يحيى المطواط: مغاربة العالم كاملو الأهلية ومن حقهم المشاركة في التدبير السياسي بالمغرب

يحيى المطواط: مغاربة العالم كاملو الأهلية ومن حقهم المشاركة في التدبير السياسي بالمغرب يحيى المطواط

في حوار مع "إيطاليا تلغراف" يعرض يحيى المطواط، فاعل جمعوي مقيم بإيطاليا، خريطة الوضع الراهن للعمل الجمعوي بإيطاليا والأدوار والوظائف الملقاة على الجمعيات والفاعلين المغاربة المقيمين بالديار الإيطالية.. كما يستعرض تفاعل مغاربة إيطاليا مع أمناء الأحزاب المغربية التي نظمت مهرجانات ولقاءات مع مغاربة إيطاليا؛ وكذا الانتصارات المهمة التي حققتها الدبلوماسية المغربية خلال السنوات الأخيرة في ما يخص القضية الوطنية على المستوى الدولي، فضلا عن قضايا أخرى تهم شؤون الهجرة والمهاجرين المغاربة...

 

+ هل يمكنك، كفاعل جمعوي مقيم بإيطاليا، أن تعطينا فكرة عن العمل الجمعوي بجهتكم بكل حيادية؟

- قبل الشروع في الحديث عن الوضع الراهن للعمل الجمعوي في إيطاليا، أود بداية التذكير بالوظائف والأدوار الملقاة على عاتق الجمعيات عموما، وذلك حتى نتمكن من بناء أحكام حول مستوى فعالية الجمعيات من جهة؛ ومن جهة ثانية تذكير فئة واسعة من الفاعلين بهذه الوظائف وما تستوجبه من أدوار نظرا لوجود نسبة كبيرة من الجمعيات لا تعي أو تتجاهل هذه الوظائف أو تنحرف عنها، مما يكرس محدودية تأثير هذه الجمعيات في محيطها ويعطل ديناميتها ويعمق أزمتها الوجودية... فما هي إذن هذه الوظائف؟ وما الأدوار التي تحتمها هذه الوظائف، والتي يفترض في الجمعيات أن تبني تدخلاتها على أساسها؟ أو بصيغة أوضح هل تتوفر هذه الجمعيات على تصور واضح وأهداف محددة وتعي جيدا ماهية العمل الجمعوي؟ أم أن الأمر لا يتعدى تحركات أشخاص تنقصهم في غالب الأحيان التجربة والكفاءة، تلك التحركات الفردية التي في الغالب تكون بهدف الاسترزاق، وخدمة المصالح الشخصية مما يعطي انطباعا خاطئا عن المستوى الحقيقي لعدد كبير من الفعاليات والكفاءات التي تزخر بها الجالية المغربية بإيطاليا التي اختارت أغلبيتها الابتعاد والترقب عن بعد.

ويمكن تلخيص تلك الأدوار في أربعة نقط مهمة: التعبئة والتأطير؛ المشاركة الفاعلة في مجتمعات الإقامة؛ الدفاع عن قضايا المهاجرين؛ الترافع عن القضية الوطنية والتعريف بثقافتنا وحضارتنا وما تزخر به بلادنا من مؤهلات ثقافية وسياحية وتراثية.

 

+ هل يمكنك أن تحدثنا عن أهم الأعمال التي قام بها الفضاء المغربي الإيطالي للتضامن؟ وما هو دوره في الحقل الجمعوي بخصوص مشاكل الجالية؟ وحول القضية الوطنية؟ وهل أعضاؤه لهم حضور في العمل السياسي مع الإيطاليين؟

- من أهم الأنشطة التي قام بها الفضاء المغربي الإيطالي للتضامن، والتي كان لها الوقع الكبير من حيث إثارة ومناقشة قضايا المغاربة المقيمين بالخارج بشكل جدي، ومن حيث الدفاع الدائم والمرافعة على القضايا الوطنية الكبرى، وعلى رأسها قضية الوحدة الترابية في هذا الصدد، شاركت الجمعية خلال سنة 2018 في المنتدى العالمي الاجتماعي بدولة البرازيل، هذا المنتدى الذي كان فرصة مميزة للانخراط في العمل الجمعوي على المستوى الدولي وربط علاقات وحوارات تهم العديد من القضايا ذات الشأن المحلي والدولي، المنتدى الذي نظم بمشاركة أزيد من 120 دولة خرج بتوصيات عديدة، فضلا عن التزام الجمعيات والهيئات المشاركة بعقد لقاءات أخر لمناقشة هذه التوصيات وصياغة تقارير في العديد من القضايا؛ كما نظمت الجمعية رفقة العديد من الجمعيات الفاعلة بالديار الإيطالية والمنظمات النقابية المغربية المنتدى الأول للهجرة واللجوء سنة 2019، هذا المنتدى الذي كان بمثابة فرصة للتواصل مع شريحة كبيرة من المهاجرين المغاربة بإيطاليا وتخللته العديد من اللقاءات والورشات التكوينية؛ كما أن الجمعية نظمت أنشطة اجتماعية وثقافية، من بينها القيام بإفطار جماعي في إحدى الساحات الإيطالية المعروفة خلال شهر رمضان 2019، وقد شارك في هذا الإفطار أزيد من 360 شخص بمن فيهم مواطنون إيطاليون ومهاجرون من مختلف الجنسيات.. هذا النشاط الذي يعتبر من بين أهم الأنشطة الإشعاعية للجمعية كان الهدف منه التعريف بالتقاليد المغربية خلال شهر رمضان وتقوية الروابط بين المغاربة والإيطاليين، واستضافة الجمعية فرقة فنون لفاطمة بن مزيان المسرحية سنة 2019 لمدة أسبوع، تخللته عدة أنشطة وورشات وعروض مسرحية متنوعة.. هذه العروض التي حضرها أزيد 300 مغربي ومغربية مقيمين بإيطاليا، بالإضافة إلى عدد من الندوات، من أهمها ندوة حول "المشترك الإنساني من أجل التعايش ونبد التطرف والكراهية" بتنسيق مع المرصد المغربي لنبذ الإرهاب والتطرف الذي تجمعنا معه اتفاقية شراكة.. كما قامت الجمعية بالموازاة مع هذه الأنشطة بإصدار العديد من البيانات ارتباطا بتطورات القضية الوطنية خلال السنوات الأخيرة، هذه المجهودات والأنشطة الجادة والهادفة التي قام بها الفضاء المغربي الإيطالي للتضامن ما كان لها أن تكلل بالنجاح لولا مشاركة العديد من الفاعلين والجمعيات الصديقة من بينها المرصد المغربي لنبذ الإرهاب والتطرف وشبكة جمعيات الجالية المغربية بإيطاليا.

 

+ أغلب الأحزاب السياسية المغربية زارت إيطاليا، كيف ترى تفاعل مغاربة إيطاليا مع أمناء الأحزاب المغربية التي نظمت مهرجانات ولقاءات مع مغاربة إيطاليا؟ ولماذا تعارضون التنسيقية التي تأسست بخصوص المشاركة السياسية لمغاربة العالم؟

- القضية ليست من مع أو من ضد التنسيقية؟ المسألة أكبر من ذلك بكثير، أنا متأكد أن أي جهة كانت ستأخذ المبادرة لتحريك ملف المشاركة السياسية لمغاربة العالم كانت ستلقى معارضة من الطرف الآخر؛ لهذا على مغاربة العالم أن لا يسقطوا في فخ نقاشات هامشية لن تخدم الجالية في شيء.. المسألة أعمق بكثير مما قد يعتقد البعض؛ المطالبة بتفعيل مضامين الدستور فيما يخص الفصول المتعلق بالمشاركة السياسية هو مطلب أساسي، لكن بواسطة صناديق الاقتراع وليس بالاستعطاف من خلال الكوطا التي قد تكرس منطق الريع والهرولة نحو المناصب التي لن تفيد مغاربة العالم.. كذلك القول بأن مغاربة العالم لا تعنيهم المشاركة السياسية فهذا أعتبره تخلي خطير عن أحد المكتسبات المهمة التي ناضل من أجلها جيل من المناضلين الشرفاء الذين سبقونا وضرب في مضامين الدستور المغربي.. القضية إذن تقتضي نقاشا رصينا هادئا بإشراك جميع المكونات من فاعلين جمعويين وسياسيين ونقابيين ومثقفين، والتي تزخر بهم الجالية المغربية بالخارج.

أما بالنسبة للانتماء السياسي فهو حق من حقوق المواطنة الكاملة، وهناك العديد من مغاربة العالم لهم انتماءاتهم السياسية منذ أن كانوا في وطنهم، وحين هاجروا حملوا معهم ذلك الانتماء، ويحاولون التواصل فيما بينهم عن طريق الجمعيات التي لها أهداف نبيلة، وهذا لا يضر مغاربة العالم، بل يعزز ارتباطهم بوطنهم وبمستجداته السياسية.. وزيارة الأمناء العامون لبعض الأحزاب السياسية هي زيارة لمناضليهم ولا تعني أحدا سواهم، وللجمعيات الحق في تنظيم المهرجانات كما تشاء باستضافة من تشاء، فكما تستضيف بعض الجمعيات الدينية أئمة وعلماء حسب توجهها، فكذلك الجمعيات المدنية لها الحق في استضافة الشاعر والكاتب والسياسي والنقابي حسب توجهها الفكري والثقافي.

 

+ بالنظر دائما إلى تحديات المرحلة دوليا، وارتباطا بالوضع الداخلي على المستوى السياسي والاجتماعي والاقتصادي وعلى مستوى مختلف مناحي التدبير العمومي، كيف تنظرون كمغاربة العالم إلى الظرفية التي يجتازها حاليا المغرب؟

- لا يخفى على عاقل ومتتبع لتطورات الشأن الدولي الأشواط التي قطعها المغرب على مستويات متعددة، سياسيا ودبلوماسيا واقتصاديا، رغم التحديات الداخلية والخارجية التي يواجهها. ولعل من أبرز المؤشرات الدالة على ذلك ثقة عدد كبير من المستثمرين الاجانب في المغرب كقطب اقتصادي مهم، إضافة إلى الانتصارات المهمة التي حققتها الدبلوماسية المغربية خلال السنوات الأخيرة في ما يخص القضية الوطنية على المستوى الدولي.

ونحن كمغاربة الخارج إذ نشيد بجميع المجهودات المبذولة من أجل تحقيق التطور والازدهار، فإننا نؤكد على أهمية الاستثمار في المواد البشرية وتطويرها.. كما نعبر عن قلقنا تجاه مستوى الممارسة السياسية، والتي لا تصل إلى مستوى طموحات الشعب المغربي، مما ينتج عنه عزوفا واضحا للشباب عن الحياة السياسية.. كما نؤكد على ضرورة تعزيز حقل الحريات العامة والتجاوب الإيجابي مع كافة قضايا حرية التعبير وتكريس مكتسبات دستور 2011 والإفراج عن معتقلي حراك الريف الاجتماعي كمدخل أساسي للمصالحة والممارسة الديمقراطية.

 

+ إيطاليا تزخر بكفاءات كثيرة وطاقات، لماذا يتم تغييبها من طرف بعض المؤسسات المغربية؟ ولماذا تعتمد وزارة الجالية على نفس المنهج الذي سار عليه الوزراء السابقون بخصوص النظر في قضايا وملفات مغاربة العالم؟ وما هي رسالتك لوزارة الجالية ومجلس الجالية؟

- آن الأوان، سواء بالنسبة للجهات الرسمية أو الخاصة، أن تشرك كفاءات مغاربة العالم في كل الميادين للاستفادة من التجارب التي راكموها في بلدان الإقامة واستغلال هذه الطاقات من أجل تطوير وتجويد أداء الإدارة المغربية بصفة عامة، لأن مهاجر اليوم ليس هو مهاجر الأمس، حيث أصبحنا نرى من بين الكفاءات، الطبيب الجراح وعالم الفيروسات والمهندس، وليس فقط ذلك المهاجر المغربي البسيط الذي يسعى إلى تحسين وضعه المادي الخاص فقط.

 

+ ما هي أسباب الصراعات بين الجمعيات المغربية بإيطاليا؟ وهل يلمس مغاربة العالم المصداقية في المؤسسات التي تمثل مغاربة العالم؟ وأين يكمن الخلل إذا لم تكن هناك مصداقية، في هذه المؤسسات؟

- انتقادنا للمؤسسات المسؤولة عن المغاربة المقيمين بالخارج ما كان له أن يكون إلا لتحسين وتجويد الخدمات المقدمة بغية التفاخر بها داخل بلدان الاقامة وتكريس الفاعلية بهذه المؤسسات للاستجابة لمتطلبات المواطنين المغاربة بالخارج، وجعل أولويتها الاهتمام بقضاياهم.. فالتشكيك في مصداقية أطراف معينة ليس غاية داخل الفضاء المغربي الإيطالي للتضامن، بقدر ما غايته المساهمة في تطوير تلك المؤسسات من خلال النقد الجدي والاقتراحات الواقعية القابلة للتطبيق، بالتنسيق مع الجمعيات الجادة ذات الاهتمام المشترك، لذلك على الجميع أن يعي جيدا أن التعاون والالتفاف حول قضايا مغاربة العالم هو الكفيل بخلق قوة ضاغطة لتحقيق مكتسبات لفائدة مغاربة الشتات، أما الصراعات فلا يمكنها إلا أن تعمق الهوة بين الأفراد والجمعيات ولن تزيد الواقع الجمعوي إلا قتامة واضمحلالا.

 

عن جريدة "إيطاليا تلغراف"