إلى عامل أسفي.. ننتظر أن تضخوا الحياة في قلب أيقونة العيطة الشيخ الداهمو الذي أوجعه النسيان

إلى عامل أسفي.. ننتظر أن تضخوا الحياة في قلب أيقونة العيطة الشيخ الداهمو الذي أوجعه النسيان الشيخ ميلود الداهمو والعامل الحسين شينان( يسارا)
بصفتي مهتم بتراثنا العيطي وكنوزه الثمينة التي راكمها عمالقة العزف والغناء من إيقونات شيوخ وشيخات منطقة عبدة عامة وأسفي عاصمة المحيط خاصة، أثمن نداء التضامن الذي دونه امحمد الدحماني بمداد الألم والحزن، و رفع التحدي لمناصرة أحد أعلام هذا الفن الراقي والجميل، الشيخ ميلود الداهمو الذي يكابد ويقاوم الفقر والمرض والقهر الإجتماعي في زمن الأصوات البئيسة وضجيجها الممل والمقزز.
"اليوم زرت الشيخ ميلود الداهمو بمنزله  جنوب مدينة آسفي بعدما تناهى إلى علمي مرضه هذه الأيام عن طريق إبني نزار الدحماني الذي اطلع على فيديو له بمقر إقامته بالولايات المتحدة الأمريكية حول أوضاعه الآن". يوضح امحمد الدحماني المولوع بالعيطة العبدية والتي سكنت قلبه واستوطنت عروقه وتنسم عطرها ترابا وماء وشمسا في حقول عبدة الساحرة في كل فصل السنة.
 
سكان أمريكا في أقاصي الكرة الأرضية في زمن منصات التواصل الإجتماعي علموا بمرض الهرم الشيخ الداهمو وهو يصارع المرض ويحتاج لجرعات من الأمل مقابل ما أسداه لتراثنا اللامادي على مستوى "فن العيطة"، لكن عامل إقليم أسفي ورؤساء مصالح عمالته، وبرلمانيي المنطقة، ورؤساء المؤسسات المنتخبة، وقطاعات الوزارات ذات الصلة لم تعلم بالنبأ المخزي والأليم والمحزن..للأسف
 
في نداءه أضاف الدحماني (العبدي) قائلا: "الشيخ ميلود الداهمو يعتبر من الرعيل الأول  لحفاظ متون العيطة الحصباوية الأصيلة بآسفي، وآخر من بقي على قيد الحياة..وعلى يديه تتلمذ العديد من فناني العيطة الممارسين حاليا..من أمثال الشيخ جمال الزرهوني وغيره..هو الآن كما عاينت هذا المساء يعيش ظروف صحية طارئة وكذلك ظروف معيشية على قد الحال". 
 
نعم إن الشيخ الداهمو، بعد الراحل الشيخ الدعباجي والفنانة عيدة، هو الذي يرجع له الفضل كحافظ ومؤدي لعيطة "سيدي حسن" (الصعبة الأداء) و التي حصن كلامها وتم إحيائها اليوم والتغني بها من طرف مجموعة من الفنانين، هو الذي حفظ عن ظهر قلب كل نظمها الشعري
 
في سياق متصل وجه الدحماني نداءه إلى عامل إقليم آسفي "لكي يرى بعين الرحمة في حال هذا الفنان الشعبي وتسليمه على الأقل بطاقة إنعاش يقتات بها إلى حين يأتي أجله.."
 
و لم يفته أن يوجه نداءه إلى بعض الفنانين من خارج آسفي "أذكر منهم عبد العزيز الستاتي والفنان حجيب المعروف بكرمه اتجاه الفنانين وآخرون من أجل تقديم المساعدة للشيخ ميلود الداهمو وعدم تركه يصارع المرض والفقر وحيدا"
 

 
 
 
هل إلى هذا الحد تنكرت إدارات ومؤسسات وقطاعات ومصالح وشركات "أسفي" لهذا الرجل الهرم، الذي كان يؤثث حفلاتها ومهرجاناتها ومواسمهما هنا وهناك دون أن يقايض إتحاف مسامع عشاق فن العيطة، إلا بما يجودون عليه من دريهمات يتفرق بريقها مباشرة على مول الحانوت، ومول الدجاج، ومول لكرا، ومول الفرمسيان...والخضار وهلم كريديات ؟؟
هل تنتظرون نعي موته لترافقوا جنازته في زمن كورونا إلى قبره تدرفون دموع التماسيح على موته "المفاجئ...وتتحدثون عن كعبه العالي في الحفاظ على متون العيطة وعزفه الإحترافي وصوته العبدي الساحر؟ 
كفى من الاستهتار بحقوق رجالات فن العيطة والموسيقى التقليدية بأسفي، إنهم يموتون تباعا دون أن تتحرك فيكم عاطفة الإنسانية قيد أنملة، ردوا لهم ولو جزء بسيط مما قدموه من صناعة للفرح والفرجة للشعب المغربي.
بدوري أوجه ندائي لنساء ورجالات أسفي وما أكثرهم في مختلف المهن والوظائف و المناصب والمواقع... إن أبا ميلود الداهمو (بازهار) اليوم يحتاج إلى رعاية صحية في هذه اللحظة الحزينة، والتفاتة لأسرته الصغيرة التي تكابد وتعاني كل ساعة في انتظار الفرج القادم من وراء مكاتب مكيفة أنساها التهافت على المال والجاه معنى الضمير الإنساني وثقافة العرفان.
مؤلم أن نترك الرجل يصارع المرض والفقر والموت الذي اختطف الكثير من الأرواح الطاهرة، دون أن نودعه بكرامة وإنسانية واحترام وتقدير لما أسداه للثقافة والتراث الشعبي منذ نعومة أظافره.
فهل يتحقق حلم "الدحماني" ومعه حلم كل العبديين الذين يعرفون معنى أن تكون وفيا لنداء العيطة، وهل يصحوا ضمير القائمين على الشأن الإقليمي بأسفي وينثرون ورود الوفاء ويدخلون ابتسامة الفرح على قلب أوجعه النسيان.؟ أم أننا سنردد مع خربوشة قولها مخاطبة القائد عسيى بن عمر: "أليام أليام..أيام القهرة والظلام....تعديتي وخسرتي لخواطر....ظنيتي لقيادة للدوام".