يعتبر فعل القراءة لصيق بعملية الكتابة، من أجل القراءة يجب الكتابة ومن أجل الكتابة يجب القراءة وبالتالي, يمكننا أن نشبه هذه المسألة كالوضوء والصلاة عند المسلمين لا يمكنك أن تكتب إلا إذا طالعت وقرأت، لكن المقاربة الكبرى ليست هي الكتابة بحد ذاتها بل لغة الخطاب، بحيث العربية التي تعتبر أصعب لغة في العالم.
الكثير من المبدعين يعتبرون العربية لغة درس فقط، والفرنسية أو الانجليزية هي لغة الإبداع، بل منهم من لا يجيد الحديث بها حتى في التصريحات الإعلامية الرسمية، وهذا عار على جبين الأمة العربية لا أقول الإسلامية، هنا سيفتح نقاش آخر ألا و هو "تنكر العرب للغتهم " في حين هناك أجانب كثر من يعشقون هذه اللغة التي بها خط كبار الكتاب أفكارهم، بل و هي لغة القرآن الكريم، هل كانت أفكار سقراط ستصلنا لولا العربية؟ أكيد لا فالعربية التي يتحدث بها أزيد من 400 مليون شخص في العالم, تحتوي على أكثر من 12 مليون كلمة، مسؤولون حكوميون يتحدثون بلغة من استعمرهم و ذا نابع من تغلغل سلطة الاحتلال, نحن لسنا ديكتاتوريين ولسنا هتالرة ( نسبة إلى هتلر) نحن فقط لنا غيرة على لغة اغتصبت ونكحت، بل و هناك من نسي أنه عربي، ومن هنا يمكننا أن نحيط ضمنيا قضية العالم العربي الذي نسي وجوده وبدأ يوقع اتفاقيات السلام مع كيانات غير موجودة بل وهي في غنى عن توقيعنا إذا لماذا هذا التوقيع الجبان؟ بكل بساطة لأن كل من لم يعترف بهويته فهو قد ننعته بذلك الشيطان الأخرس الذي وسوس لأبينا آدم عليه السلام، ليست لغة قدحية أكثر ما هي لغتي وأسلوبي في طرح مشكل الهوية التي اندثرت فمنهم من تشبع بالفكر الماركسي أو الهيجلي أو الأرسطي ولم يتشبع أحد بالفكر الفارابي أو الجاحظي أو الخلدوني، إنه مشكل منهج و قيم دولة و نظام الذي لا يشجع القراءة لأدباء ومفكرين عرب، بحيث العديد من المفكرين الذين كان لهم الفضل في العديد من الأشياء يعترفون أن مرجعهم هو ابن خلدون على سبيل المثال، و أكيد أن مصدر عديد الفلاسفة الحداثيين هو القرآن الكريم الذي استنبطوا منه فكرة عامة و أسسوا لفكر يضرب في عمق القضية، لماذا يوم واحد للغتنا العربية التي تغتصب، هناك من يقتل البشر وهناك من يغتال اللغة على الأقل المقتول يعلم أنه سيقتل ولكن المغتال لا يجد حلا ولا يعرف لغة اغتيلت على يد حامليها.
في جانب أكثر إيجابية أيضا لنا مفكرين و كتاب كتبهم تنتشر ولا تندثر أبدا و بكتبهم بلغوا العالمية، كتبوا باللغة العربية، على سبيل المثال "الخبز الحافي" لمحمد شكري الذي كتب في الأول باللغة الاسبانية ولكن النسخة العربية هي التي عرفت و أثارت جدلا كبيرا في المغرب وتم منعها لأنها كانت تتحدث عن الواقع المرير الذي يعاني منه مغاربة الستينات والدكتور عبد الكريم برشيد المسرحي الفذ الذي يكتب بالعربية الدكتور فهد الكغاط والدكتور محمد الوادي و الدكتور عبد الرحمان ابن زيدان والدكتور صبحي فحماوي والعديد ممن يعتبرون الأوجه الإعلامية للغتنا التي حاولوا قتلها ولا تمت بل ماتت و جاء يوم بعثها قبل أن نبعث، بل وكانت في عصر النور والآن فهي في عصر الزمرد هذه هي اللغة التي نكحت و حاولوا أن يفتضوا بكارتها، باستخدام أساليب جديدة في التعليم بل و تحويلها إلى دارجة عامية.
لا يمكننا أن نصمد و نصمت،هل يعقل أن لنا برنامج تلفزي في قناة مغربية يخاطبون المغاربة و المغاربة يؤدون ضرائب من أجل مشاهدتها وفي الأخير لغة الخطاب فرنسية و الترجمة بالكتابة بالدارجة, إن اللغة العامية لا يمكنها أن تطور المنتوج الإبداعي الفكري, طالما حلمنا بثقافة مستقلة نصدرها لمن شئنا وتكون عربية تكتسح كل الأرض وتكون لغة كونية، طبعا قطعنا أشواط كبيرة وترجم سيد الكتب ورب الكتب "القرآن الكريم" إلى عشرات اللغات فالدارسين للدين الإسلامي يفتخرون به ولو أنهم لا يعتنقون الحق إلا أنهم يقرأون ما قاله الحق.
سأعيد هذه الجملة التي قلتها في مقالي بمناسبة اليوم العالمي للغة العربية "عذرا يا عربي، عذرا يا كردي،عذرا فرنسا ابتلعت الضاد وأهدتكم.