محمد شهبي.. عدْ إلينا سريعا.. غيابك سارقٌ للابتسامات!!!!!

محمد شهبي.. عدْ إلينا سريعا.. غيابك سارقٌ للابتسامات!!!!! الدكتور محمد شهبي
زيارتي إلى مصحة العين كاليفورنيا لا تخلو من طقوس تعودت عليها. أدخل عبر البوابة التي يعبر منها المرضى، تقود مباشرة إلى قاعة الانتظار بالطابق التحتي.
أتفحص وجوه المرضى بالقاعة الفسيحة.. صمت مريب بالمكان، يختلف عن المرات السابقة. بضعة مرضى فقط يتبادلون نظرات الفضول. 
ماذا حل بهذا المكان؟ سحابة حزن تخيم هنا.. حتى المرضى يتحدثون بعيونهم فقط.
شاب يسأل موظفة الاستقبالات عن إجراء فحص فوري.. طلبت منه الانتظار إلى أن يحين دوره. كان يضغط على بعض الأوراق النقدية. سألها:
 - كم ثمن الفحص لا أملك إلا 300 درهم؟
ابتسمت الموظفة في وجهه وهي تقول له:
 - كافية وبزيادة.. هل تملك تأمينا صحيا؟
أجاب بسذاجة:
 - نعم.. أريد أن أقول لا… كنت في السابق أملك تأمينا صحيا، لكني اليوم أبلغ من العمر 23 سنة
جلس في مكان قريب، قبل أن يعود ليسأل الموظفة من جديد:
 - هل سيفحصني الدكتور شهبي؟
ردت عليه الموظفة:
 - لا سيفحصك الطبيب المداوم
ارتبك الشاب كأن نحلة لسعته، وقال لموظفة الاستقبالات:
 - المرجو أن تلغي الموعد.. إما أن أرى الدكتور شهبي أو أنصرف
كنت شاهدا على هذا الحوار في انتظار الصعود إلى الطابق العلوي لزيارة الدكتور محمد شهبي الذي يختزل كل هذه البناية الزجاجية الفارهة. الإنسان من يصنع قيمة المكان.. كل الجدران اللامعة بمصحة كاليفورنيا.. بلاط الأرض الرخامي.. الأبواب المتينة.. المقابض النحاسية.. الزجاج الذي ترى فيه وجهك كالمرآة… كل هذه الإكسسورات لم يعد لها معنى وأصبحت خالية من الحياة وقائد "سمفونية" مصحة كاليفورنيا ينازع المرض. نحن من نبث في الجدران الصامتة الحياة. زيارتي الثانية في ذلك اليوم لمصحة كاليفورنيا صادفت يوم عمل، لكنها لم تختلف عن الزيارة الأولى التي كان يوم عطلة.
أصبحت الأيام تتشابه بالمصحة بعد إصابة الدكتور محمد شهبي بفيروس كورونا.. كآبة تسود بالمكان. ابتسامة الدكتور شهبي هي ما كانت تمنح مصحة كاليفورنيا وهجها وألقها وعنفوانها. يوم غادر شهبي مصحة العين أنوال كانت بداية توقيع شهادة إعدام أشهر مصحة عيون بالمغرب.. من يمر اليوم أمام ذلك المكان لا يشاهد إلا "ظلال" مصحة وبناية من حجر وطوب. 
مصحة العين كاليفورنيا تختنق فيها الأنفاس، عيون الممرضات يطفو فيها الحزن وتسبح بها الدموع.. النظرات منكسرة.. الأصوات واهنة.. لا تسمع إلا ثرثرة الصمت.
محمد شهبي يحمل على ظهره مصحة العين كاليفورنيا.. أي عثرة يختلّ توازنها.. أيّ سقوط ينهار كل شيء، لذا كل العيون تحرسه.. كل القلوب تجفل عند زفرة ألم. 
محمد شهبي يشبه "هرقل" لا يئنّ ظهره تحت الأثقال، واجتاز كل الاختبارات والدسائس والفخاخ.. كورونا بالنسبة له مثل وخزة ريشة.
محمد شهبي ماذا فعلت بهذا المكان؟ أي سحر نثرته هنا؟ فعدْ إلينا سريعا.. اكسر أغلالك.. غيابك سارقٌ للابتسامات.