الحسن زهور : مجلات وزارة الثقافة..اجحاف في حق الثقافة الأمازيغية

الحسن زهور : مجلات وزارة الثقافة..اجحاف في حق الثقافة الأمازيغية الحسن زهور
يدل مفهوم الثقافة المغربية على مجمل مظاهر وتجليات الثقافة التي أنتجتها هذه التربة المغربية ماضيا وحاضرا، تقليدية أو حديثة، شفاهية أو مكتوبة ... وبالتالي حين تصدر وزارة الثقافة المغربية مجلاتها (الثقافة المغربية، المناهل، إقرأ.. ) والتي من المفروض عليها أن تحتضن الثقافة و الأدب المغربيين في تنوعهما وفي تجلياتهما، فإنه من المفروض أن يجد القارئ سواء كان مغربيا أو أجنبيا في هذه المجلات الوجه الثقافي والأدبي المتنوع لبلدنا المغربي.
لكن ،سيخيب أفق انتظار القارئ أو المتتبع المغربي عندما يجد أن هذه المجلات التي تصدرها وزارة الثقافة، باعتبارها تمثل أوجه الثقافة المغربية، تمثل غالبا المكتوب بالعربية أما المكتوب بالأمازيغية فلا توليه الاهتمام الكافي إن لم نقل لا تلتفت إليه.
لنأخذ مثلا مجلة " الثقافة المغربية" التي يدل عنوانها على ما تدل عليه من شمولية ما أنتج في المغرب، فهل عكست مغربيتها هذه؟ المتصفح لأعداد هذه المجلة سيجدها تمثل وجها واحدا لأدبنا المغربي، أي وجهه المكتوب بالعربية، أما وجهه المكتوب بالأمازيغية، فما زال لم يجد مكانه فيها. و كان من المفروض أن تمثل هذه المجلة الثقافة والأدب المغربيين في شموليتهما وفي تنوعهما اللغوي انسجاما مع الخطاب الرسمي، ومع الهوية المغربية كما هي في الواقع، وكما هي مرسمة في الدستور المغربي.
فإذا تصفحنا أعداد هذه المجلة أي " الثقافة المغربية " المختصة في الأدب والنقد المغربي لا نجد فيها إلا وجهها المكتوب بالعربية، أما الوجه المكتوب بالأمازيغية فلم يجد بعد مكانه في المجلة.
إذا تصفحنا الأعداد المنشورة من هذه المجلة الثقافية منذ 2003 أي بعد الاعتراف الرسمي بالأمازيغية في الخطاب الملكي التاريخي لسنة 2001 و الذي تأسس بموجبه المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية، و بعد سنة 2011 اي سنة الإقرار الرسمي للغة الأمازيغية كلغة رسمية إلى جانب اللغة العربية في دستور 2011، ماذا نجد؟؟
لنتصفح أعداد هذه المجلة منذ سنة 2003 والتي نشرتها الوزارة في موقعها الرسمي:
- العدد 20- 21 سنة 2003، لا مكان للأدب الامازيغي في هذا العدد.
- العدد 22 - 23 سنة 2003 بعنوان " الثقافة في المغرب العربي"، العنوان يدل على ايديولوجيته.
- العدد 24- 25 سنة 2003 عن الرواية المغربية. الرواية المغربية المكتوبة الأمازيغية لا مكان لها في هذا العدد.
- العدد 32 – 33 سنة 2009. لا مكان للأمازيغية فيه.
- العدد 34 سنة 2010، لا مكان للأدب الأمازيغي في هذا العدد.
- العدد 35، 2011. لا رائحة للأدب الأمازيغي في العدد .
- العدد 37 اكتوبر 2013، بعنوان " الشعر المغربي المعاصر" و لا شيء في هذا العدد يشير الى الشعر المغربي الأمازيغي، و كأن هذا الشعر الأمازيغي شعر غير مرغوب فيه، مع أن عدد الدواوين يناهز أكثر من 120 ديوانا شعريا آنذاك.
العدد 38 شتنبر2018 ، بعنوان " الثقافة المغربية بين ضرورات التحديث و رهانات الحداثة"، اغلب مواضيع العدد عن الثقافة المغربية المكتوبة بالعربية باستثناء مقال واحد و وحيد بعنوان "الكتاب الأدبي الأمازيغي بمنطقة الريف..." لجمال ابرنوص. أما النصوص الإبداعية كالعادة فكلها بالعربية، ولا نصيب للنصوص المكتوبة بالأمازيغية في هذا العدد.
- العدد 39 ماي 2019 بعنوان " ثقافة التسامح"، في هذا العدد لا رائحة للأدب الأمازيغي في " ثقافة التسامح"، الرائحة الوحيدة التي ذكرت فيه لفظة الأمازيغية هي صفحة 236، وهي قصيدة بعنوان " نمشي في مناكبها " بالعربية مترجمة من الأمازيغية و يدل عليها فقط عنوان " قصيد امازيغية "، نشر المترجم الترجمة العربية وغاب النص الأصلي أي القصيدة بالأمازيغية.
- العدد 40 ماي 2020، خصص هذا العدد للمسرح المغربي بعنوان " المسرح المغربي أفق التجريب و الحدود الفرجة "، لا نجد فيه اي مقال يتحدث عن المسرح المغربي الأمازيغي مع أن بعض النقاد المغاربة متخصصين في المسرح الأمازيغي كالناقد فؤاد أزروال، محمد بلقايد،... إضافة إلى أن النصوص الإبداعية الشعرية والقصصية في هذا العدد لا يتضمن اي نص ابداعي بالأمازيغية.
وفي هذا العدد أورد البيبولوغرافي محمد يحي قاسمي بيبلوغرافيا حول كتاب المسرح المغربي منذ 1933 إلى 2018، ولم يذكر إلا كاتبين هما محمد مستاوي والصافي مومن علي مع أنهما أصدرا كتابيهما بالأمازيغية ثم بالعربية ( ربما اطلع البيبلوغرافي على مسرحيتيهما المترجمتين إلى العربية، إذ لم يشر إلى الأصل الأمازيغي)، في حين لم يتطرق بتاتا إلى الكتاب والكاتبات الذين أصدروا كتبهم المسرحية بالأمازيغية وهي إلى حدود 2018 أكثر من 20 إصدارا مسرحيا بالامازيغية .
أما مجلة " اقرأ " المخصصة للأطفال والتي بدأت سنة 2019 وصدرت منها إلى الآن ثلاثة اعداد، فمن بين شرط النشر فيها الكتابة باللغة العربية، والأدهى هو عودة مسؤولي المجلة إلى تمرير ايديولوجيتهم السياسية بالإشارة إلى أسطورة ما يسمى ب " الظهير البربري" في العدد 2 وفي صفحة 5 لحشو عقل الطفولة المغربية إيديولوجية وظفت سابقا لمحاربة الهوية والثقافة الأمازيغية.
ولا بد أن نشير هنا إلى بادرة مجلة "المناهل" التي خصصت في عددها الأخير(عدد100) ملفا خاصا عن الأدب الأمازيغي بعنوان " لمحات عن الادب الأمازيغي المكتوب" من إعداد الأستاذ محمد المدلاوي.
إننا لا ننكر المجهودات القيمة التي قامت بها وزارة الثقافة في دعم الكتاب الأمازيغي في إطار الدعم الذي تخصصه للكتاب المغربي ككل، وفي دعم الأنشطة الثقافية بكل تنوعاتها و تجلياتها، لكن عليها تغيير التوجه العام في المجلات التي تنشرها خصوصا في مجلتي "الثقافة المغربية " و" اقرأ" المخصصة للأدب المغربي لتنسجم مع الهوية المغربية ومع التوجه الرسمي المعتمد على الدستور، حيث كان من المفروض ومن الواجب:
- مراعاة التنوع اللغوي الرسمي للمغرب في المجلات التي تنشرها انسجاما مع الدستور المغربي والتوجيهات الرسمية، فلا يعقل أن تصدر مجلاتها بلغة رسمية واحدة وتغيب اللغة الرسمية الأخرى.
- ضرورة مراعاة التعدد اللغوي في تعيين المسؤولين في هيئات تحرير هذه المجلات التي تصدرها لأنها تمثل الوجه الثقافي والأدبي للبلد.