البدالي صافي الدين: المغرب يريد تسويقا إيجابيا للانتخابات دون توفير مناخ سليم

البدالي صافي الدين: المغرب يريد تسويقا إيجابيا للانتخابات دون توفير مناخ سليم البدالي صافي الدين، عضو الكتابة الوطنية لحزب الطليعة الديمقراطي الاشتراكي
 تستعد الدولة المغربية لتنظيم الانتخابات خريف السنة الجارية، بعد أن تمت المصادقة على القوانين التنظيمية المعدلة والمتممة للقوانين السابقة من طرف المجلس الوزاري، وتقرر عرض هذه المشاريع القوانين على البرلمان بغرفتيه قصد المناقشة والمصادقة. وقررت الدولة المغربية إجراء الانتخابات رغم شبح فيروس كورونا الذي مازال يخيم على المشهد السياسي وعلى الوضع الاقتصادي والاجتماعي، وقد يساهم بشكل كبير في تضاؤل نسبة المشاركة في هذه الانتخابات. لكن الدولة المغربية، رغم كل ذلك، تراهن على التحكم في الجائحة بفعل بداية عملية التلقيح ضد فيروس «covid19»، وهي العملية التي سوف تشمل 33 مليون مغربي. ومن المرتقب أن تنتهي عملية التلقيح في غضون شهر أبريل القادم حسب تقديرات المتتبعين للعملية.
فمن خلال الاستعدادات لهذه الانتخابات على المستوى القانوني والتشريعي والتقني ومراجعة اللوائح الانتخابية، بما لها وما عليها، تريد الدولة المغربية التأكيد للرأي العام الوطني والدولي أن المغرب بلد يحرص على مبدأ التداول على السلط التشريعية والتنفيذية، واحترام المبادئ الدستورية. هذا من جهة، ومن جهة ثانية يريد أن يعلن بأن المغرب بلد ينعم بالاستقرار السياسي في سياق إقليمي بعرف أزمات وتقلبات سياسية وحروب طائفية، كما يريد أن يحذو حذو دول عظمى أجرت الانتخابات في أوج أزمة كورونا، كالانتخابات الرئاسية في أمريكا في نونبر 2020 والانتخابات البلدية في فرنسا في مارس 2020 في خضم ارتفاع عدد الوفيات اليومية بهذين البلدين. لكن الواقع السياسي والاقتصادي والاجتماعي بالمغرب، قبل وبعد جائحة كورونا، لا يبعث على الارتياح، الارتياح الذي تريد الدولة المغربية تسويقه من خلال هذه الانتخابات التي ستجرى دون توفير المناخ السياسي المشجع على المشاركة الواسعة في هذه الانتخابات، خاصة في صفوف الشباب، أولا بالقطع مع الفساد ومع مظاهره وبربط المسؤولية بالمحاسبة ومحاسبة المتورطين في قضايا الفساد ونهب المال العام وتهريب الأموال والفساد السياسي والأخلاقي. وثانيا بالإفراج عن المعتقلين السياسيين وعن الصحافيين وتوفير شروط الاستقرار الاجتماعي للشباب وللمرأة، ذلك لأن فيروس كورونا عمق من الأزمة الاقتصادية والاجتماعية وساهم في تنامي البطالة والاحتجاجات في المدن والقرى وجعلت الشباب يفر عبر قوارب الموت إلى الخارج بحثا عن الحرية والكرامة.
في خضم هذا الإعداد للانتخابات المقبلة تبدو في الأفق صراعات بين أحزاب الأغلبية الحكومية والمعارضة البرلمانية من أجل احتلال المراكز الأولى  للفوز برئاسة الحكومة وبأغلبيتها دون الالتفاف إلى المحيط السياسي العام والواقع الاجتماعي، وإلى المناخ الدولي ومتطلبات المرحلة من تشريعات وقوانين انتخابية تشجع على المشاركة السياسية الواسعة للشباب وعلى إفراز نخب واعدة وكفاءات تستطيع إخراج البلاد من دائرة البؤس والتخلف بعيدا عن الريع السياسي وعن إعادة نفس السيناريوهات الرامية إلى الإقصاء وإفراز برلمان الأعيان و العائلات.  
ومن جانب آخر نجد أحزاب فيدرالية اليسار الديمقراطي تقود الاحتجاجات دائما مع مختلف الفئات الاجتماعية المتضررة من السياسات الحكومية، كما توجد في خضم احتجاجات الجبهات الاجتماعية القطاعية أو غير القطاعية، كل ذلك من أجل تأهيل المجتمع المغربي ليكون واعيا بدوره السياسي في الحياة العامة وواعيا بمصلحته التي تتطلب منه التكتل والانسجام لحماية حقوقه المشروعة والدفاع عنها وصون كرامته التي تظل تداس يوميا من طرف أجهزه الدولة وزحزحة كل المتاريس التي تحول دون بناء الديمقراطية الحقة، ولكن هذا لم يساعد أحزاب فيدرالية اليسار من الحصول على نتائج محمودة في الانتخابات السابقة، وبالمقابل يكون النصيب الأكبر للأحزاب الإدارية واليمينية والحزب الإسلامي. لكن أي تقييم رياضي منطقي لنتائج الانتخابات السابقة، مثلا نجدها لا تعكس إرادة الشعب، إذ لا تكاد نسبة المشاركة تتجاوز 40 % أمام العزوف عن التصويت، خاصة من جانب الشباب الذين ينقسمون بين مقاطع وبين رافض حتى التسجيل في اللوائح الانتخابية، وهي الكتلة الناخبة الضائعة بالنسبة لأحزاب فيدرالية اليسار الديمقراطي، وهو ما جعل الكتلة الناخبة للحزب الإسلامي تمنحه المرتبة الأولى بمشاركتها الكلية. هذا بالإضافة إلى رفض مطالب فيدرالية اليسار اعتماد البطاقة الوطنية في التصويت لضمان مشاركة أوسع للشباب. ويبقى السؤال المطروح هل الانتخابات المقبلة لن تكون كسابقاتها أم أن القصد منها هو تكريس ديمقراطية انتخابية في أبشع صورها.