تجمع ملكيتنا علاقة متينة بالمكون اليهودي أو ما يصطلح عليه في دستورنا "المكون العبري"، وهو رافد من روافد الثقافة المغربية الغنية وجزء لا يتجزأ من الحضارة المغربية العريقة.
لقد بنى ملوك الدولة المغربية، على امتداد التاريخ، مشروعية حكمهم على مبادئ الحق في الاختلاف والتعبير والحق في التعددية الفكرية والممارسة الحرة للعقائد والديانات، فكنا ملجأ للمظلومين، وبلدا يحتمي به المقهورين.
لقد كانت الدولة المغربية العريقة إحدى الدول القلائل التي تنصر الحق، فحمت مواطنيها اليهود من بطش الألمان والفرنسيين والإسبان والمسيحيين، وسجل تاريخنا المجيد أننا كنا السباقين للاعتراف بأمريكا كبلاد حرة غير مستعمرة.. وسجل لنا التاريخ بمداد من فخر واعتزاز مواقفنا البطولية تجاه القضية الفلسطينية قضية المسلمين الأولى، فترأس جلالة الملك المغفور له الحسن الثاني لجنة القدس، ودافع تحت قبتها عن المقدسيين، وجعلها آلية دولية للضغط على الغرب من اجل حفظ وصون مقدسات المسلمين، ولعب المغرب بحنكة الملك الراحل دورا محوريا في الحفاظ على الحوار بين الإسرائيليين والفلسطينيين .
لقد كان مغربنا الحبيب بقيادة ملوكه الأشاوس بلدا حرا ومستقلا يضرب له ألف حساب، ولقد شاهدنا كيف أن جلالة الملك محمد السادس استقبل وفدا أمريكيا إسرائيليا، وكيف أن أحد أبرز القادة الإسرائيليين يقدم فروض الولاء والطاعة لأمير المؤمنين حامي الملة والدين، فكانت المقاطع التي ظهر فيها بنشباط وهو يردد بكل احترام وتوقير كلمة "الله يبارك في عمر سيدي" دليل قاطع على المكانة القوية للمغرب شرقا وغربا.
لو قال تلك الجملة مواطن مغربي آخر، مسؤولا كان أو غير مسؤول، سيكون الأمر طبيعيا؛ لكن أن يقولها مسؤول أمني بارز بإسرائيل وأحد أهم الشخوص التي يقام ويقعد لها في الشرق الأوسط، فذاك دليل أن الملك محمد السادس له مكانة خاصة في قلوب الجميع.
كيف لا والرجل منذ اعتلائه عرش أسلافه الميامين يسعى للسلم ويقيمه ولا يحشر أنفه في قضايا الغير؛ يبحث لمواطنيه عن التنمية ولا غيرها، عن التقدم والازدهار ولا غيرهما.
ملكنا الحبيب يستحق اكثر من كلمة "الله يبارك في عمر سيدي" لأنه بكل بساطة إنسان متواضع يشتغل في صمت ويحب الخير للجميع، وحتى حروبه ضد أعدائه كلها سلم.. فها هو قاد بحكمته عملية عسكرية لفتح معبر الكركرات أمام حركة المدنيين، فلو كان ملك آخر آو رئيس آخر لشاهدنا حربا حقيقية ودما وشهداء؛ لكن محمد السادس قائد السلم، الذي قيل إنه أشرف هو شخصيا على اجتماعات عسكرية بقلب القيادة العامة للقوات المسلحة الملكية، والنتيجة فتح معبر الكركرات في دقائق، وردع العصابة، وجلب اعتراف أمريكي تاريخي وملايير الدولارات كاستثمارات، إلى جانب اعترافات تلو الاعترافات بمغربية الصحراء.
وبقيادة حكيمة وتبصر قل نظيره تمكن الملك محمد السادس من قيادة مفاوضات مهمة مع الأمريكان وكسب رهان الصحراء المغربية التي تسيل لعاب الاعداء؛ وها هو سيطلق مسيرة النماء الجديدة.. إنه فعلا ملك يستحق أن يقول له العالم أجمع "الله يبارك في عمر سيدي".