أحمد بومعيز: لما يطمح الغنوشي أن يصير "بايا " غير راشد ...

أحمد بومعيز: لما يطمح الغنوشي أن يصير "بايا " غير راشد ... أحمد بومعيز
..يبدو أنه صار فجأة للغنوشي طموح غريب. طموح وحنين يعود به إلى إلى القرنين 16 و 17 الميلادي، لما حكمت الدولة العثمانية تونس بعد انهيار دولة الحفصيين بمنطقة شمال إفريقية . ولما كان الباب العالي يولي الدايات والبايات على تونس والدول المجاورة.
الغنوشي يحن إلى ذلك دفعة واحدة، يحن ويطمح أن يصير بايا جديدا، وبدون مراعاة التطور التاريخي وحتميته، وارتباط مكوناته وتشكيلاته. وهو أصلا لا يؤمن بالتطور. يؤمن بالإخوان والإسلاموية والدولة العثمانية وحفيدتها الراهنة تركيا الإخوانية.وكفا ...
... نعم، فلم نجد غير هذه الفرضية سببا منطقيا لخرجته الإعلامية الأخيرة والداعية إلى مغرب عربي بأقطار ثلاث فقط، تونس والجزائر وليبيا... لم نجد العلاقة والمشترك بين الأقطار الثلاث غير هذا القاسم المشترك. احتلالها ثلاثتها من قبل الدولة العثمانية.
تونس لمدة ثلاث قرون، وأربعة بالنسبة الجزائر وليبيا. العلاقة والمشترك بينها كلها هو الدولة العثمانية. طبعا ضمن دول المغرب العربي الخمسة، أي بحضور المغرب وموريتانيا كأساس أولي للمغرب العربي، تاريخا وجغرافيا .
الغنوشي استبق الأحداث، ومهد للحل الاستراتيجي لتونس والجزائر وليبيا. منظر هو حد الهديان. منظر بعقلية رجعية، وبخلفية رجعية، وبأثر رجعي.
وجد فجاة الحل لتونس وجيرانها المباشرين في التاريخ والجغرافيا والأزمة. وبذلك سيضرب كل العصافير بتخمينة واحدة. المغرب العربي الغير الراشد على طريقة الغنوشي. مغرب عربي بدون مغرب.
يفتقد الامتداد الجغرافي والثقافي والاثني والاقتصادي، وحتى المنطقي. راشد الغنوشي فقد رشده، وبلغ من الكبر عتيا، وبدأ يهلوس ويهدي في إستراتيجية المنطقة المحكومة بأكثر من ميزان قوة، والمرهونة بتحديات أكبر من الشيخ وطموح مريديه. الغنوشي أصابه الوهن فافترض أن الدولة العثمانية ستعود لإنقاذ الخوانجية، وتعيد له سلطة الباي الذي حكم تونس والجزائر إبان سلطة الباب العالي. ونسي أن للوحدة بين الدول شروط موضوعية وذاتية محددة ومحددة .
وأن الدولة العثمانية لن تعود ...وأن تركيا لن تحل مشكل الخوانجية. وأن الخوانجية لن يتوفقوا في حكم المنطقة. وأنهم كانوا سببا في إطفاء شعلة ثورة الياسمين في تونس الجميلة.
وأنهم دنسوا طهارة الثورة وبعثروا أمل وعبق الياسمين. وكذلك فعلوا في مصر. ونسي الغنوشي أن الوحدة لا تكون بأشباه دول، وبدول فاشلة. وأن الوحدة تكون مكملة لمشروع، وليست العكس. والغنوشي فقد حسه وقدرته على إدراك أن الحل الأولي والبديهي هو تجاوز الدول الثلاث لمعيقاتها ومشاكلها البنيوية.
وربما لم يعد يتذكر أنه وجماعته التي لم تنهض بعد كانت سببا في أزمة تونس السياسية منذ نهاية ربيع الياسمين قبل عشر سنوات منذ بداية "الترويكا " وبعدها .
نعم هم جماعة الغنوشي من أفسد المشهد السياسي، وأفسد أمل المنطقة والعرب في ثورة كادت تكون نموذجا لو لم يعبث بها الخوانجية بقيادة شيخهم الغنوشي. والعبث مستمر.... فهل يعقل يا راشد أن تعملوا على التوافق حول دستور تونسي يضم جهازين متداخلي السلطات من غير وضع هيئة تحكيمية بين الجهازين كمحكمة دستورية مثلا..؟؟!!!. والآن، وقدتاهت تونس بفعل هلوسات الشيخ ومريديه ، عادوا للشارع لاستعراض عضلات وفتوات المريدين. وربما لم يعد الغنوشي يتذكر أن ليبيا لا زالت دولة فاشلة، وأن الحل والتوافق بها بعد الصراع العقيم ، لا زال جنينيا، رغم الأمل، والذي قد تبعثره هلوسات الغنوشي وتواجد ميليشيات خارجية منها ميليشيات تركيا التي يحلم بها في وهنه.
أما القطر الثالث الذي يراهن عليه الشيخ ، فقد نسي أنه في ازمته منذ سنوات، وأن حكام الجزائر وعسكره تائهون في الصحراء يبحثون في عبث عن البحر والمحيط الأطلسي، ولم يصلوا بعد أكثر من أكثر من45 سنة من دعم مجموعة انفصالية يحاولون أن يجعلوا منها كيانا لقيطا. فقط ليصلوا إلى المحيط ويطوقوا المغرب غربا .. والجزائر أصلا لا تريد وحدة ولا يحزنون. عسكرها أفلس الدولة وشرب كل نفطها ويحاول تصدير الأزمة إلى جيرانه. وبالمناسبة، لم يقل لنا الفقيه الغنوشي هل سيقبل بالبوليساريو ضمن مغربه العربي أم سيتفاوض مع عسكر الجزائر كي يرجعوهم إلى المغرب في علب مبسترة ، أو يدفنوهم في رمال الصحراء حتى؟؟
فباسم الوحدة التي لم يعرف عنها الغنوشي وجماعته الشئ الكثير، والوحدة التي لم تعشها جماعته وامتداداتها الرجعية على ارض الواقع،وعلى محك السياسة وواقعيتها .السياسة التي هي فن الممكن أولا وأخيرا . باسم الوحدة التي لن تحققها هلوسات الغنوشي ،نقول للغنوشي، لن تصير بايا ولا دايا ولا قائدا مغاربيا موحدا.
وستبقى رجعيا متوهما أن السياسة شأن أهل القبور والبخور والطلاسيم، ووهم العودة إلى خرافات التاريخ المنسي.