خلد العالم يوم 02 فبراير اليوم العالمي للمناطق الرطبة، وهو اليوم الذي تم فيه التوقيع على الاتفاقية الدولية
" رامسار " (رامسار هو اسم مدينة ايرانية ) . وهي التزام دولي بين الحكومات الموقعة عليه من أجل الحفاظ
و الاستخدام للمناطق الرطبة . وقد تم التوقيع على هذه الاتفاقية يوم 02 فبراير 1971 إلا أن تطبيقها كان سنة 1975.
ويعد المغرب من الدول الأوائل التي انخرطت في هذا الاتفاق وكان ذلك سنة 1980 ومنذ ذلك التاريخ قام المغرب
بعدة مجهودات على مختلف المستويات البيئية والتشريعية .....
وقد تم اختيار هذه السنة شعار " المناطق الرطبة و المياه كل لاينفصل " لتخليد اليوم العالمي للمناطق الرطبة .وهو شعار له دلالة عميقة جدا لأن تصورنا للماء كان دائما يعتبره موروثا طبيعيا ليس إلا وحتى تدبيره كان تدبيرا ضيقا باعتباره ماء في حد ذاته.
والواقع أن الدراسات أثبتت أن الماء هو نتاج لمنظومة بيئية وايكولوجية التي تمثلها المناطق الرطبة بمعنى آخر ان المناطق الرطبة هي المورد الأساسي للماء الذي يستعمل للشرب و في الأنشطة الفلاحية والزراعية ومن تم فالعلاقة بين الماء و المناطق الرطبة علاقة وطيدة .
فما المقصود بالمناطق الرطبة ؟
حسب اتفاقية رامسار ، تم تعريف المناطق الرطبة على أنها : " مناطق الأهوار و السبخات و المستنقعات أو المياه ، سواء كانت طبيعية أو اصطناعية ، دائمة أو مؤقتة ، وسواء كانت المياه راكدة أو متدفقة عذبة أو مالحة ، بما في ذلك مناطق المياه البحرية التي لا يتجاوز عمق المياه فيها أوقات المد و الجزر المنخفضة عن ستة (06) أمتار ".
وتصنف المناطق الرطبة، والتي تحتل الرتبة الثانية عالميا بعد الغابات الاستوائية، إلى صنفين:
-مناطق رطبة طبيعية : كالبحيرات ، الأنهار ، المستنقعات ، السبخات
-مناطق رطبة اصطناعية: أي أن للإنسان يد في وجودها كالسدود مثلا وبمعنى آخر كل المنشآت التي تسخر لتجميع المياه و التي توفر بيئة ملائمة لأشكال متعددة من الكائنات الحية سواء نباتية كانت أو حيوانية.
وفي هذا الصدد ، تعد منطقة الخنفوف ضواحي مدينة سيدي افني ( حوالي 12 كلمتر شرقا )و التابعة ترابيا للجماعة القروية تيوغزة مثالا لهذه المناطق الرطبة الاصطناعية .
-فما هي أهمية هذه المنطقة؟
-ما هي الاكراهات والصعوبات التي قد تواجهها ؟
-كيف يمكن تجاوز هذه الصعوبات ؟
في تقديري ، تعد منطقة الخنفوف من المناطق الرطبة الاصطناعية وتعتبر منظومة بيئية نشيطة و حيوية ومتنوعة بيولوجيا .من شأنها أن تلعب أدوارا مهمة على عدة مستويات منها :
-الأدوار الايكولوجية و Eco systémiques ؛
-تزويد الساكنة المحلية بالماء الصالح للشرب؛
-تغذية الفرشة المائية ؛
-محطة للطيور المهاجرة والمهددة بالانقراض ؛
-تلطيف المناخ؛
-معالجة بعض الأمراض (التخلص من الضغوطات النفسية ...)؛
-استعمال الماء في الأنشطة الفلاحية و الزراعية من طرف الساكنة المجاورة ؛
-السياحة البيئية والترفيهية؛
-امكانية الاستثمار في تربية بعض الاسماك (Réservoir pour la nutrition ) ؛
-الحفاظ على التوازنات المناخية Amortisseur climatique والحماية من الفيضانات ؛
-المساهمة في خلق فرص للشغل ؛
-مجال للبحث العلمي؛
-أهمية ثقافية باعتبارها إرث ثقافي و بيئي محلي؛
-فضاء لتطوير مشاريع كبرى؛
ما هي التحديات و الاكراهات التي قد تواجهها منطقة الخنفوف ؟
هناك عدة تحديات نذكر منها :
-الجهل بأدوارها وبقيمتها الاجتماعية والاقتصادية.هذا الجهل قد يعيق استدامتها و تطويرها و تحسينها؛
- الجفاف : فالمناطق الرطبة هي مناطق عموما تتميز بالهشاشة نتيجة تأثرها بالتغيرات المناخية خاصة مع استمرار شبح الجفاف و بالتالي قد تعرف تدهورا تكون له انعكاسات سلبية على التنوع البيولوجي الذي تزخر به المنطقة ؛
- التلوث نتيجة الأنشطة السياحية العشوائية ؛
-حقوق الانتفاع وما قد يطرحه من نقاشات قانونية ؛
-غياب التأطيرالقانوني لها : فالمناطق الرطبة في المغرب تندرج ضمن المحميات الطبيعية والتي يؤطرها القانون رقم 22.07 الصادر عام 2010 في غياب مراسيم تطبيقية لهذا القانون ؛
-الضغط الكبير على مواردها قد يزيد من هشاشتها ويجعلها عرضة للتدهور و الضياع ؛
-الرعي الجائر و الاستغلال غير المعقلن لغطائها النباتي ؛
ما هي المداخل لحماية منطقة الخنفوف وضمان استدامتها ؟
تمة عدة مداخل نذكر من بينها :
-اشراك المجتمع المدني في التدبير من خلال العمل على إحداث جمعية محلية من الساكنة المجاورة تسهر على تدبير و حماية هذه المنطقة فالقاعدة تقول : Zone Humide = O.N.G.
-تغيير نظرتنا لهذه المنطقة الرطبة واعتبارها إرثا طبيعيا و ملكا للجميع وفضاء بيئيا متنوعا بيولوجيا بدل اعتبارها مستنقعا ووعاء للأزبال والتلوث ؛
-الاستثمار فيها من خلال تهيئتها و الاشتغال من أجل خلق منتزه بمواصفات بيئية وعلمية وصحية قد يساهم في خلق تنمية محلية؛
-اعتبارها مختبرا علميا محفزا ومشجعا وجب التعريف به ليكون مجالا للدراسات العلمية يستفيد منه الباحثون وتستفيد منه بلادنا ؛
-العمل على إدراجها ضمن اللائحة الوطنية للمناطق الرطبة وأعتقد أن المعايير المحددة في اتفاقية "رامسار " 1971 و في الاستراتيجية الوطنية للمحميات الطبيعية متوفرة ؛
-اعداد برامج عمل مندمجة ومتكاملة للإقلاع بهذه المنطقة و بمقاربة تشاركية لتحقيق أهداف التنمية المستدامة؛
-احداث لجنة محلية وأخرى إقليمية لتتبع ومواكبة وتقييم تطور هذه المنطقة الرطبة ؛
-التوعية والإعلام والتواصل و التحسيس بأهمية منطقة الخنفوف كمنطقة رطبة ؛
-ادراج منطقة الخنفوف ضمن المخططات التنموية للجماعة الترابية لتيوغزة على اعتبار أن حماية هذه المنطقة يندرج ضمن الاختصاصات الذاتية التي نص عليها الميثاق الجماعي ....؛
هكذا أرى منطقة الخنفوف التي قيل عنها الكثير في المقابل ألا يعد مصب وادي افني هو الآخر منطقة رطبة ؟
وإذا كان الأمر كذلك،وجب التفكير في تهيئته وتأهيليه وحمايته وجعله أكثر جاذبية ليلعب دوره في تحقيق تنمية محلية .