أحداف: صدور تقارير متحاملة ضد المغرب تقف خلفه جماعات الضغط الممولة من النظام الجزائري

أحداف: صدور تقارير متحاملة ضد المغرب تقف خلفه جماعات الضغط الممولة من النظام الجزائري محمد أحداف

يرى محمد أحداف، الخبير في السياسات الجنائية، أن تناسل صدور بعض التقارير المتحاملة ضد المغرب، وضد قضية الوحدة الترابية يظل مسألة ملفتة؛ مضيفا بأنه من شبه المستحيل أن تجد تقريرا يشير إلى بعض الجوانب الإيجابية في المغرب، كما لو أن المملكة المغربية شبيهة بجمهورية الموز، موضحا أن هذه التقارير تقف خلفها مكاتب جماعات الضغط التي تمولها الجزائر التي لا تدخر جهودها المالية والدبلوماسية لدفع مكاتب الضغط لتسويد صورة المملكة على الصعيد الدولي.

 

+ كيف تقرأ تناسل تقارير بعض المنظمات الدولية المناوئة للمغرب ولقضية الصحراء المغربية في الآونة الأخيرة؟

- هذه ملاحظة لا يمكن أن تخفى على أي متتبع في بلادنا.. مشكلة تناسل هاته التقارير ملفتة على مستويين على الأقل: مستوى المضمون من جهة، ومستوى التوقيت الذي تصدر فيه هذه التقارير من جهة ثانية. فسواء تعلق الأمر بالمسألة الحقوقية في بلادنا، أو بالقضية الوطنية فما يلاحظ هو أن ما يجمع هذه التقارير هو تحاملها على المغرب. فمن شبه المستحيل أن تجد تقريرا يشير إلى بعض الجوانب الإيجابية، كما لو أن المملكة المغربية شبيهة بجمهورية الموز، ولا بأس هناك أن نشير في إطار المقارنة أن الوضع بالجزائر أسوأ بمئات المرات مما هو عليه الوضع في المغرب، ومع ذلك لا تعاني الجزائر مما أسميه بـ "الهجوم الناعم".

 

+ ماذا عن دلالة صدور هذه التقارير التي وصفتها بـ «المتحاملة» على المغرب في هذا التوقيت بالذات؟

- هذا الهجوم يصدر من جهتين يسهل علميا أو أكاديميا تصنيفها، فهناك مجموعة من التقارير الإعلامية ذات طبيعة سياسية، وهي التي تلجأ إليها مكاتب جماعات الضغط التي تمولها الجزائر. ويبدو واضحا أن هذا الهجوم السياسي والإعلامي ضد المغرب يتم تمويله من طرف جماعات الضغط المعروفة على الصعيد الدولي. فالجزائر لا تدخر جهودها المالية والدبلوماسية من أجل دفع مكاتب الضغط التي أشرت إليها من أجل تسويد صورة المملكة على الصعيد الدولي، وإصدار تقارير سياسية سلبية تضر بمصداقية المملكة سياسيا وحقوقيا سواء على المستوى الإقليمي أو الجهوي أو الدولي، وشخصيا أتفهم التقارير التي تصدرها جماعات ضغط  البرلمان الأوروبي أو الكونغرس الأمريكي، أو عبر وسائل الإعلام المدفوعة الأجر بفرنسا أو اسبانيا أو غيرها، فالجزائر تدافع عن ما تراه مناسبا لمصالحها، والمملكة المغربية ستدافع أيضا عن ما تراه ملائما لمصالحها، لكن المشكل يكمن في النوع الثاني من التقارير ذات الطبيعة الحقوقية، وهي التقارير التي تصدرها مبدئيا منظمات حقوقية دولية مثل منظمة العفو الدولية أو هيومن رايش ووش، وغيرها من المنظمات، وهي تقارير مسيئة في معظمها بشكل مبالغ فيه للمملكة المغربية.

 

+ البعض يرى أن هذه التقارير صدرت بتوقيت متزامن، هل يمكن قراءة ذلك من زاوية وجود أيادي خفية تحرك هذه التقارير في هذا التوقيت بالذات ضد المغرب؟

- سأتحدث معه بتمام الصراحة حول هذا الموضوع كأكاديمي مستقل، فأنا منزعج تمام الانزعاج من مضمون هذه التقارير الذي لا يمت للحقيقة بصلة، وأعتقد بأنه ينبغي مقاربة هذه التقارير على مستويين، من أجل الإجابة عن الأسئلة المطروحة بهذا الخصوص.. صحيح أن هناك أيادي أجنبية تتحكم في توجيه عقارب الزمن لهذه المنظمات من لندن أو من نيويورك أو من باريس، لكن المادة الخام التي تتعلق بالجانب الحقوقي أو القانوني أو السياسي، يتكلف بجمعها مغاربة داخل هذا البلد، فإذا كانوا يقومون بحسن نية بهذا العمل فعليهم أن يتوقفوا عن ذلك، وإذا كانوا متواطئين فعلى رئاسة النيابة العامة أن تفتح تحقيقات جنائية لأن الأمر يتعلق بتهديد الأمن الداخلي للمملكة، دون إغفال صدور بعد التقارير المجانبة للحقيقة من طرف بعض الجمعيات المغربية، وهو الأمر الذي يؤدي إلى تضليل الرأي العام الدولي. وأقدم مثال قضية المعطي منجيب، حيث تم توصيف عملية اعتقاله بالاختطاف، أو وصف اعتقالات بعض الصحافيين بكونها «تعسفية»، كما لو أن الأمر يتعلق بمغرب الستينيات، لذا أدعو بعض النشطاء الحقوقيين المغاربة إلى مراجعة مواقفهم، وتحديد الإطار الأمثل للتعامل مع المنظمات الدولية. وأنا لا أدعوهم إلى التوقف عن النضال من أجل تطوير وضعية حقوق الإنسان في بلادنا، بل أدعوهم إلى التوقف فورا عن تحريف الحقائق العلمية في ما يتعلق بالوضع الحقوقي في المغرب.

 

+ هناك من يسجل أن تناسل صدور هذه التقارير في السنوات 10 الأخيرة يأتي كرد فعل على المكاسب الدبلوماسية التي حققها المغرب على مستوى المنتظم الدولي في ما يتعلق بقضية الصحراء، والتأييد الذي حظي به مقترح الحكم الذاتي من طرف قوى وازنة داخل الأمم المتحدة، ما رأيك؟

- صحيح.. أن أؤمن بحقيقة أن ارتفاع منسوب النجاح يقود إلى كثرة الأعداء، والطعن من الخلف يؤكد أنك ماض إلى الأمام. ولكن دعني أتساءل هل المنظمات الدولية تتعامل بقدر هذا المنسوب من التقارير المخصصة للمغرب مع غيره من الدول الإفريقية أو العربية أو الأسيوية، فنحن نعلم أن هناك صراعا دبلوماسيا تدور رحاه بين المغرب والجزائر، سواء على الساحة الأوروبية أو الأمريكية. وبالقطع أنا أؤمن بأن الجزائر بخبرائها ومخابراتها، وأموالها ومكاتب اللوبي، وجماعات الضغط التي تلتجئ إلى خدماتهم داخل البرلمان الأوروبي أو في كواليس الكونغرس الأمريكي، أو لدى بعض وسائل الإعلام الأمريكية، أو الأوروبية، كلما تعلق الأمر بلحظات حاسمة في مسار القضية الوطنية، أو تعلق الأمر بنجاحات دبلوماسية تحققها المملكة المغربية.

 

+ أشرت إلى تورط الجزائر في دعم جماعات الضغط من أجل استصدار تقارير مناوئة للمغرب أو للوحدة الترابية من طرف بعض المنظمات دولية أو بعض وسائل الإعلام، وقد سبق للملك محمد السادس أن أشار إلى ذلك في إحدى خطبه، فأين تلمس ذلك؟

- لدي قناعة راسخة ولا يمكن أن أغيرها بشأن استقلالية بعض المنظمات الحقوقية الدولية التي تظل نسبية، فهناك مزيج من المواقف السياسية والقناعات الراديكالية لبعض أعضائها الذين يحنون إلى الزمن الماركسي- اللينيني، وزمن جدار برلين، والصراع بين المعسكر الغربي والمعسكر الشرقي، بالإضافة إلى وجود مصالح مادية "تحت الطاولة".. ومن السذاجة الاعتقاد بأن هذه المنظمات مستقلة تمام الاستقلال، وأنها تشتغل وفق قواعد الضمير الإنساني.