أطروحة جامعية تقارب دور المغرب في تدبير الأزمات الإفريقية

أطروحة جامعية تقارب دور المغرب في تدبير الأزمات الإفريقية لحظة قرار اللجنة قبول الأطروحة بميزة مشرف جد

شهدت رحاب كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية التابعة لجامعة القاضي عياض يومه الخميس 14 يناير 2021 بمراكش، مناقشة أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون العام والعلوم السياسية، في إطار مختبر الدراسات الدستورية وتحليل الأزمات والسياسات، تقدم بها الباحث زهير لعميم في موضوع: “دور المغرب في تدبير الأزمات الإفريقية، دراسة لحالتي مالي وليبيا“ وأشرف عليها الدكتور إدريس لكريني.

انطلق الباحث في أطروحته من طبيعة التحولات والمتغيرات التي تسم العالم منذ نهاية الحرب الباردة وما شهده حقل العلاقات الدولية من تحولات عميقة، ساهمت في انتاج حالة ''لا نظام''، وأنتجت بؤرا للتوتر في إفريقيا عامة ومنطقة الساحل والصحراء على وجه الخصوص، ما فرض على المغرب بحكم الانتماء الجغرافي والسياسي والتماس الأمني بشكل أو بآخر الانخراط في مسلسل إعادة السلم والأمن الإقليميين نظرا لخطورة التهديدات الناتجة عن تداعيات الأزمات الإفريقية من جهة، ومن جهة أخرى حماية لمصالحه الاستراتيجية المتجددة بالمنطقة التي لم تعد محكومة بالهواجس الأمنية الصرفة بل أصبح يحاول لعب أدوار أخرى مرتبطة بتنمية اقتصاده، وتشبيك العلاقات الاقتصادية وفتح أسواق تجارية وتمتين الروابط جنوب-جنوب كخيار جيو-استراتيجي واعد يجسد استعادة الدور التاريخي الذي كان يقوم به المغرب على مر التاريخ المتصل بالقوافل التجارية ونشر الإسلام والدفاع عن استقلال الشعوب الإفريقية زمن الهيمنة الكولونيالية.

اعتبر الباحث أن انخراط المغرب في تدبير مجموعة من الأزمات الإفريقية ينسجم مع رؤيته الدستورية ويجسد منطق الاستمرارية التي تجسدت في الحركية التاريخية والسياسية والحضور الدائم كبلد فاعل في المنتظم الدولي والمجال الإقليمي خصوصا في ظل تنامي مجموعة من المخاطر والتحديات الأمنية والاجتماعية التي تشهدها منطقة الساحل والصحراء وعلى رأسها المشاكل السياسية والأمنية في مالي وتداعيات الوضع العسكري في ليبيا وما نتج عنهما من تهديدات كالإرهاب والهجرة غير القانونية وإشكاليات الديمقراطية والتنمية وحقوق الإنسان... وفي ظل وجود مجموعة من الفرص كذلك التي يمكن استثمارها لتقوية وتعزيز أفاق الشراكة والتعاون و تطوير علاقات جنوب-جنوب.

حاولت الأطروحة تقديم رؤية تحليلية تساهم في تسليط الضوء على طبيعة دور المغرب في تدبير الأزمات الإقليمية وتقييم أدائه وتشخيص المحددات والمتغيرات الداخلية والخارجية التي عززت وأثرت على الموقف والتواجد المغربي من التغيرات السياسية والأمنية التي تشهدها منطقة الساحل والصحراء الإفريقية والوقوف على حدود دور المغرب في أمن إفريقيا في ظل التحولات العميقة للمحيط الإقليمي والدولي.

انخرط المغرب في تدبير أزمتي مالي وليبيا في إطار استمرارية أدواره التاريخية في حل مجموعة من الأزمات منذ بروز حركات التحرر الإفريقية ضدا على الهيمنة الكولونيالية التقليدية في المراحل الوسيطية من القرن الماضي، ما جعلها تتخذ مجموعة من السياسات والآليات والإجراءات لحل الأزمات الراهنة تتنوع بين الوساطة والمساعي الحميدة وتتخذ من الأبعاد التنموية والاقتصادية والإنسانية أساس تحركها، رغم مجموعة من المعيقات والتحديات التي ترتبط بالتنافس الإقليمي وصراع مصالح القوى الكبرى.

 

وقد خلص الباحث إلى أن انخراط المغرب في تدبير الأزمات الإقليمية، توجهه المصلحة الوطنية وقضية الوحدة الترابية من جهة، ومن جهة أخرى يرتبط تواجده بالرهانات الجيو-استراتيجية والاقتصادية المتجددة للمغرب في المنطقة والتي تفرض وجود بيئة آمنة ومستقرة في ظل دول موحدة. وإلى أن التنافس الدولي والتدخل المباشر في الأزمات الإفريقية، أثر سلبا على الترتيبات المغربية في إفريقيا وتوجهاته، حيث زاد تعقيد الأزمات الأمنية والسياسية في المنطقة مع ما يعنيه ذلك من مزيد من التهديدات مستقبلا خاصة التهديد الإرهابي الذي يبقى التحدي الأبرز أمام كل الدول.

كما أبرز أيضا أن المقاربة المغربية لبناء السلم في ليبيا أو مالي، وفي إفريقيا بصفة عامة، تستطيع توظيف العلاقات التي تربطها بدول المنطقة، سواء من حيث استثمار التاريخ والدين واللغة والعادات، والتقاليد المشتركة التي رسختها الزوايا والحركات الصوفية، التي ترتبط روحيا بالمغرب، والتي من شأنها بناء قيم مشتركة توحد شعوب المنطقة، وتجعلها متقاربة وقابلة للتعايش بسلام بينها، لأنَّ إشكالية الصراع ترجع في أحد تجلياتها إلى الشعور بالاختلاف، وعدم القدرة على التعايش وقبول الآخر.

يشار إلى أن الأطروحة نوقشت أمام لجنة علمية تشكلت من السادة الأساتذة: الدكتور ادريس لكريني، أستاذ بكلية الحقوق بمراكش، مشرفا؛ والدكتور عادل موساوي، أستاذ بكلية الحقوق بسلا، رئيسا ومقررا، والدكتور محسن الأحمادي، أستاذ بكلية الحقوق بمراكش، عضوا ومقررا؛ والدكتور العربي بلا، أستاذ بكلية الحقوق بمراكش، عضوا ومقررا؛ والدكتور عمر قيسي، أستاذ بكلية الحقوق بأكادير، وبعد المناقشة والمداولة، قررت اللجنة قبول الأطروحة بميزة مشرف جدا.