لزرق: الخيار الديمقراطي يقتضي بناء علاقة ثقة بالمؤسسات

لزرق: الخيار الديمقراطي يقتضي بناء علاقة ثقة بالمؤسسات
لإنجاح التحول الديمقراطي ينبغي التوفر على العديد من المقومات التي تقوي المؤسسات، وإعمال سيادة القانون، واستقلال المؤسسة القضائية، كما يقتضي كذلك وجود نخبة سياسية تتحمل المسؤولية، في الإدارة والإعلام، إضافة إلى إصلاح المنظومة الاقتصادية وتحقيق التنمية الاجتماعية.
وما نعاينه اليوم هو استغلال هذه الفجوة من قبل بعض المحسوبين على الحقوقيين الذين كونوا شلة، تحاول أن تلعب على وتر المزايدة لتنال حصانة تحول دون متابعتها قضائيا على أفعال إجرامية، فهم لا يقبلون المحاسبة ويتصرفون وفق المنطق القبلي القديم «أنصر أخاك ظالما أو مظلوما» ويريدون تحصينا لكل أعمالهم وإدماج عدم المحاسبة الجنائية.
والحال أن المنطق الديمقراطي يقتضي في هذه الحالة أن يكون القضاء هو الفيصل؛ وأن يقرر هو وحده في نهاية المطاف.
إن التضارب الحكومي، ولعبة المخاتلة التي ينهجها الحزب الذي يقود الحكومة توفر بيئة التشكيك ؛و المسألة لا تقف عند هذا الحدّ، بل في فترات وان كانت متقطعة يوفر لهم الحزب الذي يقود الحكومة الغطاء السياسي.
الأمر الذي يجب معه طرح السؤال عن جدية الفاعل السياسي في تحمل مسؤوليته في تقوية المؤسسات.
إن المخاتلة السياسية لا تقوي المؤسسات؛ والوضوح السياسي هو الضامن لتحول ديمقراطي سليم، الذي يكون بسيادة القانون الذي يعطي هيبة للمؤسسات، فلا سبيل لاستثناء أحد من أعمال القانون.
وهنا يقتضي الأمر التوقف الجماعي، للحسم، مع تلك المجموعات التي تتعاطى مع المؤسسات خارج القانون بإطلاق العنان للتشهير والتحامل دون أن تحرك السلطات المتابعة القانونية.وغني عن القول بأن مثل هذه الأفعال كما يحصل،مؤخرا، تمثل انتهاكا لحرمة المؤسسات، كما تزرع الخوف وعدم الثقة عند عموم المواطنين، من عدم سيادة القانون على الجميع، وما تعطيه بعض الممارسات، والمتمثلة في التأثير على السلطة القضائية، دون متابعة، من انطباع بوجود أفراد فوق القانون وفوق الدولة..
هذه الممارسة تهدم كل التراكمات والعمل الكبير، لتجسير الثقة بين المواطنين والمؤسسات.
كان يفترض من الحكومة الخروج بموقف جماعي، وإدانة كل التصريحات الاستفزازية التي تستهدف الهيئات بطريقة مهينة، وتضرب هيبتها.
إن الديمقراطية مسؤولية، وتكريس الخيار الديمقراطي يقتضي بناء علاقة ثقة بالمؤسسات واحترام تطبيق القانون بين سائر المواطنين؛ ولم يعد اليوم مقبولا، ممارسة عملية الضغط، بالمرة على المؤسسة القضائية كلما تعلق الأمر بمقاضاة أحد من "شلة " المتاجرين بحقوق الإنسان من أجل التغطية على تجاوزات ارتكبها احدهم، لكون هذه الممارسات تساهم في
تراجع رصيد الثقة بين القضاء والمواطن، وهي خسارة للجميع،
فالتصرفات الهوجاء التي يقوم بها بعض من المحسوبين على الجسد الحقوقي، مضرة، وتتناقض مع النضال الحقيقي من أجل دولة الحقوق والحريات.
فالمؤسسات القضائية، لها مسؤوليات جسيمة، لما تجسده من وحدة الدولة والقانون والقوة الشرعية؛ وهذا يفرض على الجميع التحلي بالحس الوطني، في مواجهة بعض السلوكيات غير المقبولة .
إن التسامح المبالغ فيه يشكل خطرا على المكتسبات، لما أضحى ما يمثله ذلك من تجاوزات تكاد تدك دكّا ما بقي من أمل في تكريس دولة المؤسسات.
والمطلوب اليوم الحكمة والصبر والحسم معا، في أعمال التعاقد الدستوري، والأعمال الصارم للقانون، لكون التسامح المبالغ فيه من هنا أو هناك يدفع إلى أزمة جديدة تعيدنا للوراء.