محمد عطيف: هذه دواعي إصدار كتاب عن الأموي في هذه الظرفية

محمد عطيف: هذه دواعي إصدار كتاب عن الأموي في هذه الظرفية نوبير الأموي (يمينا) ومحمد عطيف

يتطرق محمد عطيف، مؤلف كتاب "الزمن الاجتماعي بالمغرب: أحاديث نوبير الأموي" بمعية شعيب حليفي، في هذا الحوار مع "أنفاس بريس"، إلى حيثيات وأسباب صدور الكتاب؛ فضلا عن أنها كانت فرصة للحديث عن العمل النقابي في المغرب والمؤخذات المسجلة عليه من قبل العديد من المتتبعين..

 

+ لماذا إصدار كتاب حول الزعيم نوبير الأموي في هذه الظرفية؟

- إصدار كتاب "الزمن الاجتماعي بالمغرب: أحاديث نوبير الأموي"، جاء في إطار سلسلة الكتب التي أصدرتها الكونفدرالية الديمقراطية للشغل منذ تأسيسها، والتي تسعى من ورائها تحقيق هدفين أساسين، الأول موجه لعموم المناضلات والمناضلين الكونفدراليين، وهو هدف تكويني؛ والثاني موجه للأساتذة الباحثين والطلبة المهتمين بتاريخ الحركة النقابية عموما، وتاريخ الكونفدرالية الديمقراطية للشغل على وجه الخصوص.

 

+ هل السياق النقابي والاجتماعي الذي يعرفه المغرب حاليا كان له تأثير على إصدار الكتاب في هذه المرحلة؟

- أبدا. فالوضع الاجتماعي هو هو لم يعرف تطورا وتحسنا ملموسا؛ ونضالات الكونفدرالية الديمقراطية للشغل أيضا هي هي متواصلة لتحسين الأوضاع الاجتماعية ببلادنا، بما يرفع من القدرة الشرائية لعموم جماهير شعبنا، ومن ضمنها الطبقة العاملة، وبما يجعل الخدمات الاجتماعية، من تعليم وصحة وسكن ونقل وغيرها في خدمة هذه الجماهير التي تعاني كثيرا جراء تدني مستواها.

إن هذا الكتاب، والذي هو عبارة عن حوارات أجراها نوبير الأموي على مدى خمس وثلاثين سنة (1979 - 2014)، تكمن أهميته في الأفكار التي يتضمنها، والتي يمكن إدراجها في إطار معركة التنوير التي تعتبر حاجة ملحة اليوم، وأكثر من الأمس، لأن الصراع الذي يجب على كل الغيورين على مصلحة بلادنا ومصلحة مواطنينا خوضه اليوم هو صراع فكري، بين الأفكار المتنورة التي تفتح لنا أبواب الأمل في المستقبل الذي نطمح إليه، والأفكار التي تجرنا إلى الخلف وإلى مزيد من التخلف.

ويمكن اعتباره (الكتاب) من الناحية الفكرية والسياسية يدخل ضمن مشروع بناء مجتمع مغربي جديد، مجتمع الحرية والكرامة والديمقراطية.

 

+ بالنسبة لك هل مثل هذه المؤلفات من شأنها تقريب الشباب الحالي من زعماء مثل الأموي؟

- في الحقيقة شباب اليوم محتاج للتعرف على عموم الوطنيين ببلادنا، الذين ضحوا كثيرا من أجل تحقيق تطلعات شعبنا في العيش الكريم، وتركوا لنا تجاربهم وأفكارهم للاسترشاد بها. لكن مع الأسف الشديد ليس هناك أي عمل ملموس، لا شعبيا ولا رسميا بطبيعة الحال. وهذه مسؤولية الجميع، الأحزاب والنقابات والجمعيات، وكذلك الأشخاص الذين ينشدون التغيير ببلادنا لهم كذلك دور كبير داخل محيط عملهم أو أسرهم. أؤكد وأسطر على مسؤولية الجميع.

 

+ هناك من يؤكد أن دور النقابات في السنوات الأخيرة تراجع مقارنة مع سنوات القرن الماضي، هل تتفق مع هذا الرأي؟

- ليس دور النقابات هو الذي تراجع، لأنها ليست سوى إطارات تكون قوية بأطرها ومنخرطيها، والعكس صحيح.

وبالعودة إلى الجواب السابق، وما دام هناك تراجع على مستوى الوعي الفكري بمتطلبات المرحلة، في ارتباط مع الرصيد النضالي والفكري للوطنيين المغاربة الذين تحدثت عنهم بصفة عامة، فطبيعي أن ينعكس ذلك على العمل النقابي. هذا إلى جانب أن الكونفدرالية الديمقراطية للشغل، ومنذ تأسيسها، وهي تحارب بشتى الوسائل والممارسات، والتي تجدون في هذا الكتاب عشرات النماذج عن ذلك.

ومع ذلك فإنني أتمسك دائما بالأمل في أن تكون هناك صحوة مستقبلا، لأن هذا وحده الكفيل بإخراجنا من النفق الطويل الذي ما زلنا ننتظر فيه، كما في مسرحية صامويل بيكيت الشهيرة "في انتظار غودو" الذي لن يأتي أبدا لينقذنا.

 

+ هل صحيح أن تراجع المركزيات النقابية، بما فيها الكونفدرالية الديمقراطية للشغل، فسحت المجال إلى ظهور وسائط جديدة بين المجتمع والدولة؟

- لا أعتقد ذلك، لأن الكونفدرالية الديمقراطية للشغل ما زالت تواصل نضالاتها من أجل فرض الملف المطلبي للطبقة العاملة بكل فئاتها، وذلك عبر حوار ثلاثي وتفاوضي. وأعتقد أن هذا المطلب -أي الحوار الاجتماعي الثلاثي الجاد- هو الذي يجب أن تتكاثف حوله كل الجهود، بما في ذلك الوسائط التي تحدثت عنها، والتي أعتقد أنها في النهاية ستقتنع بأن العمل في إطار مركزية نقابية مناضلة كالكونفدرالية الديمقراطية للشغل هو الحل لما نعيشه من أوضاع تزداد استفحالا وتحديات تزداد صعوبة.