حسن قرنفل يسلط الضوء على أكثر الفئات الاجتماعية تأثرا بالسياسات الحكومية في "أصوات الفقراء"

حسن قرنفل يسلط الضوء على أكثر الفئات الاجتماعية تأثرا بالسياسات الحكومية في "أصوات الفقراء" حسن قرنفل

"يعتبر الفقراء أكثر الفئات الاجتماعية تأثرا بالسياسات الحكومية، وقوانين المالية، والمخططات الاستراتيجية الكبرى، إذ يرتبط مصيرهم ومصير أبنائهم بما تتخذه الحكومات من إجراءات وما تسنه من قوانين وما تتبناه من تدابير من شأنها أن تحسن وضعيتهم الاجتماعية وتفتح لهم سبل الخروج من الفقر.

 

ويحمل الفقراء عادة ن من جانب آخر مسؤولية كل الاختلالات السياسية التي تشهدها المجتمعات المعاصرة. فحين صعد اليمين المتطرف، في السنوات الأخيرة، إلى الحكم أو إلى البرلمان في كثير من الدول الأوروبية، أشارت أصابع الاتهام بسرعة إلى الفقراء، باعتبارهم مسؤولين عما حصل، وقيل إنهم وجهوا ضربة قاسية للديمقراطيات الأوربية حين رجحوا كفة اليمين المتطرف وصوتوا بكثافة لصالحه، متخلين بذلك عن الأحزاب اليسارية (الأحزاب الشيوعية السابقة والأحزاب الاشتراكية) التي كان من الأرجح أن يصوتوا لفائدتها لرفعها شعارات وتبنيها برامج تسير في اتجاه تخفيف التضامن الاجتماعي وتفعيل آليات إعادة توزيع الخيرات.

 

وحين صعدت الأحزاب الإسلامية إلى الحكم في بعض الدول الإسلامية، سارع كثير من الباحثين إلى الاستنتاج السريع بأن الفضل في ذلك يرجع إلى الفقراء الذين صوتوا بكثافة لصالحهم ومكنوهم من الحكم."

 

ينطلق كتاب د. حسن قرنفل "أصوات الفقراء" من الأسئلة التالية: لمن يصوت الفقراء؟ هل يصوتون في اتجاه واحد؟ وهل تؤثر وضعية الفقر في توجيه تصويتهم؟ وهل تستفيد الأحزاب التي ترفع شعارات المساواة والعدالة الاجتماعية ورفع العبء عن الفقراء ودفع الأغنياء إلى التضامن الاجتماعي من أجل تمكين الفقراء من عيش كريم من أصواتهم؟ أم يصوت الفقراء حسب ارتباطات وعلاقات والتزامات لا علاقة لها بالأحزاب السياسية وطبيعة برامجها؟

 

ومن أجل الإجابة عن هذه الأسئلة قسم المؤلف كتابه إلى ستة فصول، عنونا الفصل الأول: الفقر محددات ومعطيات. وفيه حاول تقديم تعاريف الفقر ومؤشراته والتصنيفات الدولية للفقر، كما تطرق إلى بعض القضايا الأساسية من قبيل التمييز بين الفقر الموضوعي الذي تكشف عنه المؤشرات الوطنية والدولية باعتماد مقاييس إحصائية مضبوطة، والفقر الذاتي أو المحسوس، وهو الإحساس بالفقر والانتماء إلى فئة الفقراء لدى كثير من الأشخاص الذين لا تصنفهم المعطيات الرقمية ضمن الفقراء بالضرورة.

 

أما الفصل الثاني فمعنون بـ: نظريات في السلوك الانتخابي، وقام فيه بجرد شبه شامل لأهم النظريات والبارديكمات المفسرة للسلوك الانتخابي، متوقفا بالخصوص عند أحدث الكتابات في الموضوع، ليتساءل عن مدى استجابتها وقدرتها على تفسير السلوك الانتخابي في المغرب بصفة عامة.

 

في حين اهتم الفصل الثالث الذي اختار له عنوان: الفقراء والسياسة، بطبيعة علاقة الفقراء بالسياسة، محاولا الكشف عن مدى تأثير وضعية الفقر على المواقف السياسية للفقراء، ومدى انخراطهم في العمل السياسي، وطبيعة الأحزاب التي تستقطبهم، عارضا بعض النظريات التي تفسر السلوك الانتخابي للفقراء.

 

وخصص الفصل الرابع للجماعة وأدوارها، على اعتبار أن المؤلف اختار اختبار وكشف طريقة تصويت الفقراء من خلال الانتخابات الجماعية. فحدد أدوار الجماعة الجديدة وصلاحياتها ومجالات اختصاصها و تدخلها، وأدوار رئيس الجماعة وأعضاء مكتبها، وطبيعة التدبير الجماعي ومعيقاته وتحدياته.

 

أما الفصل الخامس فخصصه المؤلف بالكامل لتحليل الانتخابات الجماعية لشتنبر 2015، حيث تطرق لكل الجوانب المرتبطة بها، من ترشيحات وحملة انتخابية. متوقفا عند نتائجها، محاولا استخراج الخلاصات الضرورية منها.

 

وخصص د. قرنفل الفصل الأخير من الكتاب لـ: تصويت الفقراء لتحليل تفصيلي لطبيعة تصويت الفقراء في كل جهات المملكة، مركزا على أكثر الجماعات القروية فقرا، لمعرفة مدى تأثر الفقراء بالحملة الانتخابية وبرامج الأحزاب، وطبيعة سلوكهم يوم الاقتراع، محاولا استنتاج بعض الخلاصات الأساسية التي أوحى تصويت الفقراء.