خليل البخاري: التربية البدنية مادة لاكتشاف المواهب

خليل البخاري: التربية البدنية مادة لاكتشاف المواهب خليل البخاري

من خلال زيارتي لبعض الاصدقاء بعديد من المدارس وبصفة خاصة الابتدائية، تبين لي، وبالملموس، غياب شبه تام للبنية التحتية الرياضية (الملاعب ومستودعات الملابس ...). فنساء ورجال التعليم بالابتدائي ينقصهم التكوين والتأهيل، إضافة إلى كثرة الأعباء الملقاة على عاتقهم والبعيدة كل البعد عن تخصصهم.. فتحولت بذلك مادة التربية البدنية من مادة علمية إلى مادة نظرية، فانعكس ذلك سلبا على التلاميذ ومدى تعلقهم بالمادة، وتراجعت مشاركاتهم في المسابقات والدوريات.

 

إن جودة التربية البدنية المدرسية ينبغي أن تكون خيار المستقبل وضرورة حتمية لا مناص من توافر أسبابها. فجودة التعليم عموما هي الحاضن الأمين لتشكيل الفرد القادر على تحمل مسؤولية بناء الوطن وحمل قيم شعار المواطنة الثي تعني الالتزام بمتطلبات التنمية المستدامة.

 

إن الوعي التربوي النابع ليس فقط من اقتناعنا بحقيقة وضرورة تطبيق شعار العقل السليم والجسم السليم... وإنما إدراكنا للأهمية القصوى الثي أصبحت تمثلها التربية البدنية كمادة علمية جاذبة ومشوثة وكمؤشر على رقي وتقدم المجتمعات وكقيمة حقيقية لتعزيز فرص المنافسة الشريفة بين الأفراد والجماعات، وبناء جسور التواصل بين أعضاء المجتمع الواحد، بل وعلى الصعيدين الاقليمي والدولي .

 

على مديرية الارتقاء بالتربية البدنية، سواء بالوزارة أو بالمديريات الإقليمية، إيلاء مادة التربية البدنية المدرسية العناية اللازمة، وجعلها معيارا أساسيا من معايير تقييم أداء المؤسسة التعليمية. وكمثال إيجابي، مبادرة إعداد وتأهيل الملاعب الرياضية بثانوية الخوارزمي -المديرية الإقليمية الفداء مرس السلطان- من طرف عمالة مقاطعة الفداء مرس السلطان، وهي الحامل للمشروع الرياضي الذي ستساهم فيه جمعية الآباء لثانوية الخوارزمي بتتبع المشروع الرياضي من حيث الإصلاح والصيانة عبر إبرام شراكات مفعلة.

 

إن المؤسسة التعليمية متى ما توافرت للتربية البدنية فيها الخطط والبرامج والتجهيزات... فإنها تشكل مصنعا متجددا للطاقات الشابة الواعدة والمؤهلة لتكون أرقاما صعبة في بناء معادلة العقل والجسم السليمين. فعدم إيلاء مادة التربية البدنية ما تستحقه من عناية خاصة بالمدارس الابتدائية والثانوية الإعدادية، ساهم بشكل واضح في تراجع بلادنا في مجال تكوين وتأهيل الشباب أبطال المستقبل

 

في السابق كانت المدارس مشتلا حقيقيا لإنتاج النخب الرياضية من خلال حصص التداريب المؤطرة خاصة يومي الاربعاء والجمعة (l'ass)

 

إن الاهتمام بمادة التربية البدنية المدرسية ينبغي أن يكون أساسا لبناء استراتيجية للنهوض بجودة مخرجات التربية البدنية المدرسية أملا لنشر دعائم السلم والسلام، من خلال الرياضة بدءا من الرياضة المدرسية. وعلى الجهات الوصية على الرياضة المدرسية أن تعظم من شأن الرياضة في مؤسساتنا التعليمية، حيث أنها تعاني من مشاكل: تردي وضعية البنية التحتية الرياضية وغياب مؤهلين لتدريب التلاميذ... ونقص اللوازم الضرورية..

 

وللارتقاء بمادة التربية البدنية وتمكينها من الاهتمام بالجوانب الاجتماعية والعقلية والنفسية وإرجاع مكانتها في عملية التنشئة الاجتماعية على الرياضية، لابد من إعادة النظر في استثمار التربية البدنية وأنشطتها المختلفة وتفعيل أدوارها بالمؤسسات التعليمية لضمان تنشئة سوية تسهم في بناء جيل خال من الاختلالات السلوكية، من خلال تنويرهم وتثقيفهم بأهمية الأنشطة الرياضية والحركية وآثارها على النواحي الاجتماعية والنفسية والأخلاقية.

 

كما حان الوقت لتعيين أساتذة تتوفر فيهم معايير تدريس مادة التربية البدنية لإعادة  الاعتبار للمادة كمادة علمية ترفيهية جاذبة، ولتتحول مدارسنا إلى مشاتل حقيقية لتكوين أبطال المستقبل واكتشاف المواهب.

 

- خليل البخاري، باحث تربوي