عاطف أحمد: النفاق الاجتماعي ومَأْسسة الدين

عاطف أحمد: النفاق الاجتماعي ومَأْسسة الدين عاطف أحمد

المسلمون حاليا منغمسون في التديّن السطحي والريائي وشكلياته، فهم همشوا التديّن الجوهري، والدين عندما يتحول لأسلوب حياة تكسبي قيمي، يحظى به الشخص بمكانة واحترام في مجتمعه ويتحوّل إلى طقوس اجتماعية عاداتية وتقليدانية، هدفها الغالب كسب رضى الناس والحفاظ وتحقيق مصالح معنوية بل ومادية أحيانا، وبذلك يصبح رضى الآخر هو الهدف الأساسي والخوف من العقاب الجماعي والقانوني محركا للالتزام الديني في الظاهر، وبذلك تتحول حتى العبادات لمراسم وعادات تفقد قيمتها والهدف منها بالأساس، وتتحول لمحاكاة قيمية جماعية هدفها الكسب الدنيوي أولا، لأنها مربوطة بفكر الترهيب والترغيب، أي فكر العصى والجزرة وبذلك يسيطر الخوف والتخوف من ذات الإلهية ومن المجتمع أو السلطة التي تتقمص دور الله فوق الأرض لترسخ استعبادها للناس وتفرض عليهم سياستها حتى تضمن سيطرتها وتربط ولائها بالشرع وعصيانه بالكفر والخروج عن ولي الأمر.

 

هذا النمط الدكتاتوري الغالب في عالمنا العربي يتخذ شكلا أوليغارشيا ضاربا في القسوة فمن خلاله تسيطر عائلات وفروعها وتوابعها على الثروة والحكم باسم الدين، وحيث يصبح الدين كإكسير شاف للمجتمع نفسيا وروحيا، مجرد وسيلة سياسية قذرة في يد مالكي مؤسسته الرسمية ويتمأسس سياسيا ويفقد جوهره وقيمته وهدفه وتأثيره الإيجابي فتتراجع الأخلاق والقيم ويصبح النفاق الاجتماعي والرياء هو السائد فيستخدم كل فرد الدين كوسيلة محاكاة للسلطة وتعبيرا لا شعوريا عن قمعه وكبته منها ويطبقه على أي مخالف للنسق ويصبح الكل وصيا على الكل، يجلدون من يفكر ويحاول الخروج أو الاختلاف مع النسق الاجتماعي الترهيبي السائد، وبذلك يفقد التدين والالتزام قيمته لأنه مبني لا شعوريا على الخوف والكره لا على الإيمان الحقيقي إيديولوجيا، ويتخذ غالبا هذا نسق طابع اكتسابيا وراثيا أعمى ومتدرج فيضيع الدين والمتدينون الحقيقيون ويفقد المعنى والغاية السامية التي من أجلها جاء الدين... لأن الدين قبل كل شيء قلب حي وضمير يقظ وسريرة صافية ومحبة للخلق وللخالق هدفها دفع المفسدة وجلب المنفعة وتحقيق السعادة لا العكس الذي أصبحت تعيشه مجتمعاتنا الإسلامية زيفا...