قسومي نجيبة: متى تتوفر الإرادة الحقيقية لدى صناع القرار السياسي لتحقيق مبدأ المناصفة؟

قسومي نجيبة: متى تتوفر الإرادة الحقيقية لدى صناع القرار السياسي لتحقيق مبدأ المناصفة؟ قسومي نجيبة
إن قانون 70.03 الصادر سنة 2004، بعد المسار النضالي الحافل للحركة النسائية التي كانت تطالب بملاءمة مقتضيات قانون الأسرة أو مدونة الأحوال الشخصية لسنة 1957، مع النصوص والاتفاقيات الدولية الحديثة التي اعتمدها المغرب كمرجع أساسي في صياغة قانون 70.03 لمدونة الأسرة، والذي شكل منعطفا كبيرا في مجال النهوض بحقوق المرأة وتعزيز قيم المساواة بين الجنسين عبر إقرار آليات تمكن من حماية المرأة داخل الأسرة.
لقد كانت هذه التعديلات بداية جيدة لفتح ورش تشريعي جديد يضمن للمرأة الحق في المساواة داخل المجتمع، لهذا قرر المغرب إبان الحراك الإجتماعي لسنة 2011، ترسيخ مبدأ المناصفة لسموه في المواثيق الدولية وهذا باعتماد "الكوطا" المؤقتة كآلية تساهم في إبراز الكفاءات النسائية في عدة مجالات وميادين كانت حكرا على الرجال فقط، وخصوصا في الحقل السياسي على سبيل المثال لا الحصر.
 إن المرأة المغربية لطالما استبعدت من تبوؤ المناصب القيادية داخل الأحزاب ليقتصر دورها في تأثيث المشهد فقط، ما جعل الحركة النسائية تدفع بقوة في اتجاه إقرار قوانين معينة تضمن حق النساء في المشاركة السياسية المشرفة، وهذا ما سنه المشرع وأقره في مضامين دستور 2011، حيث نص في الفصلين 6 و19 على تحقيق مبدأ المساواة في الحقوق وإقرار المناصفة، وتكافؤ الفرص، وإحداث هيئة المناصفة ومكافحة كل أشكال التميز لتحقيق هدف المناصفة.
في السياق نفسه تمت ملاءمة قانون الأحزاب السياسية مع المقتضيات الدستورية عبر الفصل 26 من القانون التنظيمي للأحزاب، والذي ينص على تمثيلية المرأة داخل الأحزاب وفي جميع هياكلها المركزية والجهوية والإقليمية بنسبة الثلث في أفق المناصفة داخل الأجهزة، وكذا في اللوائح الانتخابية.
وبالرغم من كل هذه التشريعات التي تساهم في تمكين المرأة من حياة اجتماعية و إقتصادية وسياسية عادلة دون حيف أو ميز، إلا أنه لازلنا نعاني من محاربة النساء في مناصب بارزة كالوزارات الكبرى، والمؤسسات الوطنية، وعلى رأس الأحزاب بإختلاف تلاوينها، وهذا راجع بالأساس لإنعدام الإرادة السياسية الحقيقة لصناع القرار في تنزيل مقتضيات الدستور وتفعيل الآليات المحدثة لهذا الغرض، ما يجعلنا نرفع نفس المطالب على مستوى تحقيق "المناصفة والمساواة الفعلية" كل سنة وخاصة في اليوم الأممي للمرأة ( 8 مارس)، على اعتبار أن النساء لازلن يعانين من تبخيس أدورهن داخل المجتمع وفي جميع الميادين، وكأن كل هذه التشريعات هي فقط لتجميل صورة المغرب أمام المجتمع الدولي وليست للتنزيل والدفع بالمسار الديمقراطي للمغرب نحو الطريق الصحيح، خاصة في ظل غياب آليات التتبع والتقييم للهيئات المحدثة لهذا الغرض، ليظل النص التشريع موقوف التنفيذ إلى حين توفر الإرادة الحقيقية لدى صناع القرار السياسي. 
قسومي نجيبة فاعلة سياسية