الباحث محمد كنون الحسني في مدارات يكشف عن ذخائر تراث مؤسسة العلامة عبد الله كنون

الباحث محمد كنون الحسني في مدارات يكشف عن ذخائر تراث مؤسسة العلامة عبد الله كنون الدكتور محمد كنون الحسني، والإعلامي الإله التهاني
استضاف برنامج "مدارات" ليلة الثلاثاء 23 فبراير2021، الباحث الدكتور محمد كنون الحسني المعروف بتعدد أنشطته ومسؤولياته العلمية بصفته رئيسا لمؤسسة عبد الله كنون للثقافة والبحث العلمي في طنجة، حيث يتحمل مسؤولية حراسة الإرث المشع والقيم للعلامة عبد الله كنون. 
"مؤسسة عبد الله كنون هي جمعية تأسست سنة 1984، من أجل الوقوف على المكتبة الفاخرة للعلامة سيدي عبد الله كنون، هذه الجمعية تطورت إلى مؤسسة سنة 2005، لما ضمت المكتبة دار كنون للثقافة (منزل العلامة بحي القصبة بطنجة) بعد ترميمها لهذا الغرض"، وفي سياق حديثه عن دار الثقافة والمكتبة قال ضيف حوار في الثقافة والمجتمع "تضم المكتبة 14 ألف عنوان و العديد من المخطوطات والدوريات والجرائد..وقد تطورت مع الوقت وأزداد عدد كتبها بفضل تطوع الباحثين والكتاب الذين أهدوا خزاناتهم لهذه المؤسسة بالإضافة إلى مساهمات مؤسسات رسمية وجامعات".
 مؤسسة عبد الله كنون تحتوي اليوم على "ثروة علمية تضم كتب فريدة منها كتب أهديت للعلامة عبد الله كنون ومخزون ثقافي يصل إلى 100 ألف عنوان من كتب في التراث الإسلامي، وقسم خاص باللغات الأجنبية، وجناح خاص بالمخطوطات (عدد كبير يحتاج إلى التحقيق) وقسم آخر يتعلق بالجرائد والدوريات ويضم مجموعة من المجلات والدوريات التي كانت تصدر داخل وخارج المغرب" يقول ضيف الزميل عبد الإله التهاني الذي اعتبر أن "هذه الثروة والذخيرة المعرفية رهن إشارة وفي خدمة الباحثين والمثقفين".
واستحضر الباحث سليل الشجرة الطيبة لآل كنون التي ارتبطت بالصلاح والعلم والوطنية سيرة الأسرة بقوله: " أسرة آل كنون بفاس توارثت العلم منذ مدة، وارتبط إسمها بالتدريس في القرويين.. حيث نذكر من رجالها محمد بلمدني كنون، ومحمد التهامي كنون، والتهامي بلمدني كنون.."
عندما حل المقيم العام الفرنسي بمدينة فاس "قرر سيدي عبد الصمد كنون الرحيل صوب مدينة طنجة سنة 1913، تعبيرا عن رفضه لسلوكات المقيم العام أتجاه العلماء ، وانقطعت السبل واستقروا بالمدينة وكان في ذلك خير، على مستوى الإشعاع والحضور العلمي والتدريس والتأليف ".
وفي سياق متصل قال ضيف البرنامج عن التراث الشعري للعلامة عبد الله كنون "اعتز كثيرا بتخريج أول ديوان صدر لي في مساري العلمي والبحثي" وأضاف قائلا:" مجموعة من الباحثين في التراث المغربي يكادون لا يعرفون شيئا عن عبد الله كنون بخصوص قصائده الشعرية بنفس حداثي، قصائد من الشعر الحر تعتبر من القصائد الأولى التي سبقت مثيلاتها، كان له حس شعري يعكس مدى شاعرية الرجل وتمكن من الشعر".
واعتبر العلامة عبد الله كنون "رجل شاعر بطبيعته و بالسليقة، كان يدون تأملاته ويسجل أفكاره على ظهر بطاقة الطائرة خلال سفره، أو على غلاف ظرف رسالة ، كان للرجل إبداع خاص وحضور متميز في الشعر الحر، وكان يدعو إلى تغيير المسار الشعري الذي ينحو نحو التقليد، ويدعو إلى التجديد على مستوى اللفظ والمضمون".
بخصوص حفظ وصيانة الذاكرة وطبع مذكرات "غير شخصية" اعتبر الباحث محمد كنون الحسني أنها "مذكرات من صنع العلامة عبد الله كنون تقف عند مرحلة متقدمة من عمره سنة 1936، وتم تخريجها بمعية الباحث السي عبد الصمد العشاب" وفصل في محتوياتها بالقول:" الرجل كان يريد أن يحكي عن أمور شارك فيها وعايشها وكان له فيها حضورا إلا أن ظروفه الصحية حالت دون إتمامها".
وقال في هذا السياق "مذكراته ابتدئها بحديثه عن طفولته في فاس، والكتاب القرآني مع أخيه عبد الحفيظ كنون، وانتقال الأسرة إلى طنجة، وخروج الأب غاضبا من تصرف المستعمر مع العلماء، وقرار الهجرة ووصف للرحلة من فاس صوب طنجة بالإضافة إلى أن المؤلف وقف على مجموعة من اللحظات التاريخية (زيارة الأمير شكيب أرسلان لمدينة تطوان)".
وأكد على أن هذه المذكرات "كتبها العلامة عبد الله كنون في مرحلة متأخرة من حياته، وسماها مذكرات غير شخصية. وتنطوي على وقائع عاشها وأشخاص عاشرهم...وفي هذه الفترة كان يعاني من المرض، رغم تعدد مسؤولياته التي لم تترك له المجال لإتمامها..".
على مستوى إعادة طبع مؤلفاته كتراث زاخر أوضح ضيف حوار في الثقافة والمجتمع بأن "لقد ترك العلامة الموسوعي سيدي عبد الله كنون تراثا كبيرا، وهناك تفكير جدي في هذا الجانب لكن لابد من جهة معينة أن تقوم بهذا العمل وتدعمه لطبع أعماله سواء في تاريخ الأدب المغربي أو الدراسات الإسلامية والدراسات اللغوية وغيرها".
وأشار في حديثه عن كتاب "الشعر والشعراء" أنه "كانت فكرة إنجاز موسوعة شعرية تراودني مع الدكتور عبد الله لمرابط التركي لجمع كل ما أمكن من الأسماء والنصوص الشعرية والدواوين والتعريف بالشعراء المغمورين وبأعمالهم. وقمنا بتخريج بعض الدواوين والنصوص التي لم تكن معروفة..وأفكر الآن أن أمضي في هذا العمل مع الباحث عبد اللطيف شعبون". وعن موضع أطرحة الدكتوراه الفريدة تحت إشراف المرحوم محمد بن شريفة "أطروحتي كانت ترمي إلى البحث في التراث الشعري العربي، وتبيان الجانب الأسطوري في قصائد شعرية، والعمل هو رصد وتسجيل للأساطير التي عرفها العرب وأشار إليها الشعر العربي القديم".
على اعتبار أن طنجة هي موطن العلم وحاضنة للزوايا أفاد ضيف الزميل عبد الإله التهاني إلى أن "الاهتمام بالتعليم العتيق هو حقيقة اهتمام بتاريخ مدينة طنجة التي كانت منذ عهود قديمة مركزا علميا، يتجلى في فضاءات المسجد الأعظم ومسجد القصبة والزوايا التي لعبت دورا علميا، ثم المعهد الديني وبعض المراكز العلمية"، في هذا السياق يذكر الضيف "الزاوية الصديقية التي خدمت العلم بشكل كبير، والزاوية التيجانية، والمسجد الأعظم والقصبة.."، معتبرا ذلك "يستحق الدراسة نظرا لما أعطى من علماء وفقهاء انتفع الناس بعلمهم ومعرفتهم"، وقال:"نقوم بتنظيم حلقات للحديث عن علماء هذه المدينة، وقد طبعنا تسعة مجلدات ترصد أسماء علمائها ".
وعن شخصية المرحوم الأستاذ عبد الصمد العشاب قال:" هو مؤسس هذه الخزانة، كان وزميله محمد مصطفى الريسوني هما من أشرفا على نقل لكتب من حي القصبة، وقاما بفهرستها وترتيبها والإشراف عليها سنة 1985 إلى وفاته سنة 2011 ...نعم الرجل في الحفاظ على تراث العلامة، ونعم المستقبل للزوار، الناصح المجيب عن تساؤلاتهم واستفساراتهم عن تراث الخزانة .."
وعن شخصية الشاعر محمد المهدي الطود قال:" هو من عائلة علمية ووطنية معروفة بهذه المنطقة، لها حضورا وطنيا، هو رجل مرهف الحس، عرف باهتمامه بالشعر، ينطق بالشعر كل لحظة وكل حين، مولوع بالسماع والإنشاد الصوفي..الرجل كان حريصا على الحفاظ على القصيدة التقليدية المقفاة بلغة العربية الأصيلة". وأضاف قائلا: "شعر الرجل ينم عن تاريخ مدينته، والأحداث التي عرفتها مدينة القصر الكبير، يؤرخ لبعض أفراد الطودية التي عرفت بالعلم والنضال والمواقف الوطنية شاهدة على أصالة هذه العائلة".