القضاء يغرم شركة للمحروقات بـ 22 مليونا، والسبب؟..

القضاء يغرم شركة للمحروقات بـ 22 مليونا، والسبب؟..

عديدة هي الحوادث المنزلية التي يكون ضحيتها المواطنون، وتبقى الحرائق نتيجة تسرب الغاز أو انفجار قنينات الغاز، من بين الحوادث الأكثر شيوعا في البيوت المغربية، لكن ماهي الحماية القانونية التي يوفرها المشرع للضحايا في مثل هذه الأحداث التي قد تخلف عاهات مستديمة أو إزهاقا لأرواح المواطنين؟

 

بينما كانت لطيفة تحضر وجبة الغذاء لأسرتها بأحد الأحياء الشعبية بمراكش، تسرب غاز البوتان من القنينة بمطبخها، وما هي إلا لحظات حتى انفجرت القنينة بالشقة واشتعلت النار، مما جعلها تصاب بحروق وآلام بمختلف أنحاء جسمها.

 

بعد تعافيها التدريجي، تقدمت لطيفة بدعوى قضائية لدى المحكمة. وبناء على محضر المعاينة التمست تحميل شركة المحروقات التي تصنع العلامة التجارية كامل المسؤولية وبأدائها لها تعويضا مسبقا قدره 10 آلاف درهم والأمر بإجراء خبرة طبية، والحكم لها بتعويض إجمالي قدره 600 ألف درهم. وقد دعمت طلبها بمجموعة من الفواتير الطبية التي شملت التطبيب والأدوية، وكذا شواهد الأجر.

 

من جهتها التمست شركة المحروقات إدخال شركة التأمين الملكية المغربية للتأمين وبحلولها محل الشركة في الأداء في حال ثبوت مسؤوليتها أو جزء من مسؤوليتها وذلك بنسبة 60 في المائة.

 

المحكمة قررت إجراء الخبرة الطبية على لطيفة، وإرفاق التقرير بالملف، وهو ما التمست شركة المحروقات استبعاده والأمر بإجراء خبرة طبية مضادة مع حفظ حقها في التعقيب.

 

شركة التأمين التمست احتساب التعويض على أساس الحد الأدنى من الأجر ووفق ظهير 1984، وبرفض طلب التعويض عن العجز الكلي المؤقت وعن التشويه وبحصر إخلال الشركة في حدود عقد التأمين.

 

بعد جلستين قررت المحكمة إصدار حكمها بناء على الحيثيات التالية: حيث أن موضوع الدعوى يتعلق بطلب التعويض عن الأضرار اللاحقة بالمدعية لطيفة من جراء انفجار قنينة غاز صغيرة الحجم، وحيث أنه وطبقا للفصل 88 من قانون الالتزامات والعقود فإن كل شخص يسأل عن الأضرار الحاصلة من الأشياء التي في حراسته، إذا تبين أن هذه الأشياء هي السبب المباشر في وقوع الضرر، وذلك مالم يثبت أنه فعل ما كان ضروريا لمنع الضرر، وأن الضرر يرجع إما لحادث فجائي أو لقوة قاهرة أو لخطأ المضرور.

 

وأضافت المحكمة أن قنينة الغاز تعتبر من الأشياء الخطيرة بطبيعتها ويتعين على صانعها أن يتخذ كافة الاحتياطات اللازمة حتى تكون قابلة للاستعمال دون إحداث أضرار بالمستهلكين خاصة وأن مستعمليها يجهلون خصوصيات تصنيعها والعيوب الداخلية العالقة بها.

 

وقد دأب العمل القضائي المغربي والمقارن على تحميل الشركة المصنعة مسؤولية انفجار قارورات الغاز اعتمادا على المعيار الفقهي الذي يميز بين حراسة الهيكل وحراسة التصرف، وأن الصانع يتحمل تبعات حراسة الهيكل خاصة عندما يتعلق الأمر بأشياء ذات خطورة، وهو ما يتعين تحميل شركة المحروقات مسؤولية انفجار القنينة.

 

أما من حيث التعويض الذي طالبت به الضحية لطيفة، فإنه بناء على التقرير الطبي المنجز بموضوعية في وصف الأضرار اللاحقة بالضحية فضلا عن استيفائه جميع الشروط الشكلية فيتعين المصادقة عليه، حيث أسفرت الخبرة عن إصابة الضحية بعجز مؤقت عن العمل مدته 220 يوما وبعجز دائم نسبته 24 في المائة ودرجة ألم على جانب من الاهمية 5 في المائة والتشويه 10 في المائة..

 

من خلال كل هذه الحيثيات قررت المحكمة أداء شركة المحروقات في شخص ممثلها القانوني لفائدة الضحية ما مجموعه 220 ألف درهم مع الفوائد القانونية، وإحلال شركة التأمين الملكية المغربية في شخص ممثلها القانوني محل مؤمنتها في حدود نسبة 60 في المائة، وإحلال شركة التأمين الوفاء في شخص ممثلها القانوني في حدود 40 في المائة في أداء المبالغ المحكوم بها.