أحمد بومعيز: مطرنا ليس غيثا !!

أحمد بومعيز: مطرنا ليس غيثا !! أحمد بومعيز
...مطرنا ليس غيثا بالمرة، وهذه المرة كانت البيضاء شاهدة، ودورها شاهدة، وشوارعها شاهدة، وملعبها الذي لم يعد شرفيا كان شاهدا وفوقه الرجاء كلها، وأبناء البيضاء شهود أعيتهم المشاهدة والتشهد والتشهيد والتشييد المشهود له بشهادة الموت المبكر...البيضاء شاهدة على كل شيء في هذا الوطن، من الشهادة والاستشهاد، إلى الاسترزاق والاستقلاب والاستكلاب، والغش والتفويت والإفلاس، والتفويض والفوضى، والتفويض، والعبث والتلفيق والتخربيق والتزربيق...وتهرب المسؤول من المسؤولية، والتهريج وبهدلة السياسة والمواطنين والمرافق والمؤسسات العمومية والمتخبة...وتخراج العينين أمام الكاميرات، والزايدات والهلوسات في الصالونان والمجالس والفيلات...
مطرنا ليس غيثا على أهلنا في البيضاء، مطرنا نقمة كالزلزال، وفي طيه نعمة الوشاية بأثر العمد والعود ... وقيل شكل من أشكال الافتحاص الذي لم تقم به الدولة وأجهزتها المعنية ...افتحاص تمليه الطبيعة في مصادفة ماكرة. وهو المطر في أصل الحكاية القديمة رحمة....يهطل ليسقي البهيمة والعباد... والزرع...والبلد الميت ...
والشيوخ بحت حناجرهم بالدعاء وصلوات الاستسقاء وطلبات الاسترزاق ..فلما جاء المطر، عطش البشر، ودكت الدور على أهلها دكا..وسارت الوديان في الطرقات والشوارع والملاعب ، وخسرت الرجاء، ولم يعد الملعب شرفيا ،وغضبت الجماهير من اللاعبين ،ولم تغضب من السماء ومن المطر ومن العشب، وممن شيدوا المعلمة العائمة...ونحن تعودنا على الملاعب المعشوشبة العائمة، وهي إبداع مغربي صرف، ملاعب لكرة القدم البرمائية، والعوم ،والتزلج والاستحمام، والري الشعبي..ومآرب أخرى ...عبقرية خالصة سنطالب بتسجيلها هي الأخرى ضمن تراثنا الإنساني باليونسكو..
واليوم، اليوم ، من حق أوزين أن يطالب برد الاعتبار، فهو ليس وحيدا، أوزين منه الكثير ، أو أوزين صار كثيرا ، وبالمناسبة ،والمناسبة شرط، فقد افتقدنا كراطة أوزين، ونطالب الآن بتعميم الكراطات ،وانتاجها محليا، وتسويقها للدول التي تحتاج لطمس الغش في جرة كراطة أو قلم، وتعلم النسيان..ومن حق أوزين الآن أن يرتب شعره الجديد وفق الموضة وبكل زهو ،نكاية في كل من انتقده ، وليبقى عشب الملعب منفوشا إلى الأبد، ومن حقه أن يطالب برد الاعتبار،ومن حقه ، على الأقل هو كان شجاعا بتبنيه للفضيحة وابتكار جرأة وإجرائية الكراطة..
ومن حق أحياء البيضاء ودورها أن تدك،وحتى بدرب مولاي الشريف، ولا عزاء للتاريخ ولا الجغرافيا ..والأمطار مقدسة لا يعاب عليها ولا تلام، وهي الغيث من عند الله ،فلا خرج ولا حرج ولا ضرر ولا شكوى ...وليدهب أصحاب الدور إلى الثلث الخالي حيث لا مطر...والعيب فيهم هم من سكنوا دورا متهالكة وسكتوا..واليوم السماء تنوب عن المسؤولين في إفراغ المنازل التي تشكل خطرا على الأمة ، وتنوب بمطرها المقدس عن المفتشين في تتبع الملفات والمشاريع والتفويتات والأتاوات والصلاحيات والاصلاحات والهندسات والتلاعبات والسمسرات والمسؤوليات ...
مطرنا ليس غيثا بالمرة ...و نحتاج لغيث لا تمطره السماء بالمرة.