نشر موقع "أنفاس بريس" يوم الاحد31 يناير 2021، مقالا عن احتجاز شابة بسطح إحدى المنازل بدوار سيدي امبارك بمقاطعة المنارة بمراكش، ودون الحديث عن الصورة البشعة التي كانت عليها الشابة المحتجزة، رجع بي شريط الأحداث إلى حالات مماثلة، كما هو الشأن بالاحتجاز الذي كان ضحيته ثلاثيني بإقليم الجديدة، وتحديدا بمركز سيد إسماعيل، ففي أحد الأيام من شهر دجنبر 2014 انفجرت الفضيحة، احتجاز دام لما يفوق الست سنوات، وفي نونبر 2016 أب كان يحتجز ابنته عن ما يزيد عن سبع سنوات مأساة عاشتها مدينة الفنيدق.
إن انفجار هذه المآسي بين الفينة والأخرى يجعل المتتبع للشأن الحقوقي بالمغرب، يتساءل عن تلك المعاهدات و المواثيق الدولية لحقوق الإنسان التي صادق عليها المغرب، ولا سيما مبادئ حماية الأشخاص المصابين بمرض عقلي وتحسين العناية بالصحة العقلية التي تم اعتمادها نشرها على الملأ بموجب قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة 119/46 المؤرخ في ديسمبر 1991، كما يستحضر دور وزارة الصحة، ووزارة التضامن والتنمية الاجتماعية والمساواة والأسرة، والتي لا تحمل سوى عناوين بارزة، لا أقل ولا أكثر، وهي بعيدة عن التضامن والتنمية الاجتماعية، وبعيدة عن الأسرة، وبعيدة كل البعد عن المساواة، ولنا في ذلك تلك المشاهد التي كانت قد عاشها مقر هذه الأخيرة، عندما لم يجد ذوي الإعاقة البصرية بدا من إيصال صوتهم للوزيرة السابقة بسيمة الحقاوي، والتي كانت جد متفهمة ومحاورة جادة للاستجابة لمطالب هذه الفئة، فحاورتهم باستقدام القوة العمومية، التي كانت جد رحيمة معهم، وتعاملت معهم برحمة ورأفة " الزرواطة".
إن مآسي الأشخاص المصابين بأمراض عقلية لا حصر لها، والمعاناة تتكبدها الأسر، ولا مكان للدولة في كل هذا، فالمستشفيات المختصة لا يمكن أن تحل المعضلة، لعدة أسباب أولها وأهمها مشكل الموارد البشرية المؤهلة، ونموذج المباني، وطريقة التعامل مع المحضوضين الذين يجدون لهم مكانا في المستشفى.
ولكن المأساة الكبيرة هو عندما يتم اكتشاف حالة مريض أو مريضة محتجزين من طرف الأسرة، فماكينة العدالة تتحرك لمعاقبة الأب أو الأم أو الأخ أو الأخت، الذي يثبت أنه وراء عملية الاحتجاز، ويكون مصيره السجن، دون التفكير في المرضى و مصيرهم، نعم الأمر غير مقبول بتاتا أن يحجز المريض وبصورة لا إنسانية، ويحرم من كل حقوقه، ولكن قبل ذلك، لنقف وقفة تأمل، و نقولها صراحة، إن من يجب محاسبته هي الدولة، والتي صادقت على أن تحمي حقوق الإنسان بالمعايير الدولية، والذي يجب أن يقف أمام النيابة العامة هو وزير الصحة الذي لا يكثرت للوضع، والذي يجب أن يجد له مكانا في السجن هو القائم على وزارة التضامن والتنمية الاجتماعية والمساواة والأسرة، هذين الوزيرين يبتلعان من المال العام الملايين، وحينما نكتشف حالة مأساوية لمريض عقلي محتجز، نرسله إلى مستشفى لا يمكن أن ملاذا آمنا بسبب ما ذكر، ونزج بفرد من أفراد الأسرة في السجن عقابا له، وكفى المؤمنين شر القتال.
إن المعضلة لا يمكن معالجتها بهذا حلول، بل يجب أن نضع الأصبع على الجرح، ونضع المسؤولين الأولين على القطاعات المعنية عند حدهم، وتكون مساءلة قانونية نزيهة، كما هو شأن الشعار المتداول المغاربة سواسية أمام القانون، وبهذه الإجراءات، سنجد أنفسنا أمام دولة تحترم مواطنيها، وتعتني بمرضاها، وتحاسب وتعاقب مسؤوليها الذين لا يقومون بواجبهم على أحسن وجه، وسنكون حينها أمام نيابة عامة قوية، لا تتردد في استدعاء مسؤول ما لمساءلته و متابعته.
إن الحالات التي استشهدنا بها ليست الوحيدة، بل كم هي من الحالات التي تنتشر في المغرب، ولم يحن الوقت لافتضاحها، لأنه ما خفي أعظم.