في إطار تنامي النفوذ الأمريكي في المنطقة لفرض ”شرق أوسط جديد “، بمعايير أمريكية ، تحاول إسرائيل استغلال الوضع العربي الراهن، ومقتضيات ” الربيع العربي “، التي جعلت من المنطقة العربية أكثر ضعفاً و استسلاماً، تجاه المخططات الصهيونية، وذلك بإقامة مشروعات اقتصادية مشتركة تجمع إسرائيل بالدول العربية ، وبما يهدف إلى إخراجها من العزلة الدولية المفروضة عليها.
لعل من أبرز تلك المشاريع إنشاء خط سكك حديدية يربط بين السعودية و أوروبا من خلال إسرائيل ، والذي اعتبره وزير النقل الإسرائيلي يسرائيل كاتس، أنه مبادرة لتعزيز السلام الإقليمي و أنه يتزامن مع مساعي إسرائيل الحقيقية في توطيد علاقتها بالدولة العربية، أضف إلى ذلك مشروع قناة البحرين الإسرائيلية و الذي تشارك فيه إسرائيل كل من الأردن و السلطة الفلسطينية ، فمن المقرر أن تربط هذه القناة بين البحر الأحمر والبحر الميت.
مثل تلك المشروعات الضخمة لم تكن وليدة اللحظة، إذ كان مخطط لها منذ سنوات عدة والهدف منها خلق واقع جديد في المنطقة العربية و الترويج للسلام الاقتصادي ، علي هذا النهج سبق وطرحت عدة مبادرات ليتم صهر دولة إسرائيل ، كدولة في إطار إقليمي يجمعها مع الدول العربية كمسمي الشرق الأوسط الجديد ثم الشرق الأوسط الكبير ، وكذلك الإتحاد الأورومتوسطي . كما أفصح رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو في الآونة الأخيرة ، بأن إسرائيل تقيم علاقات ، ولها ارتباطات مع عشرة دول عربية علي قاعدة المصالح المشتركة ، هذا ما عكسته زيارة نتنياهو لعمان في 7 نوفمبر 2018.
إد تسعي اسرائيل من خلال معاهدات السلام وترسيم الحدود إلى ضم ما تستطيعه من المناطق التي احتلتها في عام 1967، والتي تحقق متطلبات أمنها من وجهة النظر الجيواستراتيجية، ويكفل لها الحصول على مصادر مياه إضافية، وفرض شرعيتها على تلك الأراضي، مع إخلائها من السكان العرب حفاظاً على الهوية اليهودية، على أن تعمل الإستراتيجية العسكرية على تحقيق ذلك من خلال الردع الوقائي والانتقامي الجسيم، وتأمين عمليات الضم والاستيطان وتهويد الأراضي، والتحكم في المنطقة سياسياً واقتصادياً وثقافياً مع الاعتماد على الذات عسكرياً واقتصادياً باستثمار الإمكانات الذاتية والمساعدات الخارجية على الوجه الأمثل، مع بسط السيطرة على اقتصاديات دول المنطقة بأساليب مباشرة وغير مباشرة، وفتح أسواق جديدة لإسرائيل في جميع دول العالم، والتعامل مع التكتلات الاقتصادية الإقليمية والدولية من أجل الاستفادة من الميزات التي تمنحها لأعضائها، وخلق المصالح المشتركة، هذا مع تأمين حصول إسرائيل على المزيد من الموارد المائية والنفطية والمعدنية، وبما يمكنها من استيعاب مزيد من يهود الشتات، والسعي التدريجي لتقليص اعتماد الاقتصاد الإسرائيلي على المساعدات الأجنبية.