولذلك قبل الخوض في معاناتنا إلى جانب الطالب المعني بالدكتوراه التي أثارت جدلا مفتعلا وغير صحيحا، فإني تأخرت تحت ضغط سياسة الكيل بمكيالين التي مورست وستمارس على هذا الطالب الأعزل.

لا أريد أن أكون سببا في تعثر مسيرته العلمية وذلك بحرمانه من شهادة الدكتوراه كرد فعل عن ما نعبر عنه من آراء قد لا تعجب إدارة جامعة الحسن الأول.

لكن وبعض وضوح الرؤية والحصول على إذن الطالب المعني بهذه النقاش الذي أصبح وطنيا ودوليا، سنقص عليكم أصدق القصص عن معاناة هذا الطالب منذ أن بدأ مسيرته العلمية لا لشيء لأنه رجل لا يتقن "التبنديق"، ولا يحسن ممارسة "لحس الكابة"، وبالتالي تعرض لما تعرض له من عراقيل وافتراءات سنلخصها فيما يلي:

 

لن نتحدث في هذا المقام عن معاناته قبل التسجيل في الدكتوراه، لأن المجال لا يتسع لذلك بل سنبدأ القصة من الوقت الذي حصل فيه الطالب على موافقة مؤطره على المناقشة، وبالتالي بدأ إجراءاته الإدارية التي تبتدئ باقتراح المقررين الذين سيقيمون العمل من طرف المؤطر كما ينص على ذلك القانون الذي فصلنا حيثياته في مقال سابق لكن الطالب اصطدم بالعراقيل التالية:

 

- العرقلة الأولى:

بقراءة متأنية للقانون المؤطر للدكتوراه تبين أن أي طالب يحق له أن يبدأ مسطرة المناقشة دون استكمال ثلاثة سنوات، وذلك بقوة القانون، وبما أن الطالب الأعزل استكمل بحثه وحصل على موافقة أستاذه المؤطر، تقدم بطلب بدء إجراءات المناقشة لكنه قوبل بالرفض بدعوى عدم استكمال السنوات الثلاثة، وبالرغم من أن القانون لا يمنع ذلك كما بيناه في مقال سابق، سنقتصر هنا على ذكر حالة أخرى تفيد أن طالبة ناقشت أطروحتها خمسة أيام بعد استكمال الثلاثة سنوات، وبالتالي متى قامت هذه الطالبة بإجراءات المناقشة؟

والتي تحتوي على المراحل التالية: طبع الأطروحة بعدة نسخ وضعها بإدارة المركز التي تقوم بصياغة المراسلات التي تطلب من الأساتذة إنجاز تقارير حول هذه الأطروحة، وانتظار جواب الأساتذة الذي قد يمتد إلى أكثر من ثلاثة أشهر، وبعد التوصل بالتقارير يتم الإعلان عن مناقشة الأطروحة الذي ينبغي أن يعلق مدة لا تقل عن عشرين يوما قبل المناقشة تم تأتي مرحلة المناقشة ونظرا لنجاعة هذه الإدارة فقد تمت هذه الإجراءات في مدة لا تزيد عن خمسة أيام.

إذن إما أن كل هذه الإجراءات أنجزت في خمسة أيام وهو الشيء المستحيل، وإما أن الإجراءات ابتدأت قبل متم السنوات الثلاثة التي رفض السيد مدير المركز ورئيسة الجامعة تطبيقها على هذا الطالب الأعزل، ويبقى السؤال مطروحا لماذا نعم لهذه الطالبة ولا للطالب الأعزل؟

سؤال يجد جوابه في القول الدارج: "للي مو في العرس ما يبات بلا عشا" أي بمعنى أن هذه الطالبة ناقشت بهذه السرعة لأنها ابنة مسؤول بجامعة الحسن الأول، كما تجدر الإشارة أن هذه الطالبة انتقلت من مؤسسة خارج جامعة الحسن الأول وهي مسجلة بسلك الدكتوراه مع أستاذ بهذه المؤسسة الخارجة عن  جامعة الحسن الأول ومختبر آخر خارج الجامعة انتقلت بسرعة البرق إلى مؤسسة أخرى بجامعة الحسن الأول و مختبر آخر.

 

- العرقلة الثانية:

رفضت إدارة مركز الدكتوراه الدكتور زهير لخيار كمقرر لهذه الأطروحة بدعوى عدم التخصص متناسية أن السيد مدير مركز الدكتوراه الذي رفض مشاركتي في هذه الأطروحة، هو نفسه قد راسلني طالبا مني إعداد تقرير عن أطروحة في نفس تخصص دكتوراه الطالب الأعزل، وهو القانون العام وذلك بالرغم من  تقارب مواضيع الأطروحتين.

وبما أن الطالب يتميز بحسن الخلق و بالتمسك بالمبادئ الصحيحة لجأ إلي ليخبرني بالحرف:

توقفت المسيرة العلمية هنا يا أستاذي؟  

فقلت له باندهاش: لماذا؟

قال: لقد تم رفضكم كمقرر للأطروحة يا أستاذ

فقلت له: إن الأمر بسيط للغاية

قال: كيف؟

قلت: غير الأستاذ لخيار بأستاذ آخر

قال بكل توتر: لا، يستحيل ألا يرد اسمك في شهادة الدكتوراه

فقلت: غير يا زكرياء وإلا قطعت علاقتي معك

 

فخضع الطالب الأعزل لكلامي وانطلق ليغير ويستكمل مسيرته في مناقشة الأطروحة ولحسن الحظ أنهم  عوضوني بأستاذ مخلص لبلاده ويتميز بالعلم والحكمة والمبادئ الرصينة وقوته الاقتراحية في مجال القانون العام عموما وفي قضيتنا الوطنية على الخصوص وهو من أقوى المدافعين عن قضية الوحدة الترابية للمملكة على المستوى الدولي والوطني.

 

- العرقلة الثالثة:

تم التغيير.. وبعد معاناة وأخذ ورد توصلت إدارة مركز الدكتوراه بالتقارير التي صرحت كلها أن الأطروحة قابلة للمناقشة بدأ الطالب الأعزل معاناة من نوع ثان، وهي محاولة تحديد يوم المناقشة فبلجوئه إلى إدارة المركز تم صده بدعوى ضرورة تعيين رئيس للجنة المناقشة، لأن كل الأعضاء لا يتوفر فيهم شرط الرئاسة وهو إطار أستاذ التعليم العالي. فهم الطالب الأعزل باقتراح الدكتور زهير لخيار لترؤس اللجنة فتم رفض ذلك بدعوى أنه أستاذ خارجي أي لا ينتمي إلى الجامعة، وهو الأمر الذي لم يفرض على آخرين بالرغم من أنه أمر مشروع.

وبالرجوع إلى إعلان مناقشة قد تم تأجيلها بسبب المهزلة التي حصلت أثناء مناقشة الطالب الأعزل، نجد أنه يشارك فيها أستاذ من المدرسة الوطنية للتجارة والتسيير بالجديدة بالرغم من أنها في تخصص القانون إن القصد من هذا فقط هو تبيان التناقضات التي تشتغل بها جامعة الحسن الأول.

 

- العرقلة الرابعة:

بعد أن تجاوز الطالب الأعزل كل هذه العوائق المفتعلة والمفبركة، اصطدم بعرقلة من طراز آخر فرضتها عليه إدارة المركز بالرغم من أن الإجراء المطلوب لا ينص عليه القانون وليس فيه أي إلزامية هذا الفرض يتمثل في ضرورة إضافة متفحص أو ممتحن  للجنةexaminateur .

والشاهد عندنا هنا أن إدارة المركز لم تفرضها على آخرين من قبيل الطالب الذي يساعد موظفي المركز في مهامهم مع متمنياتنا لهذا الطالب بالتوفيق في مناقشته. ولأن الباحث الأعزل كان مخلصا في بحثه، عينت له لجنة المناقشات عضوا متفحصا، وهو أستاذ متمكن في مجال المالية العامة ومشهود له بالكفاءة في هذا المجال.

ولأن الأستاذ ينطوي على هذه الكفاءة العالية فقد تحلى بموضوعية تامة وناصر بحث الطالب وكان من المدافعين على جودته وخلوه من كل ما نسب ظلما لهذا الطالب الأعزل. وتجدر الإشارة أن اللجنة التي اخترعها مركز الدكتوراه والتي تحدد من يناقش من عدمه لا وجود لها في القانون المؤطر للدكتوراه، كما تجدر الإشارة أن الأستاذ الذي أثار الضجة داخل القاعة، هو عضو بهذه اللجنة المصطنعة، إذن تقبل البحث في إطار اللجنة المخترعة ثم تقبل أن تترأس لجنة مناقشة الطالب الأعزل، وبعد ذلك تتهجم عليه باتهامات لا أساس لها من الصحة اللهم إن هذا منكر.

 

- العرقلة الكبرى:

بعد كل المحاولات اليائسة لتيئيس الطالب الأعزل من البحث العلمي حصلت الكارثة الكبرى والتي تتبعها الخاص والعام، والتي كانت بمثابة المحاولة الأخيرة لتحطيم هذا الشاب الواعد وضربه ضربة قاضية تجهز عليه لكن هذه المحاولات تهشمت أمام صلابة الصخر العلمي لهذا الباحث الأعزل الذي أقول له شخصيا يا زكريا إني أبشرك بمستقبل واعد فلا تحزن.

إن هذا ما يسميه المختصون بالحكم بالقانون وليس حكم القانون والمعنى أن حكم القانون يفيد تطبيق القانون في جميع النوازل وجميع الوضعيات وعلى جميع الفئات وذلك في إطار متكافئ. لكن سياسة الحكم بالقانون تفيد تطبيق القانون كلما كان ذلك في صالح منفذه، فما معنى أن ترفض طلبا من ناحية وتقبله من ناجية أخرى بالرغم من أن دافع الرفض واحد؟

 

زهير لخيار، أستاذ باحث