إنني لأزعم أن عدم تحول مجتمعنا لدولة حق وقانون، فضلا عن انعدام الإرادة، ابتداء (البدوقراطية)، وكذا تلك العاطفة التي تكون بحسن نية، لكنها تستغل من قبل البعض في التدافع، وعدم قابلية العقل القبلي والسلطوي معا... للمساواة، بين (ولد البلاد) و(البراني)، بين ابن الفقير وابن الغني، بين المسؤول و(المواطن)...، إضافة للشكلانية التي تغلب على التشريعات، وكذا الانتقائية في تطبيقها في كثير من الأحيان، لكن يتضح أن العقل القانوني يغيّب، من قبل من يفترض فيهم العكس، ولكم يجدر وينتظر (بالصحافة الجادة والإعلام عموما) أن يلعب هذا الدور دونما تطبيل لا بناء ولا أساس له.
فأولا: إن بعض من أولئك الذين قاموا (بمسرحية) الذهاب بعلب البيض للرجل، وأسطر على كلمة بعض (َمع احترامي لبعضهم الذين انطلت عليهم اللعبة عاطفيا)، غلبوا ركوب الموج بسياسوية، لا هي دفاع عن حق ولا هي أي شيء غير شد الوتر، سيما إذا كانوا من تيار دأب على مثل هذا الركوب، وبهذا تصح قولة: (من لا يمارس السياسة تمارس عليه) وأضيف (تمارس به).
ثانيا: وأما فيما يتعلق بالسيد (صاحب الشركة)، فإن القانون يعطيه الحق للدفاع عن حقوقه الشخصية (مهما كان)، والتماس رفع الضرر، حالة انعدام تضارب الأقوال، وإلا فإن الأمر موكول للقضاء وحده، لكن نسأل الله ونسأله أن يغلب الرؤية الاجتماعية بالتنازل، وإلا فذلك حقه المكفول شرعا وقانونا، ما دام هناك اعتراف من قبل المشتكى بها، وإلا فللقضاء صلاحيته في التقدير.
ثالثا: لكن لكم نتمنى أن يسوي السيد المعني وضعية عماله الكلية، واحترام القوانين المعمول بها في المادة الاجتماعية، بمعية كافة المقاولين المشتغلين في هذه الأرض، وإلا فينبغي على المسؤولين بهذه البلد أن (يشغلوا) ذاكرتهم لاستعادة حالة الارتباك التي خلفتها (جائحة كورونا)، والواقع الذي ما كنا نرى عراءه لولاها (وضعيات هشة وفقيرة).
رابعا: ولكم نتمنى، بما أن (المعني بالأمر) ناشد خصومه بعدم إقحام صفته البرلمانية في هذا الملف، ألا يقحم هو (الإحسان) في السياسة، فأن يتخلى عن تعويضاته البرلمانية، ويشهرها في وجه خصومه كما يزعم، فذلك ليس بالصائب، وإلا فإن البرلمان لن تلجه إلا طبقة (المال)، التي لها القدرة على فعل ذلك، ولن تلجه إلا الطبقة التي تستغني عن المال بالوضعية الاعتبارية التي تمكنها من قلب تمثيلية المواطنين إلى تمثيلية المصالح.
لذلك وضع التعويض كفلسفة عامة ساهم فيها العمال تاريخيا، في النظم المقارنة، وأدعوا الرجل بكل احترام للعودة إلى هذا، وأعتقد أنه يجدر به معرفتها، لكي لا يغلب المنطق الشعبوي على الخطاب ولنا في (الترامبية) مثال، ولكم سيكون العمل الحزبي والسياسي قائم على (الانتهازية) وموقوف على من يدفع أكثر، بشكل يساهم في تمييع (المشهد).
وأخيرا: فبصفتي ابن هذه المنطقة لكم يسعدني، وهذا رأي شخصي لا ألزم به أحد، أن أرى مستثمرين (كالسيد المعني)، رغم اختلافي السياسي معه، بها ولكم هو جدير بالمسؤولين تهيئ الظروف لهم، ولكن سنكون سعداء أكثر لو احترمت الحقوق وطبق القانون وغلبت المواطنة.
- محمد خليفة/ طالب باحث في سلك الماستر