الداودي: أي دور مؤسسات الحكامة في محاربة الفساد في ظل تطبيع المجتمع معه؟

الداودي: أي دور مؤسسات الحكامة في محاربة الفساد في ظل تطبيع المجتمع معه؟ عبد العزيز الداودي
تتضمن الوثيقة الدستورية لسنة 2011 العديد من مؤسسات الحكامة على غرار باقي الدساتير الديمقراطية في دول المعمور وأوكل لهذه المؤسسات مهام تتعلق بتخليق الحياة العامة وبمحاربة كافة أشكال نهب المال العام وتبديده ثم محاربة الرشوة والنزاهة في الصفقات العمومية فالتأكيد على المنافسة الحرة ومحاربة اقتصاد الريع والاحتكار بشتى أنواعه.
لكن السؤال المطروح هو أي وظيفة قامت بها هذه المؤسسات؟ عدا إعداد تقارير عديدة لقضاة المجلس الأعلى للحسابات تكشف عن تورط العديد من الشخصيات المعنوية من رؤساء جماعات ووزراء ومدراس عامون لشركات وطنية بالإضافة إلى أحزاب سياسية ونقابات وطنية في صرف المال العام دون موجب حق ودون تبرير معقلين وطبعا العديد من هذه التقارير بقيت حبيسة جدران المجلس.
ونفس الشيء ينطبق على مجلس المنافسة الذي طوق بحزام أعد من طرف المستفيدين من اقتصاد الريع والمتربعين على عرش نظام الامتياز والمحسوبية لكي لا يقوم بالمهام المنوطة به وهكذا احتج العديد من الوزراء على تقاريره كما احتجوا قبل ذلك على تقارير المجلس الأعلى للحسابات، حيث اعتبروا التقارير استهدافا لهم كفاعلين سياسيين.
وعن الهيئة الوطنية للوقاية من الرشوة فأكيد أنه يراد لهذه الهيئة أن تتعطل أشغالها وألا تقوم بالمهام المنوطة بها وألا ترقى إلى مستوى الترافع والتقاضي بشأن شبهات الفساد وعدم النزاهة بدعوى أن ذلك موكول للنيابة العامة وهي من يجب عليها أن تحرك الدعوى العمومية ضد ما يشتبه به أنه فساد.
لكن الطامة الكبرى أن الفساد أصبح سلوكا قيميا للمجتمع حتى طبع هذا الأخير معه بحيث أصبح العديد من المواطنين يفتخرون بقضاء أغراضهم عن طريق الرشوة ولا يجدون حرجا في ذلك بمعنى أن الحس المواطنات في محاربة العديد من مظاهر الفساد بكافة تجلياته غائب ولا يرقى إلى مضمون مؤسسات الحاكمة وبالتالي فإن هذه المؤسسات لن تقوم بدورها المطلوب في ظل تطبيع المجتمع مع الفساد.
 
عبد العزيز الداودي، فاعل حقوقي، ونقابي / وجدة